لم تعد السعادة رفاهية أو تفاهة، بل هي عامل لنمو الاقتصادي العالمي، كما قال الأمين العام السابق للأمم المتحدة "بان كي مون"، فالأمم المتحدة سبق وأن تبنت قرارين عامي 2011 و2012، يهدفان إلى تعزيز السعادة كهدف عالمي. فالحق في السعادة يعتبر من أمهات الحقوق، لأنه يتضمن جميع الحقوق، كالحق في الصحة، الحق في التنقل، الحق في العمل... فالإنسان لن يكون أكثر سعادة إذا لم يكن يتمتع بجميع الحقوق المخولة له دستوريا.
وعلى هذا الأساس، سارعت بعض الدول إلى تضمين دساتيرها هذا الحق، كالبرازيل والولايات المتحدةالأمريكية واليابان وكوريا الجنوبية...، كما أن بعض الحكومات ضمت من بين تشكيلاتها وزيرا للسعادة، كفنزويلا والإمارات العربية المتحدة والإكوادور...
وقد كان إعلان الاستقلال الأمريكي هو أول وثيقة دستورية تتضمن هذا الحق، باعتباره من الحقوق الأساسية للإنسان، ومن اجل تضمين هذا الحق في الدساتير قامت الرابطة العالمية من اجل الحق في السعادة بالضغط على مجموعة من الدول منها الدول العربية بالأساس من اجل جعل هذا الحق حقا دستوريا.
فالحق في السعادة الذي يحتل فيه المغرب المرتبة 85 عالميا والثامن عربيا، والذي يقاس من خلال نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالي، ومتوسط الأعمار، والدعم الاجتماعي (وجود شخص يعتمد عليه في الصعاب)، والحرية الاجتماعية، والسخاء (يقاس بالتبرعات)، وغياب الفساد، يساهم لا محالة في تقليص الفوارق الاجتماعية وإحساس المواطن بكافة حقوقه المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948، وغيره من المواثيق الدولية التي تصب في الشأن نفسه.
فهذا الحق يعتبر همزة وصل من اجل تطبيق باقي الحقوق على أرض الواقع، فهو ينوب عن الحق في المساواة والحرية والعدالة الاجتماعية، وغيرها من الحقوق المنصوص عليها في مجموعة من الدساتير والتي لا تعترف بالحق في السعادة.
إن حق السعادة أصبح من أولويات التجربة الدستورية بالمنطقة العربية، خاصة بعد الانتكاسات و "التعاسات" التي عرفتها المنطقة العربية ولا زالت تعرفها، جراء الحروب التي أنتجت لنا الأمراض والمجاعة والتشرد وانتشار البطالة...
عموما، فالحق في السعادة أصبح ضرورة ملحة، حتى يعيش المواطن العربي، ولو قليلا من تلك الحقوق التي لم يتذوقها بعد، خاصة في الدول التي تعاني من التمزق وانتشار الجماعات المتطرفة...