بسبب قساوة ظروف أسرتها تتزوج سيدة شابة عاقر،رجلا مسنا ومريضا (بعد أن توفيت زوجته أو زوجاته ).. رغم ذالك تحسن إليه وتعيش بجانبه خادمة مطيعة له..يأتيه الأجل المحتوم،فتبقى السيدة أرملة..يأتي أبناء الفقيد لتقسيم إرث أبيهم..طبعاً لها الثُّمن مما ترك الهالك..يرى كبير أبناء الفقيد ألا يقتسموا مع زوجة أبيهم نصيبها من الأرضين والدور،بل يقترح أن يعطوها مقابل نصيبها من الإرث نقدا،لكن هم من سيقترحون المقابل..بينما يتطرف صغيرهم أكثر من ذلك، فيتهم الزوجة بكونها خبأت وتخبئ مالا وفيرا تركه والدهم.. وعلى وقع هذا الاتهام السخيف يتراضى الجميع على ألا يعطوها شيءً..تغادر بيت زوجها المتوفى ذليلة، صاغرة، مهضوم حقها.. ترفض رفضا قاطعا الدخول لمعترك العدالة التي تخشاها ،لأنها سيدة بسيطة ولا تعرف كيف تدافع عن نفسها لتسترجع حقوقها..تعود لبيت أسرتها الفقيرة لتواجه إكراهات الإملاق وقلة ذات اليد..أب متوف..أم متوفية..تظل وحيدة تعمل مع الآخرين في الحقول لكي لتكسب لقمة العيش..لتعيش الوحدة في البيت، والشقاء خارج البيت.. فجأة،تموت زوجة رجل كبير السن في قرية مجاورة..لتقع أبصار أبناء وبنات الشيخ العجوز عليها، فهي بالنسبة لهم خير من تقدم يد العون لأبيهم في ما تبقى من عمره..تتم الخطبة،ويعطونها مهرا بسيطا..يذهب آل الشيخ للسوق الأسبوعي من أجل شراء مستلزمات زوجة أبيهم..لاحظوا!فقط السوق الأسبوعي..يقتنون لها قفطانا بسيطا،بذعية،دفين،الزيف،حذاء يميل لونه للأبيض،منديلا،حزاما أسودا(كرزية)،حذاء من المطاط الأسود كي تشتغل بخفة ورشاقة كما يريدون لها،جوارب تصل حد الركبة بألوان حمراء وصفراء..وملابس داخلية فضفاضة،فقد نسوا أن سيدة أبيهم نحيفة بحكم عوامل التعرية..يضعون كل ما اشتروه في حقيبة لا توصد بالأرقام،بل توصد بالمفتاح،ويضعون مع الملابس علب العلك الأصفر tanderman.. وعند مقدمها لبيت عريسها يذهبون إليها ليلا وكأنهم سيخطفونها،وكأنه المأتم وليس حفل الزفاف..في الغد يأتون إليها ليراقبوا حزمتها،وكيف تحلب البقرة.. هكذا تعود الأقدار بالمسكينة حليمة لاجترار تجربة مماثلة،وكأن القدر كتب عليها أن تكون بمثابة جمعية خيرية لمساعدة كبار السن بالمجان،إلى أن يأتيهم عزرائيل.. إنهن نماذج لبعض النساء الشريفات..حقا شريفات ولو أنهن يخرجن بخفي حنين،لكن الله ليس بغافل عما تعمل المحسنات وعما يعمل الظالمين