ليس كأقرانه بمدن المحور، ممن تكبر أحلامهم، وتتفح بصيرتهم على آفاق أرحب، كان كل حلمه الحصول على دراجة هوائية يملأ بها الفراغ القاتل الذي تعيش على وقعه قريته الصغيرة ( دوار ولاد رابع ضواحي الجديدة)، حيث تنعدم أبسط المرافق الضرورية، من قبيل ملاعب القرب ودور الشباب و معاهد الموسيقى … من نتحدث عنه هو الطفل " يونس السابعي"، ذي ال 12 سنة، الذي أثار جدلا واسعا بين وسائل التواصل الإجتماعي خلال الأيام الأخيرة، بعد انتشار شريط فيديو ظهر خلاله مدافعا عن حلمه " بيكالة" الذي تحقق بعد طول انتظار. "بيكالة" هي أقصى أحلام الطفل "يونس"، في واقع تنعدم فيه حتى فرص "التمني" واستشراف مستقبل واعد، حتى "شهرته عبر الويب" لم يعلمها إلا عندما تلقاها من مدرسه، وهنا يمكن للجميع أن يتخيل حجم "الفراغ" الذي يعيشه يونس، وأمثاله كثر جدا بعدد من القرى والمداشر الهامشية، حتى أمانيه بأن يصبح في المستقبل طبيبا أو مدرسا، سرعان ما تلاشت، وكأنه يعي جيدا أن هذا "الحلم" قد لا يتحقق في ظل الظروف الصعبة التي يتكبدها بمعية أسرته الفقيرة جدا، ولسان حاله يقول : "طفروه حتى هدوك لي في المدينة لي عندهم كلشي"، ليختصر بعدها المسافة ويتبى حلما جديدا في أن يصبح مغنيا " بحال زكرياء الغفولي"، وهي الطريق او التفكير السائد لدى كثير من شباب وأطفال اليوم، من الذين يحملون هم الشهرة و المال والمجد بأيسر الطرق، عملا بمقولة : "إلا ما جابها القلم يجيبها القدم أو النغم" وهي السياسة التي أريد لها من قبل بعض الجهات، أن تترسخ في ذهن الناشئة، بعد أن سخروا كل الإمكانيات في سبيل ذلك، والدليل ما نطالعه عبر قنواتنا عبر برامج تغذي لأطروحة " التفاهة والشطيح والرديح". يونس السابعي، بعفويته الطفولية، عرى من دون أن يشعر عن واقع صعب ومرير، واقع يرزح تحته الآلاف من أطفال "المغرب المنسي"، حيث مرر عبر شريط فيديو لا تتعدى مدته الدقيقة الواحدة، رسائل قوية وبلغية، بل وصادمة جدا، مفادها "عطيونا حقنا من الرعاية"، كما هو الحال بالنسبة لأطفال الحواضر.