لعل الشعب المغربي بجميع مكوناته السياسية والحزبية والنقابية والثقافية قد دخل في العد العكسي ليوم 07 أكتوبرالقادم و الذي حدد كتاريخ نهائي لإجراء الانتخابات التشريعية المقبلة ، هذا إذا ما لم يتم اتخاذ قرار التأجيل مستقبلا لظروف مفاجئة أو طارئة ، لهذا بدأت الأحزاب السياسية على اختلاف ألوانها وتوجهاتها وأيديولوجياتها الفكرية تبحث لها على حليف أو معسكر معين، حتى تضمن لنفسها موقع قدم في الحكومة القادمة، فقد عاد حزب علال الفاسي ليطلب مرة أخرى ود حزب العدالة والتنمية و دخول هذا الأخير في زواج كاتولوكي مع الحزب الشيوعي سابقا لعلي يعتة بزعامة أمينه العام نبيل بن عبد الله ، وكلها رهانات تبقى مشروعة في مواجهة المعسكرات المنافسة في الجهة الأخرى والتي قد تجمع هي أيضا أكثر من حزب معارض ظل طيلة خمسة سنوات ينتظر هذه اللحظة بلهفة ليعود من جديد إلى تسلم السلطة و الظهور أمام الشعب المغربي من جديد كمنقذ ومصلح لما أفسده رئيس الحكومة الحالي عبد الإله بن كيران من خلال تنفيذه الحرفي لإملاءات صندوق النقد الدولي وتطبيعه الحميم مع الفساد الذي ادعى خلال حملته الانتخابية السابقة بأنه جاء للقضاء عليه وساهم في إثقال كاهل الدولة بمزيد من الديون الخارجية راهنا بذلك مستقبل البلاد والعباد لدى المؤسسات المانحة، ولعله سيعود مرة أخرى للشعب هو وكل الأحزاب التي شكلت إلى جانبه الأغلبية وهي أحزاب ألفت المناصب الوزارية ومنهم من جرب أكثر من وزارة حتى أمسوا وجوها معروفة لدى المغاربة وبنفس الخطاب السياسي السابق دون استحياء وكأنه يقول للشعب هو وأغلبيته سأعود لإتمام الإصلاح والقضاء على الفساد بين مزدوجتين. ولعل الكل يتساءل ويترقب عن ما ستسفر عنه نتائج الاقتراع لهذه المحطة التاريخية في الحياة السياسية للبلد والتي ستجري في ظروف ومعطيات متقلبة على جميع المستويات سواء داخليا أو إقليميا أو دوليا، فالمغرب يعيش اليوم أوضاعا شبهها بعض المهتمين بالشأن السياسي والاقتصادي المغربي بأوضاع منتصف تسعينيات القرن الماضي فلا أحد يجهل بعض الحقائق الصادمة طبعا في ظل هذه الحكومة التي لا تتوفر على أطر في المستوى المطلوب مما أدى إلى الارتجال في تدبير الشأن العام أضف إلى هذا النزعة الهيمنية لرئيسها الذي أمسى يشكل الحديث اليومي للمغاربة عبر جميع مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة صفحات العالم الأزرق من خلال خرجاته المتكررة و الغير منتظرة ، فالبلد اليوم يعيش اختناقا اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا نتيجة هذا الارتجال في تدبير وتسيير الشأن العام طيلة خمسة سنوات كاملة. ولعل من الملفات التي ستبقى موشومة كنقطة سوداء في عهد أول رئيس حكومة في ظل الدستور الجديد لسنة 2011 والذي جاء في ظل تغييرات على ساحة الوطن العربي سميت بالربيع العربي، هو الملف الحساس جدا والذي لم يستطع أي وزير أول سابق في ظل الدستور القديم فتحه هو ملف التقاعد و الذي تم حسمه لصالح الأغلبية وبانتصار كبير لرئيس الحكومة على النقابات والذي لن يكون حتما لا لصالحه ولا لصالح النقابات العمالية مستقبلا ، وذلك حسب أكثر من محلل سياسي مغربي له اهتمام كبير بشأن السياسي المغربي، خلال الاقتراعات الانتخابات التشريعية القادمة بسبب السخط الذي لزم هذا التصويت من طرف الطبقة المتوسطة المغربية والدليل هو الحملة الفايسبوكية التي شنها نشطاؤه عليه وعلى حزب العدالة والتنمية مع الذهاب بعيدا في حث الجماهير الشعبية على الالتزام بالتصويت والذهاب إلى صناديق الاقتراع مهما كانت الظروف حتى لا يتم استغلال المقاطعة الانتخابية مرة أخرى من طرف حزب العدالة والتنمية الذي يلتزم منخرطوه بالتصويت مهما كانت ظروفهم، كما رفعوا شعارات كلها تساهم في تأطير المغاربة ودفعهم على الحضور بكثافة نهار 07 أكتوبر القادم، للقيام بالواجب الوطني والمساهمة في إعادة إعطاء التوازن السياسي المقبول للأحزاب الوطنية لما فيه خدمة المواطن المغربي الفقير والمقهور و صاحب الدخل المحدود من خلال مشاريع حكومية مستقبلية جادة ومدرة للدخل ومساهمة في تحريك وتنشيط دواليب الاقتصاد الوطني وجلب الاستثمارات وكلها غابت عن الاستراتيجية الحكومية خلال هذه الولاية، و حتى لا يتم الرجوع للمواطن البسيط والمتوسط مرة ثانية من أجل الإنقاذ والإصلاح، كأضعف عنصر وحلقة في الهرم الاجتماعي المغربي لأن ليس له من يدافع عن مصالحه بصدق ، وحتى لا يمس مستواه المعيشي كما عانى خلال خمسة سنوات عجاف مع هذه الحكومة التي رفعت شعارا لها طيلة حكمها: "تزيد الشحم في دهر المعلوف". فلا أحد سيجزم بما ستؤول إليه نتائج الاقتراع التشريعي القادم ل07 أكتوبر، رغم أن بعض التنبؤات ترجح كفة حزب العدالة والتنمية مرة أخرى مستشهدة في ذلك بالانتخابات الجماعية الماضية حيث حقق مراتب متقدمة في هذه الاستحقاقات التي جرت في شتنبر 2015 لكن حزب الأصالة و المعاصرة بحنكته استطاع قلب الطاولة على إخوان ابن كيران في الوقت الميت من الصراع ورجح الكفة لصالحه، فهل سيعيد الكر مرة ثانية في ظل غضب شعبي كبير و عارم على الحصيلة الهزيلة لهذه الحكومة بشهادة الأرقام المتداولة مؤخرا لأكثر من مؤسسة عمومية لها مصداقيتها المشهودة ،كوالي بنك المغرب والمندوبية السامية للتخطيط والمجلس الاجتماعي الاقتصادي والبيئي والمجلس الأعلى للحسابات؟؟ أم أن المغاربة اليوم هم في حاجة للتأسيس لتناوب جديد شبيه بحكومة التناوب للأستاذ عبد الرحيم اليوسفي خلال التسعينيات لخلق متنفس جديد يفتح آفاق أرحب للعمل الديمقراطي في شموليته للمواطن والمواطنة ،ما دام المغرب الآن يحتاج لجبهة داخلية قوية لمواجهات التحديات الراهنة والمستقبلية للبلد، خصوصا و أن المغرب أصبح محط اهتمام كبير من لدن الفاعلين الدوليين، كدولة ناعمة لها موقعها الجيو ستراتيجي الذي يجعلها محط اهتمام الجميع للحفاظ على مصالحها الاقتصادية بالدرجة الأولى وهذا يصب كله لصالح المغرب شريطة الخروج من الانتقال الديمقراطي الذي عمر طويلا.