أعادت وفاة لاعب نجم الشباب البيضاوي لكرة القدم، أثناء اللقاء الذي جمع ،الأحد الماضي، فريقه بمضيفه حسنية بنسليمان، برسم منافسات الدورة ال16 لبطولة القسم الأول هواة (شطر الشمال)، إلى الأذهان حوادث سقوط لاعبين مغمى عليهم على أرضية الملاعب في العديد من الميادين الرياضية عبر العالم. وشهدت كرة القدم المغربية حوادث مماثلة، لوفاة لاعبين على المربعات المستطيلة للملاعب الوطنية، ولعل من أبرزهم يوسف بلخوجة ،لاعب نادي الوداد الرياضي، وجواد أقدار ،لاعب حسنية أكادير، ثم عادل التكرادي لاعب أولمبيك خريبكة. وراح مدافع الوداد البيضاوي، يوسف بلخوجة (شهيد الديربي البيضاوي)، ضحية حادث مؤلم بعد وفاته إثر سقوطه على أرضية ملعب مركب محمد الخامس بالدار البيضاء، خلال لقاء الديربي الذي جمع فريقه بغريمه التقليدي الرجاء البيضاوي سنة 2001 ،برسم نصف نهاية كأس العرش، فيما رحل جواد أقدار سنة 2012 عن عمر 28 سنة، عقب لقاء فريقه حسنية أكدير ضد ضيفه النادي القنيطري، ضمن منافسات البطولة الوطنية. وكانت الأوساط الرياضية فجعت في الرابع من نونبر لسنة 1997، بوفاة اللاعب عادل التكرادي خلال الحصة التدريبية لفريقه أولمبيك خريبكة، بعدما سقط خلال إجرائه إحماءات خفيفة، على أرضية الملعب، ووافته المنية قبل وصوله إلى المستشفى، وحدد سبب الوفاة حينها في سكتة قلبية مفاجئة. فقد بات الموت المفاجيء يشكل مصدر قلق للاعبين في مختلف بلدان العالم، ويعد ابرز هاجس يحير الأطباء والمتخصصين في المجال الرياضي وخاصة كرة القدم، التي تشهد زيادة نسبة الوفاة على المستطيل الأخضر. ومع تفشي هذه الظاهرة في السنوات الأخيرة بشكل يثير الكثير من التساؤلات حول الأسباب وطرق الوقاية، طالب الاتحاد الدولي لكرة القدم ( فيفا ) البلدان الأعضاء بتكثيف الفحوصات الدقيقة للقلب لدى اللاعبين، للتأكد من سلامتهم وقدرتهم على ممارسة الرياضة بشكل طبيعي. كما عبر الاتحاد الدولي لكرة القدم غير ما مرة عن استعداده لدراسة اقتراح بتوسيع برنامجه للفحوص الطبية ليغطي جميع البطولات الدولية، خاصة سنة 2011 بعد وفاة أنطونيو بويرتا ،لاعب اشبيلية ومنتخب إسبانيا وهو في ال22 من عمره، وبعدها بيوم واحد لحق به المهاجم الزامبي تشيسوي أنسوفوا الذي توفي خلال تداريب فريقه. ولعل من أبرز التساؤلات التي باتت تفرض نفسها بشكل ملح، وحالات الوفيات هاته، والتي كان آخرها وفاة اللاعب المغربي الشاب رضى الساقي، هل بات الموت المفاجئ للاعبي كرة القدم يشكل ظاهرة في الملاعب؟. وأجمع ،في هذا السياق، العديد من المتخصصين خاصة في الطب الرياضي وأمراض القلب والشرايين على أن حالات الوفاة أثناء المباريات أو التداريب وحتى ممارسة الرياضة بشكل عام، قد تكون مرتبطة بالإجهاد الذي يتعرض له الممارس، وبعض الأمراض التي تتسبب في السكتات القلبية، كمرض الشرايين التاجي. وفي هذا الصدد، أكد الدكتور نبيل بوجيد، الاختصاصي في الطب الرياضي، أن أسباب ظاهرة الموت المفاجئ لدى الرياضيين بصفة عامة متعددة وتحدث غالبا خلال المنافسات سواء في كرة القدم أو الرياضات الأخرى التي تتطلب جهدا كبيرا، وبصفة أقل خلال التداريب. وقال ،في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن من بين الأسباب الرئيسية كذلك لهذه الظاهرة التي مست في السنوات الأخيرة العديد من الفضاءات الرياضية بالمغرب، إغفال العديد من الأندية إعداد ملفات طبية لرياضييا، وخاصة من المستوى العالي، تمكن من تتبع حالاتهم الصحية وتطور أدائهم وقدرة التحمل لديهم ومراقبة الأمراض الوراثية لديهم إن وجدت والتي تتطور مع التقدم في العمر. ويتضمن الملف الطبي ،بحسب الاختصاصي، الكشوفات السريرية والبيولوجية والفحوصات المتعلقة بالقلب والشرايين، بما فيها التخطيط الكهربائي للقلب، وغيرها من الفحوصات، فضلا عن التحاليل الدورية ، التي تجرى تحت إشراف طبيب مختص، وتبين أي شذوذ غير طبيعي في عضلات القلب والشرايين التاجية، والتي غالبا لا تظهر في سن مبكرة ويصعب اكتشافها مبكرا. وأشار إلى أن الموت المفاجئ بين الرياضيين، خاصة في بعض الرياضات كالفنون القتالية ورفع الأثقال قد يكون من بين أسبابه أيضا تناول المنشطات للرفع من الأداء أثناء التداريب وحتى عند المشاركة في المسابقات، ما يولد طاقة زائدة لدى الرياضي تمكنه من بذل جهد أكبر، وهو ما يحث ضغطا أكبر خاصة على القلب والأوعية الدموية و يتسبب بالتالي في التوقف المفاجىء للقلب. وشدد الدكتور بوجيدة، على أن هذه الظاهرة ،التي باتت تؤرق الرياضيين والأطقم الطبية وكذا الأندية الرياضية، تحدث أثناء أو بعد المباراة أو التداريب، لذلك يتحتم على الأطقم الطبية عدم مغادر الملاعب قبل انصراف اللاعبين، باعتبار أنه يمكن أن تفاجئ الأزمة القلبية أي لاعب أو رياضي ساعة بعد الممارسة، كما أن سيارة الإسعاف ملزمة بعدم مغادرة المنشأة الرياضية قبل ذلك أيضا، ناهيك عن ضرورة توفرها على التجهيزات الضرورية للتدخل أثناء توجهها للمستشفى. وخلص إلى أن هناك بعض الحالات الاستثنائية، التي ورغم إجراء الفحوصات والكشوفات السريرية الضرورية، يصاب الرياضي فيها بتوقف في القلب، ويكون السبب غير معروف، إلا أنها تبقى حالات نادرة تنجم غالبا عن مشاكل جينية في القلب، أو ابتلاع اللسان. وكانت حالات الوفاة المفاجئة طفت على السطح في السنوات الأخيرة حيث شهد سنة 1990 وفاة اللاعب الإنجليزي داف لونغهارست خلال إحدى مباريات فريقه في دوري المحترفين، وتكرر المشهد في القارة الإفريقية بعد وفاة اللاعب الزامبي تشاسوي نسوفوا بشكل مفاجئ خلال التدرايب مع فريقه. وعادت هذه الحوادث إلى الواجهة بوفاة اللاعب الكاميروني مارك فيفان فويه عن 28 سنة، والذي فارق الحياة عقب تعرضه لأزمة قلبية مفاجئة خلال مباراة منتخب بلاده أمام المنتخب الكولومبي في بطولة العالم للقارات، التي أقيمت في فرنسا سنة 2002، ثم وفاة نجم كرة القدم التونسية وفريق الترجي الهادي بن رخيصة (1997).