في تدوينة استهلها بالدعاء (اللهم ارحم موتانا و شاف مرضانا ...)، تحدث البروفيسور المعروف عز الدين الإبراهيمي عن حزنه كباقي المغاربة، كما تحدث عن إصابة والده بكوفيد 19، وقال: "كجميع المغاربة حزين جدا، و أنا أرى هذا العدد الكبير من الوفيات و من مرضى الكوفيد.... و ليلة الإثنين و أنا أضع أبي بأحد المستشفيات العمومية للتلقي العلاج من الكوفيد ... وجدتني كجل المغاربة بدون سيطرة عن الوضع... و كشخص و إنسان من لحم و دم... أدخل دوامة اللامجهول و حالة اللا يقين مع مرض والدي... و وجدتتي في الثانية ليلا أمام مستعجلات إبن سينا... أكرر نفس السؤال... كيف وصلنا إلى هذه الحالة... و كيف طبعنا مع المرض و الموت الناجم عن الكوفيد.... كيف كانت حالة مرض و وفاة واحدة تؤرقنا... بينما اليوم أكثر من مئة وفاة لا تحرك ولو شعرة فينا... و هذه التدوينة قراءة و تحليل شخصي لهذه الوضعية.. الإبراهيمي تعرض لإشكالية "المواطن والإنضباط"، وصور بعض المشاهد المؤلمة والخطيرة في نفس الوقت من حياتنا اليومية الصيفية وكتب: " المواطن و الانضباط... و مرثية موتى الكوفيد...الصيف و رائحة الموت تزكم نفوسنا و تنفسنا .... و مرضانا حيارى بين العلاج و اللقاح بين المستشفيات ... و قبل لقائهم في كثير من المرات، موتى في دور العزاء... و حولهم كل المكلومين يتوجعون بالفراق... و من بينهم حشد من المصابين المعزين المنتظرين لدورهم بين المرض أو الموت... بين كل هذا... يتراءى لك عدم الاكتراث يخدش و يتحرش و يستفزك في كل مكان.... و كأن لا خطابنا الترهيبي و لا الترغيبي يجدي.... نعم ففي قرار جماعي... قررنا أن نعيش صيفنا على هوانا بين موتانا و مرضانا.... بلا هوادة نزدحم.... بحب كبير للمغامرة نصطاف و نلهو... و بمجازفة نخالها محسوبة نزهى بالمعايدة و المعانقة... و نصطف على شرفات المقاهي و نملأ المطاعم... بين المصطافين نتباهى بصحتنا و الموت يرقبنا و الفيروس يتربص بذواتنا... هذا هو المهم لدينا هذه الأيام... و حالنا يقول ما الضير أن نلهو بين موتانا و مرضانا.... فليكن... فقد قررنا أن لا نرى الوباء... فكورونا لا تصيب إلا الضعفاء منا.... فليذهبوا عنا فقد سئمناهم.... ضجرنا من الاعتناء بهم..... لقحوهم أو استشفوهم و دعونا ليفنا... لقد قررنا أن نعيش حياتنا ف هاد الصيف و اللي بغى يكون يكون... فلن ينفع معنا لا خطاب الترهيب و لا خطاب التحليل.... و لا الجزرة و لا الجزر.... البروفيسور عز الدين تطرق لتدبير الأزمة وقصة سماها "حيدنا اللومة علينا"، وهو هنا تحدث على لسان المسؤولين انفسهم، وكيف يتعاملون مع القرارات والتوصيات، وكذا الإكراهات التي تلزمهم بالمزاوجة بين الطبي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي وغيره... وكتب: "الجزر و الحجر... و قصة حيدنا اللومة علينا إن لسان حال مدبري الأمر العمومي هذه الأيام هو... باتخاذنا لبعض التدابير التشديدية ... فقد قمنا بما يجب... إن حال مدبري الامر العمومي هذه الأيام يقول... درنا اللي ف جهدنا و هاد الاجراءات تكون كافية و لا اللا... هادشي اللي عطى الله... و لن نشدد في الوقت الراهن... أظن أن لهم جل المعطيات و التوصيات من كل اللجن و جميع السيناريوهات... و كلي ثقة أنهم على ضوء كل هذا اتخذوا قرارات تدمج بين ماهو صحي و اقتصادي و مجتمعي و أمني و خارجي و.. و..و ... و كلي ثقة أنهم يكترثون أكثر مني بوفاة أكثر من 100 مغربي كل يوم ... و متأكد أنهم يجيبون كل يوم على هذا السؤال هل الاجراءات الحالية، كافية في مواجهة هذه الأزمة..." عز الدين وككل مرة لبس رداء العالم الموجه والمنتقد وقال: " وحتى نكون منطقيين مع أنفسنا... في غياب ثقافة الانضباط و عدم فرض الانضباط...و حتى نبقي على مصداقيتنا العلمية... أظن أن مقاربة الخمسين خمسين يجب تعميمها على جميع القطاعات... لا يعقل أن نفتح المقاهي و المطاعم التي لا تحترم الخمسين في المئة و نغلق الحمامات و النوادي الرياضية... لا يعقل أن لا نحترم التباعد في وسائل النقل و نمنع الاعراس و الحفلات لنفس السبب.... و نترك البوادي مرتعا للفيروس بتنظيم جميع أنواع الاحتفالات...بما أنا طبعنا عن اختيار أو مرغمين مع الكوفيد... فلنبق و نحافظ على الأقل على مصداقية قراراتنا و مقاربتها العلمية... لنكن صرحاء ... الحقيقة... ... المغاربة لا يريدون الاستماع لخطاب السلوكيات، و لا مدبرو الأمر العمومي في الوقت الراهن (و أتمنى أن أكون مخطئا) يريدون فرض الانضباط و لا الحجر الجزئي و لا التشديد... و المقاربة تبدو، اليوم، أننا سنحاول أن نصل إلى المناعة الجماعية دون ذلك... و فقط ... فقط .... بتسريع وتيرة التلقيح ..... و بالتطبيب فقط.... و اللي مات الله يرحمو... و عليه فيجب ترشيد خطابنا و نمحوره حول العلاج و التلقيح... حتى نصل إلى مصاف الدول التي عادت إليها الحياة الطبيعية بفضل نسبة التلقيح (مقارنة في المنحنى المرفق)...و هذه هي النقطة المضيئة... فبتوفرنا على مخزون مهم من اللقاحات ... حان الوقت لطرح السؤال الأهم هل نعزز مناعة المسننين و الأطر الصحية بجرعة ثالثة معززة لحمايتهم من تطوير الحالات الحرجة كما تفعل كل الدول (المنحنى منقول من صفحة البروفيسور أديب الغسان)... أو نلقح لفئة أقل من 18 سنة لكسر سلسلة التفشي... أتمنى أن نتمكن من فعل الاثنين معا في نفس الوقت... حتى نصل لخمسين في المئة من الملقحين تماما في منتصف شهر شتنبر إن شاء الله... في انتظار ذلك و في خضم هذه الموجة ، يبقى الاستشفاء لا حياد عنه بالنسبة للمصابين... فالكشف المبكر ركن أساسي فيه... فمع أولى الشكوك ... اعزل نفسك عن عائلتك.. و مع ظهور أولى أعراض الكوفيد يجب التطبيب... فالتحليلة مكملة للأعراض الكلينيكية و لا تحل محلها... البدء السريع في التطبيب تحت إشراف مختص و احترام ما جاء في البروتوكول المغربي كفيل بشفائك... والذي أنشره كما نشرته الوزارة (المرفق)... وإذا ما أحسست بضيق في التنفس فلا تكابر بل حاول أن تجد أقرب مستشفى للعلاج... أظن أننا سنحتاج الكثير من أسرة الإنعاش و كلي ثقة أن مدبري الأمر العمومي يستبقون ذلك و لا سيما في الأقاليم الشمالية من المملكة و التي تعرف تكدسا خطيرا للمصطافين ينذر بكارثة حقيقية... لا قدر الله... في الأخير...و رغم كل هذا... و رغم واقع حالنا الذي يقول... و سئمنا كمواطنين و مدبرين من هذا المسلسل الذي لا ينتهى... و نجاح الكوفيد في اختراق صفوفنا... و رغم كل هذا فإننا على العهد باقون... و لمحاولة حفظ كل روح مغربية ملتزمون... لن نسكن و لن نهدن وسنواصل... و نستمر حتى نخرج من هذه الأزمة في أقرب وقت ممكن و أقل الخسائر إن شاء الله... حفظنا الله جميعا..."