أثار رأي (ل.س) عضو المجلس العلمي المحلي بمدينة تمارة، والذي أباح من خلاله الإقتراض من البنوك لشراء أضحية العيد، جدلا واسعا داخل الأوساط المغربية. فيما اعتبر "ادريس الكنبوري" الإعلامي والباحث في الشؤون الإسلامية، أن الأمر يتعلق فقط برأي فالرجل حسبه (الكنبوري) ترك مساحة للإختيار، رغم أن العديد اعتبر كلامه/رأيه فتوى. وأوضح الباحث، أن المشكلة شديدة التعقيد، مشيرا إلى أن هناك نزعة علمانية في تفكيرنا في أمور الدين، وصلت اليوم إلى المؤسسات الدينية، بحيث أصبح التفكير في أمور الدين منفصلا عن أمور الدنيا، على حد تعبيره. وهذا النص الكامل لتعليق "ادريس الكنبوري" على الواقعة: مشكلة الاقتراض من البنوك من أجل شراء أضحية العيد تثير جدلا بعد إدلاء رئيس المجلس العلمي المحلي بمدينة تمارة لحسن سكنفل برأيه الذي أباح فيه الاقتراض. بعضهم اعتبر كلامه فتوى ولكنه مجرد رأي والرجل ترك مساحة للاختيار للناس بين الاقتراض من عدمه ولم يكن جازما، وأكد أن الأصل عدم الاقتراض، وأعتقد أن هذا كاف. والمشكلة شديدة التعقيد لكننا نميل غالبا إلى الوقوف في الأسود أو الأبيض وننكر الألوان ولا نعترف بالحالة التي يختلط فيها السواد بالبياض. الذين ينكرون الاقتراض يقولون إن الربا محرم في الإسلام، وهذا طبعا هو المبدأ. ولكنهم يتكلمون مع الكبار ولا يضعون الأطفال في الاعتبار، والعيد لم يعد شعيرة دينية بل تحول إلى طقس اجتماعي ضاغط للعائلات والأطفال حيث تتحول البيوت التي لا تجد وسيلة لشراء أضحية إلى مقابر يوم العيد مما يورث الأطفال الحسرة والكآبة التي تتحول إلى شعور بالنقص والدونية قد تنعكس على شخصيتهم. شخصيا لا أعرف لماذا تكرار الموضوع كل عام بمناسبة عيد الأضحى، مع أن مسألة الاقتراض تطرح في رمضان وفي الدخول المدرسي وفي العطلة الصيفية وفي مواسم الزفاف وغير ذلك، فهل العيد دين والمناسبات الأخرى غير دين؟. هناك نزعة علمانية في تفكيرنا في أمور الدين، وصلت اليوم إلى المؤسسات الدينية، بحيث أصبح التفكير في أمور الدين منفصلا عن أمور الدنيا. الاقتصاد الربوي الذي يرفضه هؤلاء يحاصر المواطن في حياته اليومية، لا سلطان له عليه، وهؤلاء كلهم يتوصلون بأجورهم عبر البنوك، ويتعاملون مع البنوك. وأنا لاحظت في كلام السي سكنفل أمرا أخطر مما ذهب إليه الكثيرون حول جواز الاقتراض. الرجل برر ذلك بناء على الآية التي تقول: فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه، معناه أن المغربي اليوم محاصر بما يضطره إلى الإثم، لكن يمكنه الالتفاف عليه بمبدأ الإكراه. معروف أن القروض البنكية في المغرب عالية الفائدة، وإذا كانت هناك حكومة لماذا مثلا لا يتم الاتفاق مع البنوك على تخفيض الفائدة في هذه المناسبة، طالما أنها تثير كل مرة قضية البنوك الربوية. أعرف أن المجلس العلمي الأعلى وضع قبل سنوات فتوى هامة حول المصلحة المرسلة، هل التعامل بالربا يندرج في المصلحة المرسلة أم لا؟. إذا كان المجلس غير قادر على إيجاد حل لمعضلة مثل هذه تؤرق الأمة كل عام لماذا يستمر الناس في التعويل عليه؟. المشكلة أكبر بكثير، ليست مشكلة دين ولا ربا ولا هم يحزنون، إنها مشكلة سياسة مالية، ومشكلة لوبي مالي قوي وقاهر المؤسسة الدينية أمامه كومة من الحطب. وليس في الأمر جديد حتى تثار الزوابع، فالمواطن المغربي تفترسه البنوك في قروض السكن وغيره، والعلماء ساكتون، وعندما يريدون الكلام يتوجهون إلى الحلقة الضعيفة في المعادلة وهو المواطن ويجدون سهلا عليهم قراءة آية موجودة في القرآن تحرم الربا يعرفها الأطفال، لكنهم لا يستطيعون الاقتراب من أصحاب المال.