لا أدري بل لا أرى وسيلة يمكن لأحد أن يقنعنا بها بكون حزب العدالة والتنمية هو حزب الشعب و يعمل لأجل الشعب و مصلحته، و لا أرى بدا من أن أطبق على قياداته و الحاكمين بأمره المثل القائل " ليس في القنافذ أملس"، مثلهم في ذلك مثل بقية السياسيين الذين ابتلينا بهم بالمغرب، يعملون بلازمة ثابتة هي " أنا و بعدي الطوفان"، و لا أدري إن كنا ضحية صراعات حزبية داخلية بين صقوره أو ضحية صراع بين الحزب و بين النظام، ليس لكونهم معارضين له(النظام) بالتأكيد و لكن لكونهم لا يمثلون الشريك الأمثل للحكم بل قذفتهم رياح حركة 20 فبراير وانتهى زمنهم السياسي و قضى منهم النظام وطره ووجب إخراجهم قبل أن يضعوا بيضهم في عشه، و مثلما لكل حرب ضحايا فمازال الأفق يضيق على فقراء هذا الوطن حتى استحال نقطة سوداء تستحيل الرؤية من خلالها، و بعد أن كنا نستعجل انقضاء زمن ابن كيران مبدع كل أساليب تعذيب المواطن البسيط، ها نحن نعيش زمنا أسوأ من سابقه لرجل يذكرني برواية غسان كنفاني " الأعمى و الأطرش " فرئيس الحكومة الحالي يجمع إعاقتي الشخصيتين معا في الرواية المذكورة لا يرى و لا يسمع كأنما وضع في مكانه للزينة فقط و هو هذه الأيام منشغل بالصراع الظاهر/ الخفي الذي يعيشه مع سلفه ابن كيران حول كرسي الأمانة العامة للحزب، فالأول و إن كان صرح سابقا أنه سيرجع للخلف وراء ستار المسرحية إلا أنه مثل حشرة الضوء التي و إن لسعها نار المصباح تظل منجدبة له و لا تستطيع الابتعاد، و ها هو يتحرك بنشاط داخل الحزب و خارجه لحشد الداعمين الذين سيمتطي صهوتهم لبلوغ مراده و لا يترك فرصة تمر دون أن يعطي الإشارات بكونه شيخ الطريقة الذي لا تستقيم الطقوس بغير حضوره و أما الثاني فينتظر نجدة اليد التي وضعته على رأس الحكومة لتضعه على رأس الحزب كذلك مبرزا أفضل مواهبه التي تؤهله لشغل المنصب و هي إتقانه لغة الصمت، و بين الإثنين يبقى الفقراء و الكادحين ضحايا الصراع يسيرون نحو مصير مجهول يحمل أكثر من احتمال و ليس في الأفق بريق بشير لاحتمال تغير الأحوال نحو الأفضل، فسواء كان الموسم ماطرا أو جافا، و سواء ارتفع سعر المحروقات في السوق العالمية أو انخفض و سواء زادت وتيرة انتاج الفوسفاط و السمك أم لا فسيبقى الوضع على ما هو عليه و سواء صرخنا مثل ابن كيران أو صمتنا مثل العثماني فلن تستفيد من صمتنا أو صراخنا مثلما استفادوا و سيبقى حضن البحر أدفأ من حضن الوطن على شباب لا مكان له على أجندة هذه الحكومة أو تلك .