تشهد مدينة الدارالبيضاء برمجة وإنجاز العديد من المشاريع الرامية إلى النهوض بأوضاع الساكنة، وتحسين شروط العيش بها، ناهيك عن الارتقاء بمستوى الخدمات التي تقدمها لقاطنيها بما يتلاءم ومكانتها ككبرى حواضر المملكة. وقد تم توجيه جزء كبير من هذه المشاريع لتأمين بيئة مستدامة بالمدينة، ومواجهة عديد التحديات التي تواجهها على هذا المستوى، لا سيما ما يتصل بتخفيض معدلات التلوث، والحد من الانبعاثات الغازية، وتحسين جودة الهواء الذي تتنفسه الساكنة، والنهوض بالمساحات الخضراء، إلى جانب الارتقاء بالخدمات الموجهة للمواطنين في مجال السلامة وحفظ الصحة العامة. وضمن هذا الاتجاه، بادرت جماعة الدارالبيضاء، في سياق تطلعها إلى الحفاظ على صحة المواطنين وسلامتهم ووقايتهم من الأمراض المعدية والمتنقلة، إلى إحداث مجموعة من المرافق العمومية الصحية الجديدة (مراحيض) وفق المعايير المعمول بها في هذا المجال، وإصلاح القديمة منها، وذلك من أجل توفير مرافق تكون في مستوى يليق بساكنة العاصمة الاقتصادية للمملكة وتطلعاتها. وبهذا الخصوص، كشف مدير البنيات الأساسية والمصالح التقنية بالجماعة السعيدي عبد اللطيف، في حديث لوكالة الغرب العربي للأنباء، عن أن الجماعة أعدت مشروعين، إذ يهم المشروع الأول، الذي بلغ حاليا مراحله الأخيرة، إصلاح المرافق الصحية القديمة، التي يبلغ عددها 15 مرفقا كانت موضوع صفقة عمومية لإعادة تأهيل كل المرافق الكائنة بالممرات التحت أرضية والفضاءات العامة. وأضاف أن الجماعة كانت قد أعلنت، في أواخر السنة الماضية، عن صفقة تصل قيمتها إلى 5ر3 مليون درهم من أجل إصلاح وإعادة تأهيل هذه المرافق القديمة، مشيرا إلى أنه تم إنجاز أزيد من 90 في المائة من الأشغال بهذا المشروع. وحسب المتحدث ذاته، فإن نهاية الأشغال بالمشروع كانت مقررة في متم شهر أكتوبر الماضي، إلا أن جائحة فيروس كورونا المستجد، التي جثمت بظلالها على العالم، أدت إلى توقف الأشغال بهذا الورش نتيجة الحجر الصحي، ما أدى بالتالي إلى تأخير موعد تسليمها ودخولها حيز الخدمة. وتتوزع هذه المرافق، التي يجري إعادة تأهيلها، يشير مدير البنيات الأساسية والمصالح التقنية بالجماعة، على كل من مقاطعة سيدي بليوط، ومقاطعة مرس السلطان، ومقاطعة الصخور السوداء، ومقاطعة الفداء، ومقاطعة أنفا. أما المشروع الثاني، يضيف السعيدي، فيهم إحداث 128 مرفقا صحيا جديدا بتراب الجماعة، موزعة على كافة مقاطعاتها ال16 بمعدل 8 مرافق لكل مقاطعة، مشيرا إلى أن مجلس الجماعة سبق له أن برمج، أواخر السنة المنصرمة، ميزانية لهذا الغرض، تقدر قيمتها ب 16 مليون درهم، موضحا أن المرفق الواحد يتكون أساسا من خمس وحدات (وحدتان للنساء، ووحدتين للرجال، ووحدة للأشخاص في وضعية إعاقة). وذكر أن إنجاز هذه المرافق العمومية الجديدة وإصلاح المرافق الصحية القديمة يندرج في إطار مخطط عمل الجماعة 2016-2021، مشيرا إلى أن مجلس الجماعة كان قد خصص ميزانية موزعة على عدد من السنوات، مبرزا أنه من المرتقب أن يتم فتح المرافق الصحية القديمة التي أعيد تأهيلها ضمن المشروع الأول، في وجه العموم، أوائل السنة المقبلة. ومن جانبه، اعتبر نائب رئيس جماعة الدارالبيضاء، المكلف بالشؤون الثقافية، عبد المالك الكحيلي، أن هذه المشاريع تندرج في إطار العناية بصحة ساكنة الدارالبيضاء، القلب النابض للحركة الاقتصادية للمملكة، مضيفا أن الجماعة ارتأت إعادة تأهيل المرافق العمومية القديمة قبل الانتقال إلى إنجاز أخرى جديدة تكون في مستوى تطلعات الساكنة. وأضاف أن إصلاح المرافق العمومية القديمة المتواجدة بالمدينة استهدف بشكل خاص تحسين الخدمة وتجويدها، مشيرا إلى أنه من أجل استمرارية هذه الخدمات المقدمة للساكنة البيضاوية، فإن تدبير هذه المرافق ستتم إعادة النظر فيه في إطار تشاوري مع المقاطعات التي تتواجد بها. فيما شدد عضو المكتب التنفيذي للإئتلاف المغربي من أجل المناخ والتنمية المستدامة جماع مهدي على أهمية أن تستجيب المرافق العمومية، سواء التي تم تأهيلها أو التي سيتم إحداثها، لمعايير الجودة والاستدامة وحماية البيئة، مضيفا أن هذه المعايير العالمية لم تعد نوعا من الترف، بل هي ضرورة تفرضها المواثيق الدولة. وحذر مهدي من أن غياب هذه المرافق الصحية داخل المدن أو وسط التجمعات السكانية بصفة عامة من شأنه أن تكون له عواقب وخيمة على المجتمع، خاصة الأطفال، بل إن غيابها يتسبب في تفشي الأمراض والرفع من معدل الوفيات. وتجدر الإشارة إلى أن أهمية المرافق الصحية في حياة الإنسان جعلت الأممالمتحدة تخصص ابتداء من 19 نونبر منذ سنة 2013 يوما للاحتفال بها كل سنة، تحت اسم "اليوم العالمي للمراحيض"، تنبيها للعالم أجمع بأهمية الصرف الصحي، وتعزيز الوصول إلى النظافة وسلامة المراحيض للجميع. وقد جعلت الأممالمتحدة من معالجة أزمة الصرف الصحي العالمية أولوية من أولويات التنمية لدى الدول، معتبرة أنها تهدد بالفعل مسعى تحقيق الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة "المياه والصرف الصحي للجميع في أفق 2030"، والذي يسعى إلى تمكين كل شخص في العالم من الحصول على خدمات الصرف الصحي المستدامة، فضلا عن مياه الشرب المأمونة ومرافق غسل اليدين، من أجل حماية الأمن الصحي والحفاظ عليه للجميع والمساعدة في الحد من انتشار الأوبئة والأمراض المعدية الفتاكة، مثل (كوفيد-19) والكوليرا والتيفويد...