كانت نظرتي للحياة سطحية جدا تتلخص في كماليات و رفاهية كنت أرى أن لا شيء يعنيني فكل كفيل بذاته و أن أفعال الاخرين تعنيهم ما دامت لا تعكر صفو جوي قبل أن أدرك أن للصفاء معنى آخر. لم أنتبه يوما و لم أستمع قط لأشخاص لم أدرك من هم إلا بعد حين كان لي صديق اسمه حسن أنا و حسن شخصيتان متناقضتان تماما فصديقي حسن كانت لغته غير لغتي و أفكاره غير أفكار كان يريد أن يغير اليوم لغد أفضل كان في كلامه يستخدم مصطلحات شديدة التعقيد كان يصمت كثيرا و ينطق بمصطلح وحيد يحمل ألف معنى حسن شخص فقير تعلم معنى الحياة في سن صغير سن أنا و أنت كنا فيه نقذف فيه الطوب على بيوت الجيران سن كان فيه حسن يقذف من هنا الى هناك فالحر يشوي وجهه الصغير و البرد يجلده ألف جلدة حسن بابتسامته البريئة تجاوز المحن كان يتكلم معي في مواضيع لم أفهمها الا بعد أن رحل كان يقول " ان من يحترف في عالم السياسة لا تعني له مبادئنا شيئا فهو يرى الشعب قطيع يجب تسييره بطرق و خدع سلمية و ان لم يرضوا فامنحهم الامل في الغد فالأمل ينفع أكثر من الخوف و حتى ان هاج القطيع فانحر البعض سيتراجع البعض الاخر " كان حسن ينتفض في وجه الكثير كان يتكلم و لا يخف لومه لائم كان يبحث في الكثير و ينخر في قضايا مسكوت عنها دائما ما يبحث عن الحقيقة كان يأمل في أن ينصت البعض فكان يقول " أنهم جعلونا نرضى بواقعنا واقع لا يرضاه عاقل فأنا راضي بما قدره لي الله لكن لقمتي في فم أحد آخر فكيف تريدونني أن أصمت و حقي هناك في تلك القلعة الواسعة فأنا مغربي لي الحق أن أقطن بذاك المكان الذي سالت فيه دماء أبي ليحرر هذا المغرب " ذهب صديقي حسن فقد تكلم في الممنوع و نبش الخطوط الحمراء اشتقت اليك يا حسن.