الصين تعزز الحماية القضائية لحقوق الملكية الفكرية لدعم التكنولوجيات والصناعات الرئيسية    كوريا الجنوبية/الولايات المتحدة: انطلاق التدريبات العسكرية المشتركة "درع الحرية"    عمر هلالي يعلق على أنباء اهتمام برشلونة    ثلوج وأمطار قوية مرتقبة اليوم الإثنين بعدد من المناطق المغربية    ترامب: التعليم في أمريكا هو الأسوأ في العالم    ثلوج وأمطار قوية مرتقبة اليوم الإثنين بعدد من مناطق المملكة    دراسة: الكوابيس علامة مبكرة لخطر الإصابة بالخرف    ساكنة تجزئة العالية بالجديدة يحتجون من جديد على مشروع بناء حمام وسط حيهم    أبطال أوروبا .. موعد مباراة برشلونة ضد بنفيكا والقنوات الناقلة    رجاء القاسمي.. الخبرة السينوتقنية بلمسة نسائية في ميناء طنجة المدينة    تعليق الدراسة غدا الاثنين 10 مارس 2025 بعدد من أقاليم جهة طنجة تطوان الحسيمة    إسرائيلي من أصول مغربية يتولى منصب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي    تعيين أول سفير أمريكي في إفريقيا بالمغرب: خطوة استراتيجية تعكس دور المملكة المحوري في القارة والعالم    مبعوث أمريكي يدّعي أن حماس اقترحت هدنة من 5 إلى 10 أعوام بغزة    نهضة بركان تفوز بثنائية في تطوان    بطل في الملاكمة وبتدخله البطولي ينقذ امرأة من الموت المحقق … !    الشركة متعددة الخدمات الدار البيضاء سطات.. جهود مكثفة لتفادي تجمعات مياه الأمطار وتيسير حركة المرور    جثة امرأة تنتظر التشريح في سطات    الطقس يعلق الدراسة بشمال المغرب    إقليم الحسيمة.. تعبئة متواصلة لإزاحة الثلوج وإعادة فتح المحاور الطرقية    مباراة الوداد والفتح تنتهي بالتعادل    نجم إسبانيول يعرب عن رغبته في الانضمام إلى أسود الأطلس    ندوة تبرز الإنجازات في الصحراء    أسعار الخضر والفواكه تشهد ارتفاعًا ملحوظًا في أسواق سوس ماسة والمواطنون يطالبون بتدخل السلطات    8 مارس ... تكريم حقيقي للمرأة أم مجرد شعارات زائفة؟    الكاف تعلن موعد جمعها العام الاستثنائي في القاهرة    تقرير أممي: المغرب يوفر آفاقًا جذابة للمستثمرين في السياحة    جهاز الخدمة السرية الأمريكي يطلق النار على رجل مسلح قرب البيت الأبيض    التساقطات المطرية تساهم في الرفع من حقينة سدود المملكة    ارتفاع مثير للمنازل المهجورة في كوريا بسبب شيخوخة السكان    موظفو الأحياء الجامعية بالمغرب يضربون ويدعون للاحتجاج أمام مقر وزارة التعليم العالي    مغربي ضمن الفائزين بجائزة الامارات الدولية للقرآن الكريم    الثلوج الكثيفة تغلق الطريق الوطنية رقم 2 في جبال الريف    العملات الرقمية.. استخدام واسع للمغاربة ترافقه أحكام بالإدانة وترقب لصدور قانون مؤطر    الغزياني تقود "نساء UMT" بسطات    وداعًا نعيمة سميح...    نعيمة سميح .. من برامج اكتشاف المواهب إلى صوت المغرب الخالد    عمر أوشن يكتب: ليلة غنت نعيمة سميح للمعتقلين السياسيين "ياك أجرحي"    سوريا تحقق في "المجازر المروعة"    القول الفصل فيما يقال في عقوبة الإعدام عقلا وشرعا    الأمازِيغ أخْوالٌ لأئِمّة أهْلِ البيْت    نحو إدارة موانئ مستدامة    السمنة .. وباء عالمي    اتحاد طنجة يخطف تعادلا من العاصمة العلمية    عبد الوهاب الدكالي ل "أكورا": نعيمة سميح فنانة استثنائية-فيديو-    المغرب يستورد أزيد من 600 ألف طن من الزيوت النباتية من روسيا    ملاعب للقرب تفتح أبوابها للشباب بمقاطعة سيدي البرنوصي    حقيقة الأخبار المتداولة حول خطورة لحوم الأغنام على صحة المغاربة..    نورة الولتيتي.. مسار فني متألق في السينما الأمازيغية    الدرك الموريتاني يحبط عملية تهريب مهاجرين بسيارة إسعاف قرب نواذيبو    أمسية رمضانية أدبية احتفالا بإبداع الكاتب جمال الفقير    رحلت عنا مولات "جريت وجاريت"    المغرب وإعادة تشكيل التوازنات الجيوسياسية والاقتصادية في إفريقيا    تسجيل أزيد من 24 ألف إصابة بجدري القردة بإفريقيا منذ مطلع 2025    أفضل النصائح لخسارة الوزن    عمرو خالد: هذه ملامح استراتيجية نبوية ناجعة للتعامل مع تقلبات الحياة    اضطراب الشراهة عند تناول الطعام: المرض النفسي الذي يحوله تجار المكملات الغذائية إلى سوق استهلاكي    مقاصد الصيام.. من تحقيق التقوى إلى بناء التوازن الروحي والاجتماعي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل يبدد العفو تداعيات أحكام القضاء بحق معتقلي الريف؟
نشر في أخبارنا يوم 24 - 07 - 2018

بعد أن أصدر القضاء أحكامه القاسية في حق معتقلي (حراك الريف )،لم يعد هناك من أمل في تجاوز تداعيات الإدانة داخليا وخارجيا ،سوى عبر تفعيل آلية العفو ،علما أن القضاء في مرحلته الاستئنافية لايتوقع أن ينقض غزله (أقصد أن يبرئ المعتقلين) ،وبالتالي فالقشة الوحيدة المتبقية لإنقاذ سمعة بلد جراء هذه الإدانة تكمن في تفعيل هذه الآلية التي وضعها الدستور بيد الملك (العفو الخاص) ،وإلى حد ما بيد البرلمان (العفو العام) بيد أن الرهان هنا على العفو الملكي لأهميته ورمزيته وسلاسة إجراءته .. لكن بموازة مع ذلك ،ولكي يحقق العفو مفعوله ،لا بد أن تواكبه إجراءات عميقة لبناء الثقة وإعادة زخم الأمل إلى نفوس المغاربة ،خاصة في منطقة الريف ،والمغرب عموما. بما يعزز مسلسل المصالحة الذي دشنه المغرب مع بداية العهد الجديد، و زيادة منسوب الثقة بين المواطنين والدولة ،بما يجعلهم في عمق العملية التعاقدية .
إذ المؤكد أن حراك الريف، بما عرفه من تداعيات دراماتيكية ،تسبب في تآكل جزء كبير من رصيد الثقة الذي تراكم بين سكان الريف والدولة ، إثر مسلسل المصالحة الذي دشنه العهد الجديد مع منطقة الريف جغرافيا وتاريخا وإنسانا ،وجاءت أحكام الإدانة لتضع مصداقية هذا المسلسل برمته على المحك ،وتعرض كل الشعارات والمكتسبات التي واكبته إلى التشكيك والطعن والتراجع ، في الداخل كما في الخارج ،وهذا بالتأكيد ليس في مصلحة بلد تجاهد للتغلب على مثبطات بنيوية ، تاريخية وسياسية ونفسية واجتماعية واقتصادية للانخراط في أفق "الحداثة السياسية " وانجاز الإقلاع الاقتصادي والتنموي المنشود.
فضلا عن كون هذا المآل المؤلم الذي تردى إليه ملف حراك الريف بعد الأحكام القضائية، لا يعدم تداعيات سلبية على أجندة ومصالح المغرب الخارجية ،التي يهدف من خلالها إلى طرح نفسه كبلد صاعد ،مستقر ومنخرط في عملية انتقال سلس نحو الديمقراطية ،وحقق في ذلك حتى الآن نجاحا نسبيا ،تجلى في تنامي رصيد الثقة الذي يحظى به لدى هيئات و دول كثيرة ،وهو ما انعكس على سبيل المثال على تدفق الاستثمارات الأجنبية ، وكذا تدفق السياح ،بالإضافة إلى اختياره كمنصة للعديد من الفعاليات الإقليمية والعالمية..
ومن الصعب على حكومة الدكتور سعد الدين العثماني ،وهي التي أقرت بمشروعية المطالب الاجتماعية والاقتصادية ،التي خرج من أجلها معتقلو الريف إلى الشوارع ،أن
تبرر أمام الرأي العام الوطني، ناهيك عن الرأي العام الدولي ،الأحكام القاسية التي صدرت في حقهم ، بل إن وصف بعض المسؤولين الحكوميين لهذه الأحكام ب "القاسية " يزيد موقف الحكومة ضعفا وتهافتا واتهاما بالتآمر ،كما أن التعلل ب "استقلالية القضاء ،واستقلالية النيابة العامة عن الحكومة" لا يجدي ،على الأقل في هذه الظرفية المشحونة ،بل يمكن أن يظهر الحكومة بمظهر " من يقتل القتيل ويمشي في جنازته"، لأن المفترض أن الحكومة هي من أمرت باعتقال نشطاء الحراك ،وقدمتهم إلى المحاكمات ،حتى وهي تقر بمشروعية مطالبهم الاجتماعية والاقتصادية! ،وهنا مكمن المفارقة والتناقض والورطة ،التي تفضح أخطاء الحكومة في تدبير ملف احتجاجي سلمي بدفتر مطالب اجتماعية وتنموية ،كان بامكانها ،بقليل من الذكاء السياسي أن تحتويه من خلال الإنصات و الحوار والانفتاح على النشطاء،الذين تشبثوا إلى أخر لحظة بالسلمية واحترام المؤسسات ، (اتركونا من خرافة الانفصال والتآمر،حتى على فرض وجودها، فهي معزولة ومنبوذة ،ولا يقول بها إلا أحمق أو مغامر.. ) .
لكن ،للأسف الشديد ،انجرت الحكومة وراء فخ الاتهامات الجاهزة والتشكيك في نوايا النشطاء ،وجرهم بالتالي إلى القضاء،الذي أصدر في حقهم أحكاما ثقيلة أثارت موجة واسعة من الاستنكار ،من لدن الأحزاب ،والنقابات ،والهيئات الحقوقية ، والمثقفين والمواطنين عموما ،فضلا عن ردود الفعل التي صدرت عن الهيئات الدولية ،والتناول الإعلامي الواسع في وسائط الإعلام والإتصال ،الذي يغلب عليه في كثير من الأحيان طابع الإثارة والتحامل.ما فتح على بلادنا بابا -هي في غنى عنه- للقيل والقال والتشكيك في مكتسباتها ،ورصيدها والطعن في مؤسساتها ، ويمكن الإشارة في هذا الصدد – على سبيل المثال - إلى رصد مجلس الجالية المغربية نشر 1146 مقالا حول الموضوع في المواقع الاكترونية الدولية خلال ثلاثة أيام فقط جلها "سلبي" بتعبير المجلس ، وهو ما يؤشر إلى استئثار ملف (حراك الريف) باهتمام دولي واسع، لاسيما بعد الأحكام الثقيلة التي صدرت في حق المحكومين على خلفيته ،وجل هذا الاهتمام يتصيد الأخطاء والنقائص ،ليبني عليها استنتاجات وتحليلات تسيء لصورة البلاد أكثر ما تنصفها.. ومن هنا الحاجة إلى "تدخل حاسم" لقطع دابر أية تبعات غير مفيدة جراء هذا الملف/الجمرة ،الذي تتقاطع فيه المسؤوليات وتتداخل فيه الأخطاء بمستويات متفاوتة .ولعل هذا التدخل يختزن في المؤسسة الملكية التي يقف منها الجميع موقف التقدير والاحترام، والتي تملك أن توازن ،وتتخذ الإجراءات، والتدابير ،والاصلاحات والمصالحات القمينة برأب الصدع ،وتهدئة النفوس ،وتجديد الثقة وطي صفحة الماضي والتوجه نحو المستقبل ،فهل يبدد العفو تداعيات أحكام القضاء بحق معتقلي حراك الريف ،ويطوي بالتالي تبعاته ..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.