في إطار تفعيل حراكهم الإحتجاجي السلمي المتواصل منذ ما ينيف عن تسعة عشر شهرا توافد على مدينة الرباط يوم الثلاثاء 18شتنبر ما ينيف عن ألف من معطلي " محضر 20 يوليوز" حيث نظموا مسيرة احتجاجية رفعوا خلالها هتافات قوية ضد حكومة بنكيران التي اتهموها بالكيل بمكيالين وبخرق مبدأ المساواة بين المواطنين أمام القانون . ويذكر أن احتجاجات معطلي " المحضر" سجلت تصعيدا غير مسبوق في حدة الشعارات التي رفعوها خلال مسيرة يوم الثلاثاء ، وذلك بسبب حالة الفوران والغليان التي أشعل فتيلها توقيع السيد بنكيران ليلة يوم الجمعة المنصرم على قرار يقضي بالتوظيف المباشر لمجموعة من الأطر التي تنحدر من الصحراء المغربية في أسلاك الوظيفة العمومية في الوقت الذي ما زال يتمادى فيه في حرمان معطلي " محضر 20 يوليوز" من حقهم في التوظيف المباشر بالرغم من توفرهم على التزام حكومي موثق يخول لهم ذلك الحق ما يكرس في نظرهم خرقا سافرا للوثيقة الدستورية التي تنص فيما تنص على مكافحة كل أشكال التمييز بسبب الإنتماء الجهوي وعلى المساواة بين المواطنات والمواطنين. ويشار في هذا السياق إلى أن رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران كان قد وقع ليلة الجمعة الماضي على قرارين يتعلقان بالتوظيف المباشر لمجموعة من الأشخاص ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان يهمان إدماج سبع عشرة حالة بوزارة العدل والحريات وستا وأربعين حالة ضمن أسلاك الجماعات الترابية مستندا في ذلك على توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة والمقررات التحكيمية الصادرة عن هذه الهيئة في مجال جبر الأضرار لفائدة هؤلاء الأشخاص المنحدرين من الأقاليم الجنوبية للمملكة. وحري بالذكر أن معطلي " المحضر " كانوا قد أصدروا في وقت سابق بيانا ثمنوا من خلاله التزام الحكومة بتفعيل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة المتعلقة بالإدماج المباشر للشباب المنحدرين من الأقاليم الجنوبية للمملكة كما أعربوا عن أملهم في أن تلتزم الحكومة كذلك بتفعيل مقتضيات محضر 20 يوليوز الذي يهم إدماج الدفعة الثانية من الأطر العليا المعطلة التي تنحدر من باقي المدن المغربية تجسيدا لمبدأ المساواة بين المواطنين. ولعل ما ميز الحراك السلمي لمعطلي " المحضر " بشوارع الرباط يوم الثلاثاء هو ارتداء العديد منهم للزي الصحراوي التقليدي في مسعى منهم للفت انتباه أصحاب القرار حتى يضعوا مطلبهم في عين الإعتبار وينزلوهم منزلة من استفادوا من عملية الإدماج المباشر الأخيرة . لكن يبدو أن ذلك المسعى لم يجد نفعا ،إذ أن قوات الأمن تدخلت لفض مسيرتهم التي كانت تشق طريقها في شارع محمد الخامس بالرباط ما ولد حالة من الكر والفر خلع على إثرها بعض معطلي " المحضر" زيهم الصحراوي بسبب عرقلته لركضهم. وتجدر الإشارة إلى أن احتجاجات معطلي " المحضر " بشوارع الرباط أجج لهيبها التدبير التمييزي الذي اعتمدته مؤخرا حكومة البيجيدي في التعاطي مع الأطر العليا المعطلة والذي استند كما يقول معطلو " المحضر" على أساس الإنتماء الجهوي في إشارة إلى عملية توظيف أطر الجهة الجنوبية للمملكة وإقصاء أطر الجهات الأخرى بالرغم من توفرهم على تعهد حكومي مكتوب وموثق ينص على إدماجهم في أسلاك الوظيفة بشكل مباشر . وفي تطور مفاجئ التأمت زوال يوم الأربعاء 19 شتنبر بساحة البريد حشود هائلة من المعطلين بمختلف فئاتهم من مجازين ومعطلي " المحضر" وأطر 2011 حيث انطلقوا في مسيرة سلمية في اتجاه البرلمان تحت إيقاع ترديد شعارات تستنكر طريقة التدبير التمييزي التي تنتهجها حكومة بنكيران في التعاطي مع ملف المعطلين . إلا أن قوات الأمن بمختلف تشكيلاتها اعترضت سبيل المسيرة في محاولة منها لفضها ، غير أنها لم تستطع إلى ذلك سبيلا بعد أن أصر عدد كبير من المعطلات و المعطلين الذين كانوا في مقدمة المسيرة على المكوث في أماكنهم وعدم التراجع إلى الوراء إيمانا منهم بعدالة قضيتهم ليتحول المكان إلى حلبة للتعنيف اللفظي والجسدي ، إذ انهالت قوات الأمن عليهم بالهراوات والعصي وأوسعتهم ضربا ورفسا وتنكيلا وإهانة واعتقالا إناثا وذكورا مخلفة في صفوفهم العديد من الإصابات في مشهد يدمي القلوب ويدمع العيون وتقشعر له الأبدان ، بينما عمت المكان من جانب آخر حالة من الكر والفر والهلع والفزع في صفوف باقي المعطلات و المعطلين بل وفي صفوف بعض الغادين والرائحين الذين لم تسلم أبدانهم من التعنيف من طرف قوات الأمن بعد أن تجرأوا على التقاط الصور بهواتفهم المحمولة التي تمت مصادرة وإتلاف العديد منها . كذلك استمر حال شارع محمد الخامس لما يقارب ساعتين قبل أن ينفض المعطلون بعدما تواعدوا على استئناف حراكهم السلمي في صباح اليوم الموالي.