بمناسبة السنة الجديدة.. الحكومة "تهدي" أجراء النشاطات الفلاحية وغير الفلاحية زيادة في الأجور    سيارات اجرة تطارد سيارة "تطبيقات" بطريقة هوليودية بالرباط (فيديو)    الأيام التواصلية الجهوية لمؤسسة محمد السادس للأعمال الاجتماعية لموظفي الأمن الوطني تحط الرحال بالرباط    الخطوط الأذربيجانية تعل ق رحلاتها إلى سبع مدن روسية بعد حادث تحطم الطائرة    "جبهة دعم فلسطين": احتجاجات مناهضي التطبيع تتعرض لتجريم عملي وإدانة 13 ناشطا بسلا "سياسية"    الجولة 16 من الدوري الاحترافي الأول .. الرجاء يرحل إلى بركان بحثا عن مسكن لآلامه والجيش الملكي ينتظر الهدية    نهضة بركان يطرح تذاكر مباراته ضد الرجاء    بورصة البيضاء تغلق التداولات بالأحمر    وفاة الرئيس التاريخي لمجموعة "سوزوكي" أوسامو سوزوكي    منظة تكشف عدد وفيات المهاجرين بين طنجة وإسبانيا خلال 2024    "الاتحاديات" يطالبن بقانون أسرة واضح يحمي القاصرات ويؤكد الخبرة الجينية    الرئيس الألماني يعلن حل البرلمان ويحدد موعدا لإجراء انتخابات مبكرة    بقنبلة زُرعت في وسادته.. إسرائيل تكشف تفصيل عملية اغتيال إسماعيل هنية    رفض دفوع الناصري وبعيوي يثير غضب المحامين والهيئة تستمع للمتهمين    صديقة خديجة الصديقي تعلن العثور على والد هشام    هل يُجدد لقاء لمجرد بهاني شاكر التعاون بينهما؟    بلغ 4082 طنا.. جمعية تشيد بزيادة إنتاج القنب الهندي المقنن    ألمانيا: حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة    فوج جديد من المجندين يؤدي القسم    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    الدرك يحرر 19 محتجزا من ضيعة فلاحية    "أتقداو" تفتتح متجرا جديدا في الخميسات    الحكمة المغربية بشرى كربوبي تحتل الرتبة الخامسة عالميا والأولى إفريقيا    حضور وازن في المهرجان الدولي للسينما و التراث بميدلت    فنانات مغربيات تتفاعلن مع جديد مدونة الأسرة    ما حقيقة اعتزال عامر خان الفن؟    اختتام ناجح للدورة الخامسة لصالون الإلهام الدولي للفن التشكيلي بتارودانت    الوداد البيضاوي يعلن تعيين طلال ناطقا رسميا للفريق    دوري أبطال افريقيا: تحكيم بوروندي لمباراة الجيش الملكي ومانييما أنيون الكونغولي    معارض جزائري ل "رسالة 24 ": الاحتقان الرقمي مقدمة لإمكانية وقوع انفجار اجتماعي في المستقبل وعودة الحراك السياسي إلى الشارع الجزائري    الصين تجهز روبوت لاستكشاف القمر    لقاء تواصلي حول وضعية الفنان والحقوق المجاورة بالناظور    تقرير أمريكي: المغاربة أكثر الشعوب تعايشا وتسامحا في العالم    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    المصادقة على مقترحات تعيين في مناصب عليا    بايتاس: إعداد مدونة الأسرة الجديدة مبني على التوجيهات الملكية والنقاش مستمر في مشروع قانون الإضراب    الجولة 16.. قمة بين نهضة بركان والرجاء والجيش يطمح لتقليص الفارق مع المتصدر    غوارديولا يتحدث عن إمكانية عقد صفقات جديدة في يناير    تراجع أسعار الذهب وسط ترقب المستثمرين للاقتصاد الأمريكي    2024.. عام استثنائي من التبادل الثقافي والشراكات الاستراتيجية بين المغرب وقطر    ارتفاع ليالي المبيت بمؤسسات الإيواء السياحي المصنفة بالرباط ب 4 في المائة عند متم أكتوبر    التحكيم المغربي يحقق إنجازًا عالميًا.. بشرى الكربوبي بين أفضل 5 حكمات في العالم    طعن مسؤول أمني تونسي خلال عملية إيقاف مطلوب للعدالة بتهم الإرهاب    استهلاك اللحوم الحمراء وعلاقته بمرض السكري النوع الثاني: حقائق جديدة تكشفها دراسة حديثة    وهبي يقدم عرضا في موضوع تفعيل مقترحات مراجعة مدونة الأسرة    مجلس الحكومة يصادق على قائمة الرخص الاستثنائية التي يستفيد منها القضاة    علماء: تغير المناخ يزيد الحرارة الخطيرة ب 41 يومًا في 2024    الحكومة تحدد شروط منح تعويض لمؤطري التكوين المستمر بوزارة التعليم    "ما لم يُروَ في تغطية الصحفيين لزلزال الحوز".. قصصٌ توثيقية تهتم بالإنسان    الثورة السورية والحكم العطائية..    هل نحن أمام كوفيد 19 جديد ؟ .. مرض غامض يقتل 143 شخصاً في أقل من شهر    دراسة تكشف آلية جديدة لاختزان الذكريات في العقل البشري    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطاب العرش: خطاب الوقفة مع الذات لمواجهة التحديات
نشر في أخبارنا يوم 30 - 07 - 2017

يعتبر خطاب الملك بمناسبة حلول الذكرى الثامنة عشرة لتربعه على العرش يومه السبت 05 ذي القعدة 1438ه الموافق 29 يوليوز 2017، خطاب الصراحة، وخطاب تجديد العهد مع الشعب من أجل مواصلة الإصلاحات التنموية، والمكتسبات التي عرفتها المملكة في ظل حكم الملك محمد السادس سواء محليا أو وطنيا، افريقيا وحتى دوليا، هذه الإنجازات التي يشهد بها الجميع، والتي أصبحت تتقدم بالبلاد إلى مصاف الدول السائرة في طريق النمو بشكل كبير، وبوثيرة متسارعة. هذا الخطاب الملكي جاء في وقت تعرف فيه المملكة تشنجات في بعض المناطق، مما استدعى معه توجيه الملك لخطابه لهاته الفئة التي تنتظر منه ما يثلج صدرها، وهو الشيء الذي تأتى لها قبل سماع الخطاب وذلك عن طريق العفو الملكي عن عدة معتقلين في هذا الحراك، والذي سعى من خلاله الملك إلى توجيه عدة رسائل من بينها أنه يهتم أشد الاهتمام بسكان هذه المنطقة وبتنميتها وتطويرها، وأنه لا فرق بينه بين سكان الشمال أو سكان الجنوب، ولا بين أمازيغي ولا عربي ولا غيره، وأن البرامج التنموية التي تعرفها البلاد لا تستثني مدن عن بعض آخر. فالخطاب الملكي شكل جسرا للتواصل بين المؤسسة الملكية والشعب، الأمر الذي جعل منه الملك فترة ومكان وزمان مهمين من أجل فتح قنوات التواصل بين الشعب.
فخطاب الملك هو خطاب انتظره جميع المغاربة، وهو خطاب جاء مختلفا في مضمونه وشكله، من خلال طرحه لمجموعة من المشاكل والمعيقات التي تعرفها المنظومة المؤسساتية ببلادنا. هذا الخطاب استعملت فيه كلمتين أساسيتين هما الانتهازية وانعدام المسؤولية، وأيضا الرسائل الملكية التي وجهها الملك للعقليات الفاسدة والمتحجرة
التي تتغلغل في إداراتنا المغربية، وهو خطاب الاستمرارية، حيث حاول من خلاله الملك الاستمرار في خطبه الموجهة والمحذرة والمعاقبة، حيث يشكل هذا الخطاب جزءا لا يتجزأ من الخطاب الملكي السابق الذي يعد خطابا واعدا بكل المقاييس.

أولا: المشاريع التنموية في خطاب العرش

الملك محمد السادس في هذا الخطاب يقوم بتوصيف المسؤولية، بحيث تكلم عن ربط المسؤولية بالمحاسبة، من خلال ربطه للمشاريع التنموية والإصلاحات السياسية والمؤسسية مع المسؤولية الملقاة على عاتق المسؤولين الذين يجب محاسبتهم في حالة ما إذا وقع هناك فساد أو تعطيل للعمل، أو رشوة أو شتى المشاكل التي تعاني منها الإدارات العمومية المغربية من انعدام للمسؤولية وللمواطنة الإيجابية، الشيء الذي أكد عليه الملك من خلال قوله: "إن المشاريع التنموية والإصلاحات السياسية والمؤسسية، التي نقوم بها، لها هدف واحد ، هو خدمة المواطن، أينما كان . لا فرق بين الشمال والجنوب، ولا بين الشرق والغرب، ولا بين سكان المدن والقرى. صحيح أن الإمكانات التي يتوفر عليها المغرب محدودة. وصحيح أيضا أن العديد من المناطق تحتاج إلى المزيد من الخدمات الاجتماعية الأساسية. إلا أن المغرب، والحمد لله، يتطور باستمرار. وهذا التقدم واضح وملموس، ويشهد به الجميع، في مختلف المجالات. ولكننا نعيش اليوم، في مفارقات صارخة، من الصعب فهمها، أو القبول بها . فبقدر ما يحظى به المغرب من مصداقية، قاريا ودوليا، ومن تقدير شركائنا ، وثقة كبار المستثمرين ، ك"بوينغ" و "رونو " و"بوجو "، بقدر ما تصدمنا الحصيلة والواقع، بتواضع الإنجازات في بعض المجالات الاجتماعية، حتى أصبح من المخجل أن يقال أنها تقع في مغرب اليوم. فإذا كنا قد نجحنا في العديد من المخططات القطاعية، كالفلاحة والصناعة والطاقات المتجددة، فإن برامج التنمية البشرية والترابية، التي لها تأثير مباشر على تحسين ظروف عيش المواطنين، لا تشرفنا ، وتبقى دون طموحنا، وذلك راجع بالأساس، في الكثير من الميادين، إلى ضعف العمل المشترك، وغياب البعد الوطني والإستراتيجي، والتنافر بدل التناسق والالتقائية ، والتبخيس والتماطل، بدل المبادرة والعمل الملموس. وتزداد هذه المفارقات حدة، بين القطاع الخاص، الذي يتميز بالنجاعة والتنافسية، بفضل نموذج التسيير، القائم على آليات المتابعة والمراقبة والتحفيز، وبين القطاع العام، وخصوصا الإدارة العمومية، التي تعاني من ضعف الحكامة، ومن قلة المردودية".

ثانيا: الإدارة المغربية في خطاب العرش

الملك محمد السادس في هذا الجانب، يحدد المسؤوليات من خلال تشخيصه للوضعية التي تعرفها المؤسسات بالمغرب، فإلى جانب الاختيارات الاستراتيجية الجيدة والصائبة فهي تصطدم بوجود أناس يغلب عليهم عقلية الغنيمة وعقلية أنا ومن بعدي الطوفان، لذلك، فالملك يقول بأن مختلف هذه المشاكل تِثر لا محالة على مسار الإصلاحات التي تعرفها البلاد، الأمر الذي أكده الملك محمد السادس بأنه: "إن اختياراتنا التنموية تبقى عموما صائبة. إلا أن المشكل يكمن في العقليات التي لم تتغير، وفي القدرة على التنفيذ والإبداع. فالتطور السياسي والتنموي، الذي يعرفه المغرب، لم ينعكس بالإيجاب، على تعامل الأحزاب والمسؤولين السياسيين والإداريين، مع التطلعات والانشغالات الحقيقية للمغاربة. فعندما تكون النتائج إيجابية، تتسابق الأحزاب والطبقة السياسية والمسؤولون، إلى الواجهة، للإستفادة سياسيا وإعلاميا، من المكاسب المحققة. أما عندما لا تسير الأمور كما ينبغي، يتم الإختباء وراء القصر الملكي، وإرجاع كل الأمور إليه. وهو ما يجعل المواطنين يشتكون لملك البلاد، من الإدارات والمسؤولين الذين يتماطلون في الرد على مطالبهم، ومعالجة ملفاتهم، ويلتمسون منه التدخل لقضاء أغراضهم".
لذلك، فلإصلاح الإدارة المغربية، يجب ربطها بمجموعة من الأشياء من بينها ضرورة رقمنة الإدارة المغربية، فغير معقول بأننا في زمن العوملة ومجموعة من الدول سبقتنا بأشواط وسنوات في مجال استخدام المعلوميات في الإدارة من أجل تسهيل المأمورية أمام مواطنيها، فماذا حققنا اليوم من مشروع الحكومة الإلكترونية؟ وماذا حققنا مشروع المغرب الرقمي؟ ولماذا لحد الساعة لم يتم محاسبة المسؤولين عن تأخر توزيع ورقمنة الإدارة الإلكترونية في شتى ربوع المملكة. ونحن اليوم في سنة 2017، يجب تفعيل الدستور في هذا الصدد، فنحن نتكلم عن ما يزيد عن 6 سنوات على تطبيقه.

ثالثا: ربط المسؤولية بالمحاسبة في خطاب العرش

الملك في هذا الجانب يتحدث عن مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، فالملك يذكر بضرورة خجل المسؤولين من أنفسهم وهم يعرفون بأنهم فاسدين رغم أنهم يقفون وجها لوجه أمام المواطنين، لذلك، فالملك يقول بأن المواطنين أصبحوا يتوجهون بشكاياتهم أمام أنظار الملك وحده لأن هناك مسؤولين فاسدين غير قادرين على لعب أدوارهم ومسؤولياتهم على النحو المطلوب، الشيء الذي يضر بصورة المغرب دوليا وقاريا، وهنا فالأحزاب المغربية
أصبحت خارج اللعبة وخارج منظومة التأطير المجتمعي والمؤسساتي، وهنا أصبح للمواطن منفذ واحد هو الملك، الأمر الذي أكده من خلال كلامه: "أنا لا أفهم كيف يستطيع أي مسؤول، لا يقوم بواجبه، أن يخرج من بيته، ويستقل سيارته، ويقف في الضوء الأحمر، وينظر إلى الناس، دون خجل ولا حياء، وهو يعلم بأنهم يعفون بانه ليس له ضمير .ألا يخجل هؤلاء من أنفسهم، رغم أنهم يؤدون القسم أمام الله، والوطن، والملك، ولا يقومون بواجبهم؟ ألا يجدر أن تتم محاسبة أو إقالة أي مسؤول، إذا ثبت في حقه تقصير أو إخلال في النهوض بمهامه؟ وهنا أشدد على ضرورة التطبيق الصارم لمقتضيات الفقرة الثانية، من الفصل الأول من الدستور التي تنص على ربط المسؤولية بالمحاسبة. لقد حان الوقت للتفعيل الكامل لهذا المبدأ. فكما يطبق القانون على جميع المغاربة، يجب انم يطبق أولا على كل المسؤولين بدون استثناء أو تمييز، وبكافة مناطق المملكة".

رابعا: الأحزاب السياسية في خطاب العرش

هناك نقطة مهمة وقوية جاء بها خطاب الملك، هي نقطة حاول من خلالها الملك بسط مجموعة من الإشكالات المرتبطة بالأحزاب السياسية، هذه الأخيرة التي أصبحت بعيدة عن مشاكل واهتمامات المواطنين وعن التأطير الفعلي والفعال للمواطنات اوالمواطنين، وأصبحت بعيدة كل البعد عن المنظومة المجتمعية، الشيء الذي يؤدي لا محالة إلى نفور المواطنين وعدم ثقتهم في هذه الاحزاب، مما يؤثر مباشرة على المشاركة في العملية السياسية. هذه الأحزاب التي أصبحنا نراها فقط إذا كانت هناك أشياء إيجابية، أما إذا كان هناك أشياء سلبية أو أخطاء ومشاكل فلن تجد لها ممثلا. الأمر الذي حدى بعاهل البلاد إلى التأكيد على أنه :"إن بعض الأحزاب تعتقد أن عملها يقتصر فقط على عقد مؤتمراتها، واجتماع مكاتبها السياسية ولجانها التنفيذية، أو خلال الحملات الانتخابية. أما عندما يتعلق الأمر بالتواصل مع المواطنين، وحل مشاكلهم، فلا دور ولا وجود لها. وهذا شيئ غير مقبول، من هيآت مهمتها تمثيل وتأطير المواطنين، وخدمة مصالحهم. ولم يخطر لي على البال، أن يصل الصراع الحزبي، وتصفية الحسابات السياسوية، إلى حد الإضرار بمصالح المواطنين. فتدبير الشأن العام، ينبغي أن يظل بعيدا عن المصالح الشخصية والحزبية، وعن الخطابات الشعبوية، وعن استعمال بعض المصطلحات الغريبة، التي تسيئ للعمل السياسي. إلا أننا لاحظنا تفضيل أغلب الفاعلين ، لمنطق الربح والخسارة ،للحفاظ على رصيدهم السياسي أو تعزيزه على حساب الوطن، وتفاقم الأوضاع .إن تراجع الأحزاب السياسية وممثليها، عن القيام بدورها، عن قصد وسبق إصرار أحيانا، وبسبب انعدام المصداقية والغيرة الوطنية أحيانا أخرى قد زاد من تأزيم الأوضاع".
الأمر الآخر في هذا الإطار، هو أنه رغم الإصلاحات التنموية التي يعرفها المغرب، إلا أن هذا لم يؤثر إيجابا على تعامل الأحزاب والسياسيين والإداريين مع تطلعات ورهانات المغاربة، الشيء الذي أكد من خلاله الملك على أنه لدينا إشكالات كبيرة مرتبطة بعلاقة المواطن بالمسؤولين، الشيء الذي يؤدي إلى حوار للصم بينهما، الشيء الذي يؤثر على الوقوف الإيجابي والتعامل الإيجابي للمسؤولين وحاجات المواطنين، هذه الأشياء مسبباتها هي عدم إصلاح الإدارة المغربية بإرادة فعلية، ووجود مسؤولين ومنتخبين يوظفون الرشوة والزبونية والمحسوبية والبطالة في العملية الانتخابية، وهو الأمر الذي نجده في خطاب الملك من خلال قوله:"فالتطور السياسي والتنموي، الذي يعرفه المغرب، لم ينعكس بالإيجاب، على تعامل الأحزاب والمسؤولين السياسيين والإداريين، مع التطلعات والانشغالات الحقيقية للمغاربة. فعندما تكون النتائج إيجابية، تتسابق الأحزاب والطبقة السياسية والمسؤولون، إلى الواجهة، للإستفادة سياسيا وإعلاميا، من المكاسب المحققة. أما عندما لا تسير الأمور كما ينبغي، يتم الإختباء وراء القصر الملكي، وإرجاع كل الأمور إليه. وهو ما يجعل المواطنين يشتكون لملك البلاد، من الإدارات والمسؤولين الذين يتماطلون في الرد على مطالبهم، ومعالجة ملفاتهم، ويلتمسون منه التدخل لقضاء أغراضهم. والواجب يقتضي أن يتلقى المواطنون أجوبة مقنعة، وفي آجال معقولة، عن تساؤلاتهم وشكاياتهم، مع ضرورة شرح الأسباب وتبرير القرارات، ولو بالرفض، الذي لا ينبغي أن يكون دون سند قانوني، وإنما لأنه مخالف للقانون، أو لأنه يجب على المواطن استكمال المساطر الجاري بها العمل. وأمام هذا الوضع، فمن الحق المواطن أن يتساءل: ما الجدوى من وجود المؤسسات، وإجراء الانتخابات، وتعيين الحكومة والوزراء، والولاة والعمال، والسفراء والقناصلة، إذا كانون هم في واد، والشعب وهمومه في واد آخر؟. فممارسات بعض المسؤولين المنتخبين، تدفع عددا من المواطنين، وخاصة الشباب، للعزوف عن الانخراط في العمل السياسي، وعن المشاركة في الانتخابات. لأنهم بكل بساطة، لا يثقون في الطبقة السياسية، ولأن بعض الفاعلين أفسدوا السياسة ، وانحرفوا بها عن جوهرها النبيل".

خامسا: الأمن في خطاب العرش

الملك في خطابه أشاد بقوات الأمن من درك وشرطة وقوات مساعدة، من خلال عملهم على استتباب الأمن والحفاظ عليه، من خلال تطبيق القانون على الجميع وبشكل يتناسب مع حقوق الإنسان، والمواثيق الدولية في هذا الخصوص، فالأمن في هذا الجانب ومن خلال خطاب العرش أمر لابد منه في أي بلاد وأي مجتمع، لأن الأمن أمر ضروري ومهم من أجل خلق جو من الراحة النفسية والاجتماعية لدى المواطنات والمواطنين، وأي خرق
أو ضرب لمنظومة الأمن في بلادنا هو ضرب لأمن المغاربة ولراحتهم وسكينتهم، لهذا ننادي اليوم بضرورة بسط القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للأمن في ظل التحديات الأمنية التي تعرفها بلادنا، فأصبح من اللازم والمؤكد التفعيل السريع لهذه المؤسسة الدستورية الأمنية التي ستشكل لبنة أساسية وصرحا أمني كبير ومهم في وجه جل التحديات والمشاكل الأمنية التي تتربص ببلادنا، الأمر الذي أكده الملك من خلال: "وأمام هذا الفراغ المؤسف والخطير ، وجدت القوات العمومية نفسها وجها لوجه مع الساكنة ،فتحملت مسؤوليتها بكل شجاعة وصبر، وضبط للنفس، والتزام بالقانون في الحفاظ على الأمن والاستقرار. وهنا أقصد الحسيمة، رغم أن ما وقع يمكن أن ينطبق على أي منطقة أخرى. وذلك عكس ما يدعيه البعض من لجوء إلى ما يسمونه بالمقاربة الأمنية، وكأن المغرب فوق بركان، وأن كل بيت وكل مواطن له شرطي يراقبه. بل هناك من يقول بوجود تيار متشدد، وآخر معتدل، يختلفان بشأن طريقة التعامل مع هذه الأحداث. وهذا غير صحيح تماما. والحقيقة أن هناك توجها واحدا، والتزاما ثابتا، هو تطبيق القانون، واحترام المؤسسات، وضمان أمن المواطنين وصيانة ممتلكاتهم. ويعرف المغاربة بأن أصحاب هذه الأطروحة المتجاوزة يستغلونها كرصيد للاسترزاق، وكلامهم ليست له أي مصداقية. وكأن الأمن هو المسؤول عن تسيير البلاد، ويتحكم في الوزراء والمسؤولين، وهو أيضا الذي يحدد الأسعار، الخ. في حين أن رجال الأمن يقدمون تضحيات كبيرة، ويعملون ليلا ونهارا، وفي ظروف صعبة، من أجل القيام بواجبهم في حماية أمن الوطن واستقراره، داخليا وخارجيا، والسهر على راحة وطمأنينة المواطنين وسلامتهم. ومن حق المغاربة، بل من واجبهم، أن يفتخروا بأمنهم، وهنا أقولها بدون تردد أو مركب نقص : إذا كان بعض العدميين لا يريدون الاعتراف بذلك، أو يرفضون قول الحقيقة، فهذا مشكل يخصهم وحدهم".

سادسا: الأمن في خطاب العرش

إن الخطب الملكية جميعها التي وجهها الملك إلى الشعب المغربي، حاول من خلالها تقريب الرؤى والاستراتيجيات التي سيعمل بها عاهل البلاد، وهو بذلك يقوم بإعلام عام لعموم المواطنات والمواطنين بما سيقدم عليه من مشاريع، وخطط تنموية وإصلاحية، لأن أغلب هذه المشاريع ما هي إلا استجابة عن تطلعات المواطنين، وهو ما أكده الملك بقوله:"إني أعتز بخدمتك حتى آخر رمق، لأنني تربيت على حب الوطن، وعلى خدمة أبنائه. وأعاهدك الله، على مواصلة العمل الصادق، وعلى التجاوب مع مطالبك، ولتحقيق تطلعاتك. واسمح لي أن أعبر لك عن صادق شعوري، وكل ما يخالج صدري، بعد ثمانية عشرة سنة، من تحمل أمانة قيادتك. لأنه لا يمكن لي
أن اخفي عنك بعض المسائل، التي تعرفها حق المعرفة. ومن واجبي أن أقول لك الحقيقة، وإلا سأكون مخطئا في حقك".

سابعا: فصل السلط في خطاب العرش

هذا المبدأ أكد عليه الدستور المغربي لسنة 2011، فعندما يتم التخلي عن المسؤولية يقول الملك بشكل غير مباشر أين هو دور الحكومة، وهي رسالة للمسؤولين بمختلف مشاربهم من حكومة ومسؤولين بألا ينتظروا منه الأوامر من أجل البت في مسألة ما، لأان هذا الأمر لا يدخل ولا يتناسب مع مبدأ فصل السلط، هذا المبدأ إن تم تطبيقه على النحو المطلوب لما أصبحنا نواجه اليوم مجموعة من المعضلات والنقط السلبية التي تكاثرت وتكاثفت وتزايدت، مؤكدا على ضرورة تجاوز هذا الأمر والعمل بشكل إيجابي، وبروح من المسؤولية، ونكران الذات، من أجل مسألة واحدة وهي تنمية البلاد والمساهمة في رقي وازدهار المملكة، الأمر الذي أكده الملك بقوله:"وإني أحرص كل الحرص على احترام اختصاصات المؤسسات، وفصل السلط. ولكن إذا تخلف المسؤولون عن القيام بواجبهم، وتركوا قضايا الوطن والمواطنين عرضة للضياع، فإن مهامي الدستورية تلزمني بضمان أمن البلاد واستقرارها، وصيانة مصالح الناس وحقوقهم وحرياتهم. وفي نفس الوقت، فإننا لن نقبل بأي تراجع عن المكاسب الديمقراطية. ولن نسمح بأي عرقلة لعمل المؤسسات. فالدستور والقانون واضحان، والاختصاصات لا تحتاج إلى تأويل".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.