يعتبر العقل البشري الثروة الحقيقية لكل بلد في عهد العولمة والتكنولوجيا الحديثة. ومن 0جل الحفاظ على هذه الثروة وتزكيتها وجب ت0هيل المنظومة التعليمية. ولنا في دولة سنغافورة أحسن مثال. فالبلد حقق طفرة هائلة بفضل أدمغة أبناءه الذين يتلقون تعليما يعتبر الأفضل. بالمقابل نشعر بالصدمة ونحن نرى التعليم بالمغرب يحتل أسفل المراتب في التصنيفات الدولية وآخرها التصنيف الذي أصدرته ويبومتريكس ،هذه السنة، الذي وضع أحسن جامعة مغربية في الرتبة 1994 عالميا. ويعود فساد المنظومة التعليمية لعدة أسباب من أبرزها الفوضى التي يعيشها قطاع التعليم الخاص. لقد تزايدت المؤسساث الخاصة بنسبة كبيرة، في السنوات الأخيرة، بلغت 300 في المائة. وواكب هذا النمو تدني فظيع لمستوى التلاميذ نظرا لعدة ظواهر غير طبيعية. فالمؤسسات الخاصة تعرف بداية كل سنة دراسية حركة انتقالية غير عادية وتنتدب أساتذة دون تكوين في إطار فوضى حقيقية يعيشها القطاع. والمؤسف أن الوزارة التي عهد إليها بتقنين الميدان تقوم ،هي أيضا، بتوظيف آلاف الأساتذة دون تكوين. مع أن المطلوب أن تكون منكبة على إصلاح برامج تكوين الأساتذة وتأهيلها لأنها برامج "بيريمي".
من المفارقات العجيبة بمؤسسات التعليم الخاص ارتفاع معدلات التلاميذ مع افتقاد التعلم بها لأبسط شروط الجودة. وهو معطى يتطلب تدخلا صارما من الوزارة الوصية وإنزال 0شد العقوبات بكل من تثبت في حقه الاتجار بالنقاط. لقد افتقدت العديد من مؤسسات التعليم الخاص للمصداقية ورسخت الإحساس بالظلم لدى تلاميذ المدارس العمومية الذين يجدون أنفسهم، بعد الباكالوريا، مقصيين من ولوج المعاهد العليا رغم أنهم الأولى والأحق.
ينتابني الشعور بالإحباط عنذما أعلم أن من بين من عهد إليهم بالإصلاح مسؤولون يستفيدون بشكل مباشر أو غير مباشر من مقاولات التعليم الخاص وهو أمر يزيد أزمة التعليم تعقيدا ويجعلنا أقرب إلى اليأس منا إلى الأمل.
استوردت المؤسسات الخاصة من الخارج في السنوات الأخيرة أكثر من 232 منهجا تربويا خاصا بالمستوى الابتدائي وهو رقم كبير يبين بجلاء طغيان الجانب التجاري على الجانب التعليمي. لقد أصبح وضع التعليم بالمغرب مزريا مع توالي إخفاقات السياسات الحكومية وإنقاذ القطاع يتطلب قرارات تاريخية تضع حدا لكل أشكال العبث وتعيد الاعتبار للمدرسة العمومية كخطوة لا مناص منها.