في كل استحقاق انتخابي تنشط المنابر الإعلامية ،و تزداد الحركات المكوكية للمنتخبين والسياسيين بصفة عامة ، من أجل إرضاء الخواطر ،وتليين عقول المستضعفين من العباد، أو بالأحرى شراء ذممهم، في مس صارخ للكرامة الإنسانية، ومع ذلك لا يمكننا أن ننكر فضائل المرشحين على فئة عريضة من المجتمع المغربي، الذين لا حول ولا قوة لهم ، حيث تكثر الإكراميات من “ زْرْقَة و مْرْقَة “ ليمتد الأمر إلى مخالطة السياسيين لهذه الفئة من المجتمع في الأسواق و الأحياء الهامشية ، والأكل من صحونهم و مشاركتهم أفراحهم و أتراحهم ، ناهيك عن الارتماء في أحضان الزوايا و الجوامع كأن الأمر يتعلق “ بالتوبة النصوح“ من أجل لقاء الله في أحسن حلة . وبالموازاة مع“ أعمال البر “ هذه ، تطفو على السطح الصراعات السياسية بين ممثلي الأحزاب السياسية ، حيث يُستباح في هذه المعركة استخدام كل الأسلحة سواء المحظورة أو غير المحظورة ، والضرب تحت الحزام، أو ما يصطلح عليه بلغة الشارع “ التْشَرْمِيل “ ،ففي حقيقة الأمر ممكن أن نؤمن بالتدافع السياسي أو بالحراك السياسي، ولكن دون أن ننهج سياسة القذف والشتم والتشهير للإطاحة بالخصوم السياسيين، الذي تذكيه وتغذيه المنابر الإعلامية التي تقتات على الجيف ، احتراما للرأي العام ، وحفاظا على شرف وعفة هذا الوطن، الذي سالت دماء ودماء من أجل جعل رايته ترفف فوق رؤوس الأعداء والحاقدين عليه داخليا وخارجيا ، فنحن في هذا الموضوع لن نزكي على الله أحدا ، إلا أنه من واجب كل مواطن مغربي سواء كان منتميا سياسيا أو غير منتم ،أن يتقي الشبهات، بمعنى آخر أن يكون واعيا كل الوعي بأن أعداء النجاح يعيشون بيننا ، وأن السياسة لا تعترف بالرجل النبيل ، وأن الصراع السياسي أو بالأحرى الطموح السياسي ، يجعلك تصطدم مع الأخ و الخل ، و تعاشر و تصاحب اللئيم ،وتنال من المنافس جسديا ونفسيا لتحيا أنت، فكان من الأجدر أن نجعل صراعنا السياسي حلبة نبرز فيها مكانتنا العلمية والحنكة السياسية ، والغيرة الوطنية ، بدل أن نكشف عورات بعضنا البعض، و أن نلصق التهم ببعضنا البعض، بأبشع الصور المخلة بالآداب ،والتي تجعلنا في حرج مع الخالق و المجتمع ، إضافة الى الوطن الذي نسيئ له بسلوكياتنا المنحطة التي تكرس تخلف هذا البلد سياسيا و اجتماعيا ، فهل التجوال الحزبي الذي أصبحنا نراه اليوم يعبر عن المفهوم الحقيقي للتضحية من أجل الحزب ؟ هل يعبر عن التشبع و الإيمان بمبادئ وأهداف الحزب، والتي من الضروري أن تتماشى مع إرادة الدولة وتخدم الصالح العام ؟ أم أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد مسرحية يتم التركيز فيها على الكواليس بدل العرض ، أو أن المصلحة السياسية تقتضي الارتماء في أحضان الأحزاب السياسية التي عبدت طريقها للوصول إلى سدة الحكم ، فهذا لا يهم طالما أننا نؤمن أن البقاء للأقوى ، المهم بالنسبة إلينا أن لا نكون موسميين في طباعنا و تصرفاتنا ، أن نؤمن باختلافنا دون المساس بأعراضنا و شرفنا ، أن نساهم في رقي بلدنا ومجتمعنا دون أن نجعلهم لعبة في أيدينا ، أن نعبر عن غيرتنا الوطنية وعن انتمائنا لأمة سيدنا محمد “ صلى الله عليه وسلم “ قبل أن تسلط علينا الأضواء الكاشفة ، أن نسعى إلى فعل الخير دون أن تلتقط عدسات الكاميرات الأفعال الخيرة ، والأهم من هذا كله أن نكون خداما للدولة في السراء و الضراء، بلا قيد ولا شرط ،سواء نلنا منصبا سياسيا أم لم ننله ،و إن تعلق الأمر بتوزيع الثروة على كل خدام الدولة ، فنحن ندعو أن يكون هناك توزيعا عادلا للثروة مع تكافؤ الفرص ، وفي الأخير نحن نناشد كل مكونات المجتمع المغربي أن يكون ظميره و رأيه مستقلا ، و أن يهتم بقضاياه الاجتماعية ،و أن يسعى للبحث عن الذات بعيدا عن إغراءات فلان، أو استغلال علان لسذاجته أيام الحملات الانتخابية ، فالعرس الانتخابي مداه قصير ، وانتكاساته قد تطول وتطول ، فنحن مع المشاركة السياسية و التمثيل الديمقراطي، إلا أننا نشجب السَّفَالة و الجَسَارَة السياسية التي أصبحت تطل علينا في كل وقت وحين عبرمختلف وسائل الإعلام ، وكذا وسائل التواصل الاجتماعي ، لذا نحن نناشد كذلك سياسيينا المحنكين أن يبتعدوا عن كل ما بإمكانه أن يعطي صورة قاتمة عن المشهد السياسي المغربي ، وفي نفس الوقت أن يتشبعوا بأخلاق سياسية تعبر عن رقيهم فكريا و إنسانيا بدل تبنيهم لمعجم وأساليب “ زَنْقَاوِية “تخدش الحياء ، وتضع باقي أفراد المجتمع في حرج و نكسة دائمتين ، وفي الختام ما بني على باطل فهو باطل.