ندوة علمية بطنجة تستشرف آفاق مشروع قانون المسطرة المدنية الجديد    غوغل تطور تقنيات ذكاء اصطناعي مبتكرة لتحدي "DeepSeek"    مسيرة عظيمة.. رونالدو يودّع مارسيلو برسالة مليئة بالمشاعر    "جامعيو الأحرار" يناقشون فرص وإكراهات جلب الاستثمارات إلى جهة الشرق    إعلان طنجة في منتدى "نيكسوس"    متهم بتهريب المخدرات عبر الحدود المغربية ينفي صلته ب"إسكوبار الصحراء"    الشاب خالد، نجم الراي العالمي، يختار الاستقرار الدائم مع أسرته في طنجة    لقجع: مركب محمد الخامس جاهز لاستقبال الجماهير في مارس المقبل    "ما نرجع".. أحدث إبداعات حمدي المهيري الموسيقية    طنجة المتوسط يقود نمو رواج الموانئ المغربية خلال سنة 2024    تدشين سفينة للأبحاث البحرية بأكادير    توقيف صيدلي وثلاثة أشخاص وحجز 6934 قرصا مخدرا في عملية أمنية محكمة    مجلس جماعة طنجة يصادق على 42 نقطة    من الرباط.. رئيس البرلمان الموريتاني: المحيط الأطلسي شريان حيوي للتنمية والتكامل الإقليمي    هيئة رؤساء فرق الأغلبية تشيد بالتعاون التشريعي والحكومي    قادما من الشمال.. المجلس الحكومي يصادق على تعيين محمد عواج مديرا للأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الرباط سلا القنيطرة    وزارة التربية الوطنية تكشف تطورات التلقيح ضد "بوحمرون" في المدارس    إسرائيل تدعو لتسهيل مغادرة سكان غزة وحماس تطالب بقمة عربية عاجلة    رئيس النيابة العامة يتباحث مع رئيس ديوان المظالم بالمملكة العربية السعودية    التهراوي يكشف الخطة المعتمدة للحد من انتشار "بوحمرون"    العيون تحتضن المؤتمر العربي الأول حول السياسات العمومية والحكامة الترابية    بايتاس يكشف الإجراءات التي اتخذتها وزارة الصحة بشأن لقاح التهاب السحايا    ارتفاع طفيف لأسعار الذهب وسط استمرار المخاوف من حرب تجارية بين الصين والولايات المتحدة    خبراء إسرائيليون يزورون المغرب للإشراف على وحدة تصنيع طائرات بدون طيار    الأرصاد الجوية تكشف استقرار الأجواء وتترقب تساقطات محدودة بالشمال    تخفيضات تصل إلى 5%.. تفاصيل امتيازات "جواز الشباب" في السكن    عرض الفيلم المغربي "طاكسي بيض 2" في لييج    نقابي بالناظور يتوعد حزب أخنوش بالهزيمة في الانتخابات: العمال سيحاسبون الحكومة في صناديق الاقتراع    ريال مدريد يحجز بطاقته لنصف نهاية كأس ملك إسبانيا على حساب ليغانيس (ملخص)    شركة الطيران تطلق خطين جويين جديدين نحو المغرب الاقتصاد والمال    نورا فتحي بخطى ثابتة نحو العالمية    وزير الداخلية الإسباني يكشف مستجدات فتح الجمارك في سبتة ومليلية    أخبار الساحة    إنتاجات جديدة تهتم بالموروث الثقافي المغربي.. القناة الأولى تقدم برمجة استثنائية في رمضان (صور)    رونالدو يطفئ شمعته الأربعين..ماذا عن فكرة الاعتزال؟    "جواز الشباب" يخدم شراء السكن    إشاعة إلغاء عيد الأضحى تخفض أسعار الأغنام    السلطات تمنع جماهير اتحاد طنجة من التنقل إلى القنيطرة لدواعٍ أمنية    عجلة الدوري الاحترافي تعود للدوران بمواجهات قوية لا تقبل القسمة على اثنين    مرصد أوروبي يكشف أن "يناير" الماضي الأعلى حرارة على الإطلاق    بعد عام من القضايا المتبادلة.. شيرين عبد الوهاب تنتصر على روتانا    6 أفلام مغربية تستفيد من دعم قطري    مواجهات عنيفة بين الجيش الجزائري وعصابة البوليساريو بتندوف (فيديو)    تفاصيل المصادقة على اتفاقية لتهيئة حديقة عين السبع    مصدر خاص ل"الأول": "طاقم تونسي لمساعدة الشابي في تدريب الرجاء"    المغرب يعزز قدراته الدفاعية بتسلم طائرات "بيرقدار أكينجي" التركية المتطورة    "قناة بنما" تكذب الخارجية الأمريكية    القوات الإسرائيلية تخرب 226 موقعا أثريا في قطاع غزة    وزير الدفاع الإسرائيلي يأمر بالتخطيط ل"هجرة طوعية" من غزة بعد مقترح ترامب للسيطرة على القطاع    شرطة ألمانيا تتجنب "هجوم طعن"    أستاذ مغربي في مجال الذكاء الاصطناعي يتويج بجامعة نيويورك    7 أطعمة غنية بالعناصر الغذائية للحصول على قلب صحي    الرباط.. العرض ما قبل الأول لفيلم "الوصايا" لسناء عكرود    جامعة شيكاغو تحتضن شيخ الزاوية الكركرية    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    أي دين يختار الذكاء الاصطناعي؟    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطاب العرش: خطاب الوقفة مع الذات لمواجهة التحديات
نشر في أخبارنا يوم 30 - 07 - 2017

يعتبر خطاب الملك بمناسبة حلول الذكرى الثامنة عشرة لتربعه على العرش يومه السبت 05 ذي القعدة 1438ه الموافق 29 يوليوز 2017، خطاب الصراحة، وخطاب تجديد العهد مع الشعب من أجل مواصلة الإصلاحات التنموية، والمكتسبات التي عرفتها المملكة في ظل حكم الملك محمد السادس سواء محليا أو وطنيا، افريقيا وحتى دوليا، هذه الإنجازات التي يشهد بها الجميع، والتي أصبحت تتقدم بالبلاد إلى مصاف الدول السائرة في طريق النمو بشكل كبير، وبوثيرة متسارعة. هذا الخطاب الملكي جاء في وقت تعرف فيه المملكة تشنجات في بعض المناطق، مما استدعى معه توجيه الملك لخطابه لهاته الفئة التي تنتظر منه ما يثلج صدرها، وهو الشيء الذي تأتى لها قبل سماع الخطاب وذلك عن طريق العفو الملكي عن عدة معتقلين في هذا الحراك، والذي سعى من خلاله الملك إلى توجيه عدة رسائل من بينها أنه يهتم أشد الاهتمام بسكان هذه المنطقة وبتنميتها وتطويرها، وأنه لا فرق بينه بين سكان الشمال أو سكان الجنوب، ولا بين أمازيغي ولا عربي ولا غيره، وأن البرامج التنموية التي تعرفها البلاد لا تستثني مدن عن بعض آخر. فالخطاب الملكي شكل جسرا للتواصل بين المؤسسة الملكية والشعب، الأمر الذي جعل منه الملك فترة ومكان وزمان مهمين من أجل فتح قنوات التواصل بين الشعب.
فخطاب الملك هو خطاب انتظره جميع المغاربة، وهو خطاب جاء مختلفا في مضمونه وشكله، من خلال طرحه لمجموعة من المشاكل والمعيقات التي تعرفها المنظومة المؤسساتية ببلادنا. هذا الخطاب استعملت فيه كلمتين أساسيتين هما الانتهازية وانعدام المسؤولية، وأيضا الرسائل الملكية التي وجهها الملك للعقليات الفاسدة والمتحجرة
التي تتغلغل في إداراتنا المغربية، وهو خطاب الاستمرارية، حيث حاول من خلاله الملك الاستمرار في خطبه الموجهة والمحذرة والمعاقبة، حيث يشكل هذا الخطاب جزءا لا يتجزأ من الخطاب الملكي السابق الذي يعد خطابا واعدا بكل المقاييس.

أولا: المشاريع التنموية في خطاب العرش

الملك محمد السادس في هذا الخطاب يقوم بتوصيف المسؤولية، بحيث تكلم عن ربط المسؤولية بالمحاسبة، من خلال ربطه للمشاريع التنموية والإصلاحات السياسية والمؤسسية مع المسؤولية الملقاة على عاتق المسؤولين الذين يجب محاسبتهم في حالة ما إذا وقع هناك فساد أو تعطيل للعمل، أو رشوة أو شتى المشاكل التي تعاني منها الإدارات العمومية المغربية من انعدام للمسؤولية وللمواطنة الإيجابية، الشيء الذي أكد عليه الملك من خلال قوله: "إن المشاريع التنموية والإصلاحات السياسية والمؤسسية، التي نقوم بها، لها هدف واحد ، هو خدمة المواطن، أينما كان . لا فرق بين الشمال والجنوب، ولا بين الشرق والغرب، ولا بين سكان المدن والقرى. صحيح أن الإمكانات التي يتوفر عليها المغرب محدودة. وصحيح أيضا أن العديد من المناطق تحتاج إلى المزيد من الخدمات الاجتماعية الأساسية. إلا أن المغرب، والحمد لله، يتطور باستمرار. وهذا التقدم واضح وملموس، ويشهد به الجميع، في مختلف المجالات. ولكننا نعيش اليوم، في مفارقات صارخة، من الصعب فهمها، أو القبول بها . فبقدر ما يحظى به المغرب من مصداقية، قاريا ودوليا، ومن تقدير شركائنا ، وثقة كبار المستثمرين ، ك"بوينغ" و "رونو " و"بوجو "، بقدر ما تصدمنا الحصيلة والواقع، بتواضع الإنجازات في بعض المجالات الاجتماعية، حتى أصبح من المخجل أن يقال أنها تقع في مغرب اليوم. فإذا كنا قد نجحنا في العديد من المخططات القطاعية، كالفلاحة والصناعة والطاقات المتجددة، فإن برامج التنمية البشرية والترابية، التي لها تأثير مباشر على تحسين ظروف عيش المواطنين، لا تشرفنا ، وتبقى دون طموحنا، وذلك راجع بالأساس، في الكثير من الميادين، إلى ضعف العمل المشترك، وغياب البعد الوطني والإستراتيجي، والتنافر بدل التناسق والالتقائية ، والتبخيس والتماطل، بدل المبادرة والعمل الملموس. وتزداد هذه المفارقات حدة، بين القطاع الخاص، الذي يتميز بالنجاعة والتنافسية، بفضل نموذج التسيير، القائم على آليات المتابعة والمراقبة والتحفيز، وبين القطاع العام، وخصوصا الإدارة العمومية، التي تعاني من ضعف الحكامة، ومن قلة المردودية".

ثانيا: الإدارة المغربية في خطاب العرش

الملك محمد السادس في هذا الجانب، يحدد المسؤوليات من خلال تشخيصه للوضعية التي تعرفها المؤسسات بالمغرب، فإلى جانب الاختيارات الاستراتيجية الجيدة والصائبة فهي تصطدم بوجود أناس يغلب عليهم عقلية الغنيمة وعقلية أنا ومن بعدي الطوفان، لذلك، فالملك يقول بأن مختلف هذه المشاكل تِثر لا محالة على مسار الإصلاحات التي تعرفها البلاد، الأمر الذي أكده الملك محمد السادس بأنه: "إن اختياراتنا التنموية تبقى عموما صائبة. إلا أن المشكل يكمن في العقليات التي لم تتغير، وفي القدرة على التنفيذ والإبداع. فالتطور السياسي والتنموي، الذي يعرفه المغرب، لم ينعكس بالإيجاب، على تعامل الأحزاب والمسؤولين السياسيين والإداريين، مع التطلعات والانشغالات الحقيقية للمغاربة. فعندما تكون النتائج إيجابية، تتسابق الأحزاب والطبقة السياسية والمسؤولون، إلى الواجهة، للإستفادة سياسيا وإعلاميا، من المكاسب المحققة. أما عندما لا تسير الأمور كما ينبغي، يتم الإختباء وراء القصر الملكي، وإرجاع كل الأمور إليه. وهو ما يجعل المواطنين يشتكون لملك البلاد، من الإدارات والمسؤولين الذين يتماطلون في الرد على مطالبهم، ومعالجة ملفاتهم، ويلتمسون منه التدخل لقضاء أغراضهم".
لذلك، فلإصلاح الإدارة المغربية، يجب ربطها بمجموعة من الأشياء من بينها ضرورة رقمنة الإدارة المغربية، فغير معقول بأننا في زمن العوملة ومجموعة من الدول سبقتنا بأشواط وسنوات في مجال استخدام المعلوميات في الإدارة من أجل تسهيل المأمورية أمام مواطنيها، فماذا حققنا اليوم من مشروع الحكومة الإلكترونية؟ وماذا حققنا مشروع المغرب الرقمي؟ ولماذا لحد الساعة لم يتم محاسبة المسؤولين عن تأخر توزيع ورقمنة الإدارة الإلكترونية في شتى ربوع المملكة. ونحن اليوم في سنة 2017، يجب تفعيل الدستور في هذا الصدد، فنحن نتكلم عن ما يزيد عن 6 سنوات على تطبيقه.

ثالثا: ربط المسؤولية بالمحاسبة في خطاب العرش

الملك في هذا الجانب يتحدث عن مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، فالملك يذكر بضرورة خجل المسؤولين من أنفسهم وهم يعرفون بأنهم فاسدين رغم أنهم يقفون وجها لوجه أمام المواطنين، لذلك، فالملك يقول بأن المواطنين أصبحوا يتوجهون بشكاياتهم أمام أنظار الملك وحده لأن هناك مسؤولين فاسدين غير قادرين على لعب أدوارهم ومسؤولياتهم على النحو المطلوب، الشيء الذي يضر بصورة المغرب دوليا وقاريا، وهنا فالأحزاب المغربية
أصبحت خارج اللعبة وخارج منظومة التأطير المجتمعي والمؤسساتي، وهنا أصبح للمواطن منفذ واحد هو الملك، الأمر الذي أكده من خلال كلامه: "أنا لا أفهم كيف يستطيع أي مسؤول، لا يقوم بواجبه، أن يخرج من بيته، ويستقل سيارته، ويقف في الضوء الأحمر، وينظر إلى الناس، دون خجل ولا حياء، وهو يعلم بأنهم يعفون بانه ليس له ضمير .ألا يخجل هؤلاء من أنفسهم، رغم أنهم يؤدون القسم أمام الله، والوطن، والملك، ولا يقومون بواجبهم؟ ألا يجدر أن تتم محاسبة أو إقالة أي مسؤول، إذا ثبت في حقه تقصير أو إخلال في النهوض بمهامه؟ وهنا أشدد على ضرورة التطبيق الصارم لمقتضيات الفقرة الثانية، من الفصل الأول من الدستور التي تنص على ربط المسؤولية بالمحاسبة. لقد حان الوقت للتفعيل الكامل لهذا المبدأ. فكما يطبق القانون على جميع المغاربة، يجب انم يطبق أولا على كل المسؤولين بدون استثناء أو تمييز، وبكافة مناطق المملكة".

رابعا: الأحزاب السياسية في خطاب العرش

هناك نقطة مهمة وقوية جاء بها خطاب الملك، هي نقطة حاول من خلالها الملك بسط مجموعة من الإشكالات المرتبطة بالأحزاب السياسية، هذه الأخيرة التي أصبحت بعيدة عن مشاكل واهتمامات المواطنين وعن التأطير الفعلي والفعال للمواطنات اوالمواطنين، وأصبحت بعيدة كل البعد عن المنظومة المجتمعية، الشيء الذي يؤدي لا محالة إلى نفور المواطنين وعدم ثقتهم في هذه الاحزاب، مما يؤثر مباشرة على المشاركة في العملية السياسية. هذه الأحزاب التي أصبحنا نراها فقط إذا كانت هناك أشياء إيجابية، أما إذا كان هناك أشياء سلبية أو أخطاء ومشاكل فلن تجد لها ممثلا. الأمر الذي حدى بعاهل البلاد إلى التأكيد على أنه :"إن بعض الأحزاب تعتقد أن عملها يقتصر فقط على عقد مؤتمراتها، واجتماع مكاتبها السياسية ولجانها التنفيذية، أو خلال الحملات الانتخابية. أما عندما يتعلق الأمر بالتواصل مع المواطنين، وحل مشاكلهم، فلا دور ولا وجود لها. وهذا شيئ غير مقبول، من هيآت مهمتها تمثيل وتأطير المواطنين، وخدمة مصالحهم. ولم يخطر لي على البال، أن يصل الصراع الحزبي، وتصفية الحسابات السياسوية، إلى حد الإضرار بمصالح المواطنين. فتدبير الشأن العام، ينبغي أن يظل بعيدا عن المصالح الشخصية والحزبية، وعن الخطابات الشعبوية، وعن استعمال بعض المصطلحات الغريبة، التي تسيئ للعمل السياسي. إلا أننا لاحظنا تفضيل أغلب الفاعلين ، لمنطق الربح والخسارة ،للحفاظ على رصيدهم السياسي أو تعزيزه على حساب الوطن، وتفاقم الأوضاع .إن تراجع الأحزاب السياسية وممثليها، عن القيام بدورها، عن قصد وسبق إصرار أحيانا، وبسبب انعدام المصداقية والغيرة الوطنية أحيانا أخرى قد زاد من تأزيم الأوضاع".
الأمر الآخر في هذا الإطار، هو أنه رغم الإصلاحات التنموية التي يعرفها المغرب، إلا أن هذا لم يؤثر إيجابا على تعامل الأحزاب والسياسيين والإداريين مع تطلعات ورهانات المغاربة، الشيء الذي أكد من خلاله الملك على أنه لدينا إشكالات كبيرة مرتبطة بعلاقة المواطن بالمسؤولين، الشيء الذي يؤدي إلى حوار للصم بينهما، الشيء الذي يؤثر على الوقوف الإيجابي والتعامل الإيجابي للمسؤولين وحاجات المواطنين، هذه الأشياء مسبباتها هي عدم إصلاح الإدارة المغربية بإرادة فعلية، ووجود مسؤولين ومنتخبين يوظفون الرشوة والزبونية والمحسوبية والبطالة في العملية الانتخابية، وهو الأمر الذي نجده في خطاب الملك من خلال قوله:"فالتطور السياسي والتنموي، الذي يعرفه المغرب، لم ينعكس بالإيجاب، على تعامل الأحزاب والمسؤولين السياسيين والإداريين، مع التطلعات والانشغالات الحقيقية للمغاربة. فعندما تكون النتائج إيجابية، تتسابق الأحزاب والطبقة السياسية والمسؤولون، إلى الواجهة، للإستفادة سياسيا وإعلاميا، من المكاسب المحققة. أما عندما لا تسير الأمور كما ينبغي، يتم الإختباء وراء القصر الملكي، وإرجاع كل الأمور إليه. وهو ما يجعل المواطنين يشتكون لملك البلاد، من الإدارات والمسؤولين الذين يتماطلون في الرد على مطالبهم، ومعالجة ملفاتهم، ويلتمسون منه التدخل لقضاء أغراضهم. والواجب يقتضي أن يتلقى المواطنون أجوبة مقنعة، وفي آجال معقولة، عن تساؤلاتهم وشكاياتهم، مع ضرورة شرح الأسباب وتبرير القرارات، ولو بالرفض، الذي لا ينبغي أن يكون دون سند قانوني، وإنما لأنه مخالف للقانون، أو لأنه يجب على المواطن استكمال المساطر الجاري بها العمل. وأمام هذا الوضع، فمن الحق المواطن أن يتساءل: ما الجدوى من وجود المؤسسات، وإجراء الانتخابات، وتعيين الحكومة والوزراء، والولاة والعمال، والسفراء والقناصلة، إذا كانون هم في واد، والشعب وهمومه في واد آخر؟. فممارسات بعض المسؤولين المنتخبين، تدفع عددا من المواطنين، وخاصة الشباب، للعزوف عن الانخراط في العمل السياسي، وعن المشاركة في الانتخابات. لأنهم بكل بساطة، لا يثقون في الطبقة السياسية، ولأن بعض الفاعلين أفسدوا السياسة ، وانحرفوا بها عن جوهرها النبيل".

خامسا: الأمن في خطاب العرش

الملك في خطابه أشاد بقوات الأمن من درك وشرطة وقوات مساعدة، من خلال عملهم على استتباب الأمن والحفاظ عليه، من خلال تطبيق القانون على الجميع وبشكل يتناسب مع حقوق الإنسان، والمواثيق الدولية في هذا الخصوص، فالأمن في هذا الجانب ومن خلال خطاب العرش أمر لابد منه في أي بلاد وأي مجتمع، لأن الأمن أمر ضروري ومهم من أجل خلق جو من الراحة النفسية والاجتماعية لدى المواطنات والمواطنين، وأي خرق
أو ضرب لمنظومة الأمن في بلادنا هو ضرب لأمن المغاربة ولراحتهم وسكينتهم، لهذا ننادي اليوم بضرورة بسط القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للأمن في ظل التحديات الأمنية التي تعرفها بلادنا، فأصبح من اللازم والمؤكد التفعيل السريع لهذه المؤسسة الدستورية الأمنية التي ستشكل لبنة أساسية وصرحا أمني كبير ومهم في وجه جل التحديات والمشاكل الأمنية التي تتربص ببلادنا، الأمر الذي أكده الملك من خلال: "وأمام هذا الفراغ المؤسف والخطير ، وجدت القوات العمومية نفسها وجها لوجه مع الساكنة ،فتحملت مسؤوليتها بكل شجاعة وصبر، وضبط للنفس، والتزام بالقانون في الحفاظ على الأمن والاستقرار. وهنا أقصد الحسيمة، رغم أن ما وقع يمكن أن ينطبق على أي منطقة أخرى. وذلك عكس ما يدعيه البعض من لجوء إلى ما يسمونه بالمقاربة الأمنية، وكأن المغرب فوق بركان، وأن كل بيت وكل مواطن له شرطي يراقبه. بل هناك من يقول بوجود تيار متشدد، وآخر معتدل، يختلفان بشأن طريقة التعامل مع هذه الأحداث. وهذا غير صحيح تماما. والحقيقة أن هناك توجها واحدا، والتزاما ثابتا، هو تطبيق القانون، واحترام المؤسسات، وضمان أمن المواطنين وصيانة ممتلكاتهم. ويعرف المغاربة بأن أصحاب هذه الأطروحة المتجاوزة يستغلونها كرصيد للاسترزاق، وكلامهم ليست له أي مصداقية. وكأن الأمن هو المسؤول عن تسيير البلاد، ويتحكم في الوزراء والمسؤولين، وهو أيضا الذي يحدد الأسعار، الخ. في حين أن رجال الأمن يقدمون تضحيات كبيرة، ويعملون ليلا ونهارا، وفي ظروف صعبة، من أجل القيام بواجبهم في حماية أمن الوطن واستقراره، داخليا وخارجيا، والسهر على راحة وطمأنينة المواطنين وسلامتهم. ومن حق المغاربة، بل من واجبهم، أن يفتخروا بأمنهم، وهنا أقولها بدون تردد أو مركب نقص : إذا كان بعض العدميين لا يريدون الاعتراف بذلك، أو يرفضون قول الحقيقة، فهذا مشكل يخصهم وحدهم".

سادسا: الأمن في خطاب العرش

إن الخطب الملكية جميعها التي وجهها الملك إلى الشعب المغربي، حاول من خلالها تقريب الرؤى والاستراتيجيات التي سيعمل بها عاهل البلاد، وهو بذلك يقوم بإعلام عام لعموم المواطنات والمواطنين بما سيقدم عليه من مشاريع، وخطط تنموية وإصلاحية، لأن أغلب هذه المشاريع ما هي إلا استجابة عن تطلعات المواطنين، وهو ما أكده الملك بقوله:"إني أعتز بخدمتك حتى آخر رمق، لأنني تربيت على حب الوطن، وعلى خدمة أبنائه. وأعاهدك الله، على مواصلة العمل الصادق، وعلى التجاوب مع مطالبك، ولتحقيق تطلعاتك. واسمح لي أن أعبر لك عن صادق شعوري، وكل ما يخالج صدري، بعد ثمانية عشرة سنة، من تحمل أمانة قيادتك. لأنه لا يمكن لي
أن اخفي عنك بعض المسائل، التي تعرفها حق المعرفة. ومن واجبي أن أقول لك الحقيقة، وإلا سأكون مخطئا في حقك".

سابعا: فصل السلط في خطاب العرش

هذا المبدأ أكد عليه الدستور المغربي لسنة 2011، فعندما يتم التخلي عن المسؤولية يقول الملك بشكل غير مباشر أين هو دور الحكومة، وهي رسالة للمسؤولين بمختلف مشاربهم من حكومة ومسؤولين بألا ينتظروا منه الأوامر من أجل البت في مسألة ما، لأان هذا الأمر لا يدخل ولا يتناسب مع مبدأ فصل السلط، هذا المبدأ إن تم تطبيقه على النحو المطلوب لما أصبحنا نواجه اليوم مجموعة من المعضلات والنقط السلبية التي تكاثرت وتكاثفت وتزايدت، مؤكدا على ضرورة تجاوز هذا الأمر والعمل بشكل إيجابي، وبروح من المسؤولية، ونكران الذات، من أجل مسألة واحدة وهي تنمية البلاد والمساهمة في رقي وازدهار المملكة، الأمر الذي أكده الملك بقوله:"وإني أحرص كل الحرص على احترام اختصاصات المؤسسات، وفصل السلط. ولكن إذا تخلف المسؤولون عن القيام بواجبهم، وتركوا قضايا الوطن والمواطنين عرضة للضياع، فإن مهامي الدستورية تلزمني بضمان أمن البلاد واستقرارها، وصيانة مصالح الناس وحقوقهم وحرياتهم. وفي نفس الوقت، فإننا لن نقبل بأي تراجع عن المكاسب الديمقراطية. ولن نسمح بأي عرقلة لعمل المؤسسات. فالدستور والقانون واضحان، والاختصاصات لا تحتاج إلى تأويل".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.