قلنا مرارا إنّ حزب المصباح مع أنّه تنازل إلى درجة لا تُتصور على مبادئه، ومع أنّه قرّر أن يتآمر على الشعب من أجل كسب رضى قوى التحكم، فإنه لن ينال الرضى، وقلنا إنّ تجربته في الحكومة ستكون شبيهة بتجربة حزب الاتحاد الاشتراكي الذي ذهبت ريحه ، كما قلنا أيضا أنّ التحكم لم يكن أبدا يثق في حزب العدالة والتنمية برغم وصوله إلى سدة الحكومة، لأنّ التحكم يعرف أنّ الحليف الأبدي له ليس هو حزب المصباح، وإنما أحزاب أخرى هي ماتزال في الساحة وإن كانت قد استبعدتها الإرادة الشعبية سنة 2011، عندما وجد الشّعب الفرصة مواتية لإعلان الحرب على الفساد. للأسف الشّديد الحزب تنازل إلى أبعد الحدود ،وانحاز إلى التحكم وقرّر أن يعلن الحرب على الشعب، في اعتقاد منه بأن قوى التحكم ستحميه وستمهد له الطريق لولاية حكم أخرى، لكن رياح التّحكم أتت بما لا تشتهيه سفن حزب رئيس الحكومة فهذا الحزب الذي تحالف والذي تنازل والذي انحاز إلى المخزن أصبح على شفا مغادرة الحكومة بعد أن أصبح متّهما من أصدقائه الذين انحاز إليهم وطبق أجنداتهم على الشعب المقهور، خاصة بعد تلك الضّجة التي أثارها تفويت عقار لوالي الرباط بثمن بخس، الشيء الذي أثار حفيظة حزب رئيس الحكومة فما كان من أصدقائه سوى أن يردّوا عليه ردّاً قويا واضحا في بلاغ مشترك بين وزارتي الداخلية والمالية ليتّهموه بالتطاول على خُدّام الدولة الشرفاء، ومحاولة الركوب على ذلك الحدث واستغلاله انتخابيا. المخزن الذي فتح له حزب المصباح ذراعيه، والذي أبان عن تفان في خدمته، قلب الطاولة عليه وراح يقصفه بالمباشر، خصوصاً في هذه المرحلة الحسّاسة، وهذا يعني شيئا واحدا وهو أنّ المخزن لم يعد يصبر على التحالف مع حزب رئيس الحكومة وأن شيطنته قد بدأت من الآن فصاعدا، فما عليه سوى أن يغير من تكتيكاته إن وجد لذلك سبيلا. يبدو أنّ الدولة التي كان يستنجد بها رئيس الحكومة والتي كان يعتقد بأنها ستحميه، "عيطو على الدولة "والتي كان يريد دائما أن يرسل إليها رسائل الطاعة والولاء، قد خذلته هذه المرة، عندما قرّرت أن تكيل لحزبه الاتهامات وربما لن يكون لديها الاستعداد لرؤية حزب العدالة والتنمية يترأس الحكومة مرة أخرى. للأسف الشديد رئيس الحكومة بالرغم من كل الذي يحدث ،هو لا يريد أن يعترف بأن حزبه لم يعد له أمل البقاء في السلطة، ولا يريد حتى أن يحاول إقناع نفسه بأنّ حزبه أصبح ضيفاً غير مرغوب فيه، وهوّ الذي يعرف ماذا يعني أن تكون ضيفا غير مرغوب فيك عند الدولة . رئيس الحكومة لا زال مصرّاً على أن يحارب التحكم، ولا زال يُصرّ على أن يظهر أمام المغاربة في صورة الحمل الوديع الذي تأتيه المؤامرات من كل الجوانب، ولا زال يعتقد أنّ الشّعب سيكون إلى جانبه مرة أخرى إذا خذله من ارتمى في أحضانهم ، وهو الواثق من نفسه عندما يقول إنّنا سننتصر على التحكم. نحن فقط نسأل رئيس الحكومة الذي مازال يُصرّ على تقديم العنتريات الفارغة للحفاظ على هيبته الضائعة، كيف سينتصر على التّحكم وما هي الوسائل التي سينتصر بها على هذا التّحكم ؟ يبدو أن من يعوّل عليه رئيس الحكومة لتحقيق النّصر على التّحكم في الانتخابات المقبلة لم يعد غبيّاً لتصديق الرواية من جديد، وربّما لن يقبل أن يدخل في المغامرة الغير المحسوبة مرة أخرى، لأنّ من وضع ثقته في حزبه، ومن منحه أصواته للوصول إلى سدة الحكومة، هو من تآمر عليه حزب رئيس الحكومة مع قوى التحكم منذ 2011، وهو نفسه من أذاق الويلات من طرف هؤلاء. الشّعب كان يناضل من أجل الكرامة، وكان يقف إلى جانب حزب العدالة والتنمية عندما كان يظن أن ّهذا الأخير سيكون سببا للقطع مع الفساد، لكن عندما يجد هذا الشعب أنّ هذا الحزب قد انضمّ إلى صفوف قوى التحكم، فماذا سيكون موقفه من هذا الحزب؟ فهل سيختار أن يلدغ من الجحر عشرات المرات؟ لا ندري بمن سيستنجد بنكيران هذه المرة، ونحن على أبواب الاستحقاقات البرلمانية ؟ هل سيستنجد بنكيران بأولئك المستضعفين الذين أنهك جيوبهم سعادته، منذ أن جاء إلى الحكومة، أم يستنجد بأولئك الذين أجهز عليهم بمخططات ما أنزل الله بها من سلطان و التي كانت تسطرها له قوى التحكم؟ أم يستنجد بأولئك الذين وعدهم بمحاربة الفساد، فانقلب على وعوده فأصبح من الذين يزينون أعمال المفسدين. أم يستنجد بأولئك الذين مسّ تقاعدهم بحجّة إصلاحه؟ أم يستنجد بأولئك الذين أدخلهم السجن بمجرد أنهم اختلفوا معه مع أنّه كان دائما ينادي بالحرية قبل وصوله إلى الحكومة؟ بالله عليكم هل بهؤلاء سينتصر بنكيران وإخوانه على التحكم. نحن نقول للسيد بنكيران ولإخوانه الذين نكّن لهم كل الاحترام والتقدير، للأسف الشّديد قوى التحكم خذلتكم وخدعتكم، ولم تكن أبدا تثق في أن تكونوا سندا لها في استعباد الشعب، مع أنكم قدّمتم لها ما لم يقدّمه أحد من حلفائها، لكنها اللّعبة أيها الأصدقاء . لقد كنتم خير من أعانها على تمرير مخططاتها، وكنتم خير من ساعدها على الانتقام من هذا الشعب، لكنّ صلاحياتكم انتهت كما انتهت صلاحية الكثير ممن فضلوا لعب نفس الدور، وها أنتم تجدون أنفسكم لوحدكم في مواجهة التحكم، تلك هي نهاية كل من تآمر على الشعب، وتلك هي نهاية كل من استقوى على الشعب بقوى التحكم . فقط ما يجب أن نعرفه أن قوى التحكم لا تعرف الصداقة، ولا تؤمن إلا في أولئك الذين صنعتهم بنفسها، ولا يمكنها أن تبقى وفية لمن يأتي بالإرادة الشعبية حتّى لو قدّم تنازلات غير مسبوقة، فالإرادة الشّعبية حدث عابر استغلّته خير استغلال، وقفزت به إلى برّ الأمان، والآن وصلت إلى مرحلة التخلّص من الضيوف الغير مرغوب فيهم، ومن الممكن جدّاً طردهم من الحظيرة.