أحيت مجموعة غنائية تضم موسيقيين ومنشدين من المغرب وإسبانيا ليلة أول أمس الأربعاء حفلا فنيا بفاس احتفت خلاله بثراء وتوهج الموسيقى الأندلسية بإيقاعاتها وتراكيبها الفنية التي تستمد أصالتها وقوتها من المشترك بين الحضارتين المغربية والأندلسية. واستعادت هذه المجموعة الفنية التي تضم كل من الفنانين الإسبانيين إدواردو بانياغوا وسيزار كارازو والمغاربة عمر المتيوي وأحمد الماعي وسعد الديكا خلال هذا الحفل الذي نظم في إطار الأمسيات الموسيقية للمعهد الثقافي الإسباني ( سيربانتيس ) بفاس تلك الليالي الباذخة لفن ( الآلة ) كما أصل لها الشيوخ الكبار والتي كانت ولا تزال تشكل كتعبير فني راق أحد الروافد الأساسية للموروث الموسيقي المغربي. وقدمت هذه المجموعة في تناغم فريد بين الأداء والإنشاد مقطوعات موسيقية وأشعار ومواويل تتغنى بالطبيعة وبالقيم الإنسانية كما تنافح عن المشترك بين البشر وتدعو إلى السلم والتسامح والإخاء واحترام الآخر ونبذ العنف والتطرف. وسافرت هذه المجموعة الفنية بالجمهور الذي حضر هذا الحفل إلى مدارج الصفاء النفسي والروحي من خلال تقديم العديد من الوصلات الموسيقية التي حافظت رغم توالي العقود على أصالتها كما أبدعها فنانون وموسيقيون من ضفتي البحر الأبيض المتوسط آمنوا بالتلاقح بين الثقافات والحضارات وعكسوا كل ذلك في أعمالهم الفنية التي ساهمت إلى جانب أعمال أخرى في صيانة هذا التراث الفني والموسيقي . ويقود هذه المجموعة الغنائية الفنان المغربي عمر المتيوي الذي انطلق منذ عقد التسعينيات في البحث عن إطار للاشتغال في مجال المحافظة على الموسيقى الأندلسية والتعريف بها مع ضمان استمراريتها وهو ما دفعه سنة 1994 إلى تأسيس مجموعة ( ابن باجة ) وهي فرقة للموسيقى الأندلسية ضمت فنانين ومنشدين مغاربة وإسبان قبل أن يعمد إلى إنشاء الفرقة التي حملت اسم ( مجموعة الششتري ) الخاصة بالموسيقى الصوفية ثم مجموعة ( الآلة الأندلسية) المتخصصة في الموسيقى الأندلسية المغاربية. وتشكل الموسيقى الأندلسية حسب العديد من الباحثين والمهتمين بقضايا التراث انعكاسا جليا للتعايش بين الثقافات ولحوار الحضارات باعتبارها موروثا حيا انتقلت مكوناته من جيل إلى آخر دون أن يفقد توهجه الذي تم إغناؤه من خلال إبداعات وإضافات لفنانين ومبدعين عملوا على صيانة هذا التعبير الفني وحافظوا على أصوله .