تكتسي ليلة "البوناني" بمدينة الإنبعاث نكهة خاصة ،سيما مع توافد عدد من الزوار الأجانب، وكذا المغاربة ،الذين فضلوا قضاء ليلة رأس السنة الجديدةبأكادير ،ببعض الوحدات السياحية والملاهي الليلية، لما توفره من عروض وخدمات تستأثر بإهتمام الزوار وتجذب كل باحث عن ليلة إستثنائية ليست كغيرها من الليالي، تحضر فيها كل وسائل الترفيه والنشوة واللذة ،بما فيها الجانب الجنسي ،الذي يحضى بحصة الأسد في هذه الليلة،فيما فضل البعض الآخر الإحتفال بعيدا عن أعين الناس، ونظرات المجتمع التي لا ترحم ،في جلسة خلوة بجانب قارورة نبيذ، وخليلة تكسر وحشة المكان. "أجساد معدة للبيع وأكواب خمور على إيقاعات هز البوط حط البوط تختلف طريقة التسويق ،وميكانيزمات الجذب عند كل ملهى ليلي أو وحدة فندقية بمدينة أكادير، غير أن الغالبية منها تعتمد طريقة فريدة من نوعها ،ولا يجدها الزبون في ليلة أخرى من ليالي السنة فكل من يبحث عن اللذة والجنس سيشفي غليله في هذه الوحدات السياحية،فتيات من مختلف الأعمار تلج المكان وتجلس في أوضاع إيحائية ومغرية لكل من قادته قدامه للدخول لهذه الأماكن. فبنظرة جنسية تلمحك شابة متكئة على أريكة من صنع فرنسي قد نزل جزء منها للأسفل نتيجة الوزن الثقيل الجالس فوقها،وبلباسها الشفاف والمبين لتضاريسها الجسدية الفاتنة تجذبك للجلوس بجانبها ،ومشاركتها همسات ولمسات على إيقاعات موسيقى "الديدجي" وأصوات أكواب النبيذ ،التي تختفي وسط زحمة المكان وصخبه يقول "أنيس" ذا 24 سنة ،الذي إختر قضاء ليلة رأس السنة بهذا الملهى الليلي، ولم يخفي هدفه الوحيد الذي دفع به للقدوم إلى هنا ،بالرغم من التكلفة الباهضة للمكان، والمصاريف الإضافية المترتبة عن الزيارة، فبحثه عن حسناء يقضي معها الليلة هو ما جعله يفضل الملهى عن مكان آخر . وبتقاسم وجه تعلوه سحنة من الإحساس بالرضى والحبور، يضيف أن الشباب المغربي يبحث دائما عن الإسثتناء في مثل هذه المناسبات، والهروب من العيون المتلصصة فإصطياد فتاة جميلة بهذا المكان ،الذي يعج بالحسناوات ،سهل جدا مقارنة مع باقي الأماكن الأخرى ،لأن كل هاته الشابات اللواتي يؤثتن الفضاء، هن من يبحثن عن من يدفع لهن مقابل لحظات حميمية وقتية ،تنقضي مع إطلالة شمس الصباح. ومن جانب، إنخرطت "سهام" إسم مستعار في رقصة "هز البوط حط البوط " المثيرة مع أحد الأجانب، الذي فضل عدم الخوض في الموضوع، فيما مرافقته كشفت عن كونها طالبة بالجامعة وتكاليف الحياة القاهرة هي من دفع بها لولوج هذا العالم، وبصوت متقطع ولسان متلعثم ،تروي كيف حاولت الهروب من واقعها المر ،بعد فراق أبويها ،وغياب أي مدخول يومي يغطي مصاريف دراستها وإستقرارها بأكادير، لتجد ظلتها هنا بإمتهانها لمهنة، لم تكون يوما ما تظن نفسها أنها ستقوم بالرقص وتتغنج حول عصا لولابية الشكل ،وتعري عن فخديها ونهديها، لإستمالة وتحريك النشوة الجنسية الدفينة في زبائن المكان، فكلما حركت جسدها ،وأبانت عن مفاتنها ،كلما تحركت الأيادي داخل الجيوب ،وكان المدخول وافرا،تقول ،والزبناء قد يدفعون أكثر إن تلامست الأجساد وذابت حرارة المكان في حرارتهم، وليلة "البوناني" في نظرها ليلة لا تعوض، خاصة مع سخاوة الدفع ونوعية من يقصد المكان، فقد لا تلمح هذه الوجوه مرة أخرى، ودورها يكمن في إثارتهم وإرضائهم تختم لتواصل مسلسل "الهز والجذب" ،الذي أبى أن لا ينتهي حتى يصدر الديك صيحته. خلوة وقبلات حارة وخمر على عكس "أنيس"، الذي قصد الملهى الليلي لقضاء رأس السنة فضل "عادل" الجلوس في مكان خالي، وبعيد عن الغرباء على رمال شاطئ المدينة رفقة "خديجة"، التي تعرف عليها عبر مواقع التواصل الإجتماعي وتوطدت العلاقة بينهما لتصل للهيام،فبعد أن ذبا معا في قبلات حارة ،رسمها على ثغر محبوبته ،غير مكثرت لتوجدنا، بعد أن لعبت الخمرة بعقله، قرر الخوض في الحديث مبديا إرتياحه ،فقضاء ليلة إستقبال العام الجديد على إيقاعات أمواج البحر، راجع بالأساس للتكلفة الباهضة، التي تقدمها المطاعم والملاهي الليلية، وعدم مراعاتها للقدرة الشرائية للطبقات الفقيرة مثله، وكونها بالفعل لا يمكن أن يجد المرء بها راحته، وفعل ما يرغب فيه لأن أغلب الشباب لا يمضي الليلة وحده بل الكل يقوم بدعوة "حبيبته"وبعامية دكالية قال:"ميمكنش تاخد راحتك تما وتمارس الحب مع جمتك" فيما رأت حبيبته "خديجة"، أن تلك الأماكن ليست للفقراء مثلنا ومجئينا للشاطئ راجع لكوننا لا نقدر على دفع فاتورة "البوناني" الباهضة الثمن و"حنا هاد الليلة خاصنا نستغلوها ونديرو لي عجبنا،وتماك عامر ببنادم كولشي حاضيك" فبهذه العبارة عبرت عن رغبتها في الإبتعاد والإنزواء رفقة حبيبها وتقاسم لحظات حميمية معه بعيدا عن نظرات الناس التي لا ترحم خصوصا مع حساسية الموقف. "البونان" ولقمة العيش التي لا ترحم "حنا مكنعرفو لا بوناني لا غيرو" بهذه العبارة بدء "محمد" ذا الثياب الرثة التي تفضح إنتمائه الطبقي وأبدى رغبته في الخروج رفقة أسرته الصغيرة المكونة من زوجة وثلاثة أبناء لتكسير روتين الحياة اليومية والإنخراط بأجسادهم أيضا كغيرهم من الجحافيل البشرية التي ملئت كورنيش المدينة لكن الظروف الإجتماعية والسومة الكرائية التي ضقت ذرعا من عقارب الشهر المتسارعة والخاطفة لم تترك له أي فرصة لرسم البسمة على وجه زوجته وجعلها تحس أنها كغيرها من الناس يقول. ليجد نفسه يصيح "كاوكاو كرميلو" وينعرج بين كراسي المقاهي بحثا عن من يخلصه من سلعته ليلحق بزوجته وينعم بدفء ينسيه برودة المكان ونظرات الإحتقار والإنتقاص من شأنه التي تصاحبه. ووسط أضواء الشعلات الإحتفالية التي زينت سماء المدينة تتعدد الحكايات وقصص ساكنة أكادير مع ليلة "البوناني" وتختلف من شخص لآخر حسب إنتمائه الطبقي ورصيده البنكي وتجمع بين الإثارة والإستثناء على أمل لقاء سنة أفضل من سابقتها.