يعيش المغرب حربا حقيقية يروح ضحيتها آلاف الأبرياء من مختلف شرائح المجتمع المغربي , هذه الحرب التي تفقد المغرب ثروة بشرية كبرى , إضافة إلى مليارات السنتيمات و ترسانة من العربات المختلفة...و إذا كان المتتبعون يرون إن مشكلة حرب الطرق بالمغرب مشكلة مركبة لتتعدد الأيدي الذي تتلطخ دماء الأبرياء بها , فإن الوزارات المتعاقبة تحاول الدفع بالعامل البشري كعامل ابرز يغطي على فشلها في التعاطي مع المشكل , و كنظرائه السابقين فقد شدد السيد عبد العزيز رباح، وزير التجهيز والنقل، على أن 94 بالمائة من حوادث السير التي تقع على طرقات المغرب سببها العامل البشري وليس البنيات التحتية او شيء آخر، مبرزا أن 71 بالمائة من حوادث السير التي تقع بالمدن وليس بالقرى،قاصدا الطرق بالمجال الحضري و ليس بالمجال القروي أي الطرق الوطنية و السريعة, مضيفا أن الإحصائيات التي توصلت إليها وزارة التجهيز والنقل وجدت أن الطرق الوعرة قليلة الحوادث مما يؤكد -حسب الوزير رباح دائما- أن المواطنين أو مستعملي السيارات والعربات عندما يأخذون احتياطاتهم كما يفعلون عند السياقة في الطرق الصعبة ,لا تحدث حوادث كثيرة. وأضاف رباح في معرض جوابه على سؤال تقدمت به مجموعة من الفرق البرلمانية بمجلس النواب في جلسة الأسئلة الشفهية ليوم الاثنين السابق ( 15 أكتوبر 2012)، أن نسبة 55 بالمائة من الحوادث تقع على السيارات والعربات الشخصية أكثر من سيارات المهنيين، و أن 94 بالمائة من أصحاب السيارات لا يقفون في علامات "قف". و أكد وزير التجهيز والنقل أن حوادث السير قضية وطنية "لا تتعلق ببنود قانونية يجب معالجتها لتحد من الظاهرة". و هنا و من باب "واش فهمتيني و لا لا" فقط, سأتفق تماما مع السيد الوزير في رد حرب الطرق إلى العامل البشري ,لكن سأختلف معه في النسبة فقط فانا أرى أن 100 بالمائة من حوادث السير عاملها بشري لكن بهذه الطريقة: * العامل البشري الأول: إهمال بعض السائقين لقوانين السير * العامل البشري الثاني : إهمال بعض الدركيين و الشرطة واجباتهم مقابل رشاوى مختلفة, او التمييز في تطبيق القانون * العامل البشري الثالث: تقديم أطر من الوزارات المتعاقبة صفقات تجهيز الطرق و إصلاحها بطرق مشبوهة إضافة الى التغاضي عن مراقبة الجودة * العامل البشري الرابع: تسهيل عملية اخذ رخصة القيادة من طرف مجموعة من الفاعلين في الميدان على اختلا ف درجاتهم المهنية * العامل البشري الخامس: توالي مجموعة من الوزراء غير المؤهلين لتسلم قيادة وزارة جد مهمة و حساسة كوزارة التجهيز و النقل و لعل خير دليل غرقها في الريع بمختلف أنواعه * العامل البشري السادس: إهمال بعض أصحاب مراكز الفحص التقني لواجباتهم و تمرير عربات متهالكة بمقابل طبعا * العامل البشري السابع: السماح لعربات متهالكة بنقل آلاف الأشخاص عبر مختلف طرق المملكة * العامل البشري الثامن: منح رخص للنقل بطرق غير منضبطة و عدم تنظيم القطاع حتى بعد ضجة تسريب أسماء المستفيدين من الرخص التي كانت جبلا فتمخضت فارا * العامل البشري التاسع: سماح رجال السلطة بمختلف أنواعها لمختلف أنواع الخمور التي تروج بدعوى بيعها لغير المسلمين رغم انك تجد محلات كبرى تبيع آلاف القنينات رغم ان المدينة المتواجدة فيها لا يزورها إلا عشرات السياح من غير المسلمين خلال عقود, و لا داعي للحديث عن ما تسببه المخمرات من حوادث سير متعددة * العامل البشري العاشر: عدم اهتمام المسؤولين لإصلاح ترسانة الطرق المتهالكة و التهاون في تقدير الأولويات. و بهذا فان أي سبب يمكن إرجاعه للعامل البشري الذي بطبيعة الحال هو الذي يسير باقي العوامل , و بهذا فان التعاطي مع مشكل حوادث السير بإلصاق التهم بعنصر دون الآخر يعتبر ديماغوجية و تهرب من المسؤولية, كما ان حصر السبب في المسؤولية البشرية بالطريقة التي يحاولون التسويق لها , لهو تقليل من شأن المواطن و اتهامه بالجهل و التهاون.. هاته التهم التي إن صحت فان المسؤولين في مختلف المناصب يجب أن يشعروا بالمهانة على التقصير في المسؤوليات حتى تحول الشعب إلى ما يتهمونه به, لا أن يتخذوا الأمر سبة للشعب و شماعة يعلقون عليها فشلهم.