وجه العاهل المغربي الملك محمد السادس، يوم الجمعة 08 شتنبر الجاري، خطابا ساميا إلى البرلمانيين، بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الأولى من الولاية الحادية عشرة. وأوصى جلالته من خلال خطابه المذكور، البرلمانيين والحكومة، بمجموعة من الوصايا التي نعتبرها خارطة طريق للمرحلة المقبلة. وشدد العاهل المغربي، على ضرورة إحداث منظومة وطنية متكاملة ، تتعلق بالمخزون الاستراتيجي للمواد الأساسية ، لاسيما الغذائية والصحية والطاقية ، والعمل على التحيين المستمر للحاجيات الوطنية ، بما يعزز الأمن الاستراتيجي للبلاد، على حد قول جلالته. كما دعا الملك، إلى التحلي بالواقعية ومواصلة العمل، بكل مسؤولية، وبروح وطنية عالية، بعيدا عن التشاؤم، وبعض الخطابات السلبية. وجدد (جلالته)، الدعوة إلى التنزيل الميداني والفعلي للنموذج التنموي، وإطلاق مجموعة متكاملة، من المشاريع والإصلاحات من الجيل الجديد، مشيرا إلى أنه(النموذج التنموي) ليس مخططا للتنمية، بمفهومه التقليدي الجامد، وإنما هو إطار عام، مفتوح للعمل، يضع ضوابط جديدة، ويفتح آفاقا واسعة أمام الجميع. وأوضح الملك المغربي في ذات السياق، أن "الميثاق الوطني من أجل التنمية"، يمثل آلية هامة لتنزيل هذا النموذج؛ باعتباره التزاما وطنيا أمامه، وأمام المغاربة. وطال العاهل المغربي نواب الأمة وأعضاء الحكومة، بأن يكونوا في مستوى المسؤولية الوطنية الجسيمة الملقاة على عاتقهم، لأن تمثيل المواطنين، وتدبير الشأن العام، المحلي والجهوي والوطني، هو أمانة في أعناقنا جميعا، على حد تعبير العاهل المغربي. وقال جلالة الملك،إن النموذج التنموي يفتح آفاقا واسعة، أمام عمل الحكومة والبرلمان، بكل مكوناته، مضيفا أن الحكومة الجديدة مسؤولة على وضع الأولويات والمشاريع، خلال ولايتها، وتعبئة الوسائل الضرورية لتمويلها، في إطار تنزيل هذا النموذج، وهي مطالبة أيضا، باستكمال المشاريع الكبرى، التي تم إطلاقها، وفي مقدمتها تعميم الحماية الاجتماعية، التي تحظى برعايتنا. وفي هذا الإطار يضيف جلالته، يبقى التحدي الرئيسي، هو القيام بتأهيل حقيقي للمنظومة الصحية، طبقا لأفضل المعايير، وفي تكامل بين القطاعين العام والخاص، وهو نفس المنطق، الذي ينبغي تطبيقه، في تنفيذ إصلاح المؤسسات والمقاولات العمومية، والإصلاح الضريبي، وتعزيزه في أسرع وقت، بميثاق جديد ومحفز للاستثمار، يؤكد الملك. من جهة أخرى، دعا الملك إلى إجراء إصلاح عميق للمندوبية السامية للتخطيط، لجعلها آلية للمساعدة على التنسيق الاستراتيجي لسياسات التنمية، ومواكبة تنفيذ النموذج التنموي، وذلك باعتماد معايير مضبوطة، ووسائل حديثة للتتبع والتقويم. وأوصى جلالة الملك، الحكومة والبرلمان، الأغلبية والمعارضة، بتحمل مسؤولياتهم بجانب جميع المؤسسات والقوى الوطنية، لإنجاح هذه المرحلة، من خلال التحلي بروح المبادرة، والالتزام المسؤول، مشيرا إلى أن بداية هذه الولاية التشريعية، تأتي في مرحلة واعدة، بالنسبة لتقدم المملكة. ولم يفوت العاهل المغربي الفرصة، ليشيد بما وصفه التنظيم الجيد ، والأجواء الإيجابية ، التي مرت فيها الانتخابات الأخيرة ، وبالمشاركة الواسعة التي عرفتها ، خاصة في الأقاليم الجنوبية ، معتبرا أنها كرست انتصارا للخيار الديمقراطي المغربي ، والتداول الطبيعي على تدبير الشأن العام ، فالأهم ليس فوز هذا الحزب أو ذاك، لأن جميع الأحزاب سواسية لدينا، يقول جلالته، مضيفا أن بداية هذه الولاية تأتي في الوقت الذي يدشن فيه المغرب مرحلة جديدة ، تقتضي تضافر الجهود ، حول الأولويات الاستراتيجية ، لمواصلة مسيرة التنمية ، ومواجهة التحديات الخارجية.