انخرط ليونيل ميسي في البكاء كما لم يفعل من قبل في أي من ملاعب كرة القدم، فقد كانت الهزيمة الجديدة في مباراة نهائية والسقوط مرة أخرى أمام تشيلي بركلات الترجيح بمثابة ضربة موجعة للنجم الأرجنتيني، الذي أحدث زلزالاً كبيراً بعد نهائي بطولة كوباأمريكا (المئوية) بإعلانه اعتزال اللعب الدولي.
وقال ميسي في تصريحات صحافية عقب المباراة، التي أقيمت اليوم الإثنين: "المنتخب انتهى بالنسبة لي، لقد حاولت كثيراً، يؤلمني عدم التتويج مع الأرجنتين، سأرحل دون أن أتمكن من تحقيق ذلك، لقد خسرت 4 مباريات نهائية".
وأضاف لاعب برشلونة "هذا أمر غير معقول ولكن الأمور لا تسير على ما يرام معنا، لقد حدث معنا هذا اليوم مرة أخرى، ركلات الترجيح مرة أخرى".
ولم يتمكن ميسي مرة أخرى من كسر اللعنة، بعد أن قدم كل شيء للفوز بلقبه الأول مع المنتخب الأرجنتيني الأول لكرة القدم خلال بطولة كوباأمريكا (المئوية)، ولكنه تجرع الهزيمة الثالثة على التوالي في مباراة نهائية.
وعاد ميسي مع المنتخب الأرجنتيني ليخوض مباراة نهائية أخرى، وكانت هذه المرة على ملعب ميتلايف بولاية نيوجيرسي الأمريكية.
ولن يرحم التاريخ المنتخب الأرجنتيني، الذي تأهل إلى 3 نهائيات متتالية، بدأها مع مونديال البرازيل 2014 ثم كوباأمريكا 2015 وأخيراً النسخة الحالية من كوباأمريكا المئوية، إذ تصدر ميسي فيها دور البطولة، رغم خروجه مهزوماً، حتى أنه أخفق من الثأر من منتخب تشيلي، الذي اقتنص منه لقب البطولة في العام الماضي.
ولجأ ميسي إلى الانعزال بعيداً عن صخب الملعب بعد المباراة على مقاعد البدلاء، إلا أنه لم يتمكن من أن يحظى هناك بلحظة السلام، التي كان ينشدها، فقد كانت الكاميرات وعدسات التصوير تطارده دون رحمة.
وحذر جيراردو مارتينو، المدير الفني للمنتخب الأرجنتيني، بعد المباراة، من مستقبل الفريق، الذي وصفه بالصعب.
وابتعد ميسي خلال مباراة اليوم كثيراً عن أدائه المتميز طوال البطولة، التي قدم خلالها لمحات فنية تعبر عن عبقريته الكروية، بعدما سجل 3 أهداف في مرمى منتخب بنما في أقل من 30 دقيقة، كما أحرز هدفين من ضربتين ثابتتين بشكل رائع، بالإضافة إلى تتويجه بلقب الهداف التاريخي للمنتخب الأرجنتيني.
وكان منتخب تشيلي حريصاً على ألا يمنح نجم برشلونة مساحات واسعة في الملعب، مما اضطره إلى النزول كثيراً إلى دائرة المنتصف لاستعادة الكرة، إذ لم يحظ بفرص الوصول إلى منطقة جزاء الخصم واعتمد على الاختراقات القليلة لقلبي الهجوم غونزالو هيغواين ومن ورائه سيرجيو أغويرو.
وتصدى ميسي لتنفيذ ركلة حرة في الدقيقة 17، وانتظر الجميع رؤية لمحة مميزة جديدة للاعب الكبير، ولكن كلاوديرو برافو حارس مرمى منتخب تشيلي وزميل ميسي في برشلونة نجح في الإمساك بالكرة، قبل أن يعود لتنفيذ ركلة جديد في الوقت الإضافي في الدقيقة 117، ولكنها اصطدمت بالحائط البشري.
وساهم ميسي بشكل مباشر في الأخطاء، التي عجلت بالطرد المبكر للاعب وسط ميدان منتخب تشيلي مارسيلو دياز، أحد أهم الركائز داخل فريقه.
ولكن مع مرور الوقت بدأت الأرجنتين إلى التحول من الضغط بشكل جماعي في المناطق الأمامية إلى الاعتماد بشكل حصري على المهارات الفردية لميسي، الذي حاول قدر استطاعته مراوغة العديد من لاعبي الفريق الخصم، حتى وصل الأمر إلى اضطراره لمراوغة 6 لاعبين دفعة واحدة حتى يتقدم بالكرة.
وفي الدقيقة 90 أطلق ميسي آخر طلقاته النارية، عندما توغل عبر دفاعات الخصم من منتصف الملعب دون أن يتمكن أحد من إيقافه وصوب ناحية المرمى ولكن الكرة ذهبت إلى خارج الملعب.
واستمر ميسي في المحاولة خلال الوقت الإضافي وقام ببعض التمريرات الرائعة، إلا أنه لم يحصل على النتيجة المرجوة، كما هو حال أغلبية الجماهير، التي حضرت المباراة وبلغ عددهم 82 ألف مشجع، في أكبر حضور جماهيري يشهده ملعب ميتلايف بولاية نيوجيرسي، مستضيف المباراة، طوال تاريخه.
وكان ميسي قد شدد، قبل 48 ساعة على مباراة اليوم، على أهمية حصول الأرجنتين على لقب كوباأمريكا هذه المرة، حيث قال: "علينا أن نحصل على الكأس بأي طريقة"، وهو ما لم يحدث.
وأصبحت الجراح، التي تسببت فيها المباراتين النهائيتين السابقتين على تلك المباراة، أكثر عمقاً، رغم أن ميسي ظهر، أكثر من أي وقت مضى، في الولاياتالمتحدةالأمريكية، ليس كقائد من الناحية الكروية والفنية وحسب بل كأيقونة للمنتخب الأرجنتيني ككل، بعد أن بلغ لتوه عامه ال29، وأصبح أكثر رشداً في اللقاءات الصحافية وداخل الملعب أيضاً.
ووصل ميسي إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية بعد أن قطع 30 ألف كيلومتراً في غضون أيام قليلة، بعد أن أدلى بأقواله أمام القضاء الإسباني في قضية تهرب ضريبي، بالإضافة إلى معاناته من كدمة قوية في الظهر أصيب بها في مباراة الأرجنتين الودية أمام هندوراس، كادت أن تحرمه من اللعب، بيد أن النجم الأرجنتيني واجه كل هذه الصعوبات ولم يتهرب من تحمل المسؤولية.
وستظل شوكة اللقب الغائب مع المنتخب الأرجنتيني عالقة في قلب نجم برشلونة، الذي فاز بكل شيء مع النادي الكاتالوني وحصد 5 كرات ذهبية.
وكان ميسي أكد قبل المباراة النهائية أن الخسارة للمرة الثالثة على التوالي لن تكون إخفاقاً بل إحباطاً، بيد أن ملامحه بعد المباراة دللت على أن الأمر أكبر بكثير من مجرد كونه شعور بالإحباط.