وصفته مصادر من مهنيي قطاع التعليم الخصوصي ب «المقرر المشؤوم» الذي يحمل »آثارا مدمرة على القطاع، بل على النظام التعليمي برمته»(!)، في الوقت الذي رأى فيه البعض الآخر «قرارا شجاعا يعيد الاعتبار إلى المدرسة العمومية، ويجنب أطرها الاستنزاف». فيما يرى فيه طرف ثالث «فرصة لدفع أرباب المؤسسات الخصوصية والمستثمرين فيها، إلى المساهمة في التكوين وتنشيط سوق الشغل». مقرر استبشر له عينة من العاطلين الراغبين في إيجاد فرص شغل تقيهم وطأة العطالة، شريطة التكوين. ورفضه المهنيون الذين اعتبروه تضييقا على «الخدمات التي يقدمونها إلى منظومة التعليم بالمغرب»، فهددوا بإغلاق مؤسساتهم التعليمية، بعدما اعتبروا قرار منع أساتذة التعليم العمومي من العمل بالمدارس الخاصة قرارا «انفراديا» و«مفاجئا». وبين الرفض التام والترحيب الكبير تراوحت ردود الفعل إزاء قرار «محمد الوفا» الذي أشعل قطاع التعليم الخاص.
«مقرر لا يمكن إلا التجاوب معه«، هكذا تحدث »عبد العزيز إيوي«، الكاتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم بالفيدرالية الديمقراطية للشغل، عن مقرر وزير التربية الوطنية الصادر بتاريخ 4 شتنبر 2012، القاضي ب »توقيف العمل مؤقتا بمقتضيات المذكرة 109 في شأن الترخيص لأطر هيأة التدريس بالقيام بساعات إضافية بمؤسسات التعليم الخصوصي»، مقرر قال المصدر ذاته إنه «يتجاوب مع مطالب النقابة الوطنية للتعليم بخصوص الساعات الإضافية لرجال التعليم بالمؤسسات الخصوصية، وضرورة اعتماد هذه الأخيرة على مواردها البشرية الخاصة». وقد ذكر أن النقابات تتشبث بهذا المقرر الذي يتماشى «مع مطالبها المدافعة عن المدرسة العمومية والرقي بها، وجودة خدماتها»، كما أن المقرر يسير حسب مصدر «الأحداث المغربية» في الاتجاه الذي خطه كذلك «الخطاب الرسمي للدولة» القاضي ب «دعم المدرسة العمومية ورد الاعتبار إليها».
وفي سياق تفصيل حديثه عن تداعيات هذه المقرر، قال إيوي «لقد فوجئنا بالموقف الرافض لمقرر وزير التربية الوطنية الأخير من طرف أرباب المدارس الخصوصية»، الأمر الذي يوضح حسب المصدر ذاته أن «هذه المؤسسات كانت تعيش على أساتذة القطاع العام، ما يعني ذلك من استنزاف لهذه الأطر»، كما أن النقابات طالما ركزت على «رفع النظرة التي تقول إن التعليم العمومي بالنسبة لعينة من العاملين به مجرد فترة استراحة» للأساتذة المنخرطين في أداء الساعات الإضافية بمؤسسات التعليم الخصوصية.
أما مهنيو التعليم الخصوصي فيجدون في مقرر «الوفا»، «تهديدا للمصير الدراسي لمئات الآلاف من التلاميذ بالتعليم الخصوصي، خاصة في التعليم الإعدادي والأقسام التحضيرية والتقني العالي مع بداية المواسم الدراسي»، حيث يرى اتحاد التعليم والتكوين الحر بالمغرب أن «الوزارة نفسها استقطبت مئات الأطر من التعليم الخصوصي عبر مباريات ولوج مؤسسات التكوين»، وهو الأمر الذي يهدد القطاع واستثمارته. كما يرى الاتحاد أن المقرر «يهدد العاملين بالقطاع الخاص بشبح البطالة»، و«يهدد السلم الاجتماعي». وبين الرفض المطلق والتأييد الإيجابي تراوحت ردود الفعل إزاء منع الأساتذة من التدريس بالقطاع الخاص. فهل يصمد مقرر «الوفا» إزاء احتجاجات الرافضين، أم أن رياحا لما يعتبره البعض «مهادنة» ستهب لإيقاف إعماله، في انتظار «نضوج شروطه» بعدما قال ممثلون عن المؤسسات الخصوصية إن «اجتماعات مع جهات عليا قد توقف تطبيق مقرر أثار إصداره العديد من ردود الأفعال».