الشعب المغربي يخلد ذكرى الرحلتان التاريخيتان للمغفور له محمد الخامس لطنجة وتطوان يوم 9 أبريل    لقاء رفيع المستوى في واشنطن بين بوريطة ونظيره الأمريكي    بغلاف مالي قدره مليار درهم.. إطلاق البرنامج الوطني لدعم البحث التنموي والابتكار    الذهب يرتفع وسط الحرب التجارية العالمية وهبوط الدولار    الوزيرة السغروشني: إنشاء مركز المغرب الرقمي للتنمية المستدامة خطوة استراتيجية ستعزز من إشعاع المملكة في مجال الرقمنة (فيديو)    شبكةCNBC : مايكروسوفت تفصل المهندسة المغربية ابتهال لرفضها التعاون مع إسرائيل    من ضمنها المغرب.. أسواق قد تستفيد من الرسوم الأمريكية    الجزائر تخسر دول الساحل    محاولة تهريب الحشيش تقود مغربيًا إلى السجن في سبتة    توقيع اتفاقية شراكة بين مؤسسة محمد السادس للأعمال الاجتماعية لموظفي الأمن الوطني ووكالة إنعاش وتنمية الشمال    الفقيه بن صالح: إصابة دركي بكسور في حادث اقتحام سيارة لسد قضائي    النيابة العامة تحقق في تهديدات شابة سبق أن شوهت وجه أخرى    وفاة طفل بإملشيل بسبب تقصير المستشفى المتنقل يجدد المطالب بوقف تهميش سكان الجبل    "الفاو": التكاثر الربيعي سيزيد من انتشار الجراد في المغرب والمكافحة ضرورية لحماية المحاصيل    باحثان مغربيان يفوزان بجائزة الشيخ زايد للكتاب    لطيفة رأفت تعلن عن إصابتها بفيروس في العين    موازين يبدأ الكشف عن قائمة النجوم    خالد آيت الطالب: السيادة الصحية في إفريقيا رهينة بالتكامل والتنسيق القاري    دراسة: السكري أثناء الحمل يزيد خطر إصابة الأطفال بالتوحد واضطرابات عصبية    المغرب عضوا بمكتب لجنة الديمقراطية وحقوق الإنسان للاتحاد البرلماني الدولي    الدولار يتراجع وسط تزايد مخاوف الركود    عرض ماسة زرقاء نادرة قيمتها 20 مليون دولار في أبوظبي    أزيد من 3000 مشاركة في سباق النصر النسوي لمديونة    خارطة طريق ملكية سامية لمغاربة العالم و سؤال تحسين حكامة المسؤولين    توقعات أحوال الطقس غدا الأربعاء    القناة الأولى تكشف عن موعد انطلاق الموسم الجديد من برنامج "لالة العروسة"    بنجرير: الإطلاق الرسمي للبرنامج الوطني لدعم البحث التنموي والابتكار    تنديدا ب"حرب الإبادة" ورفضا للتطبيع.. "مجموعة العمل" تنظم مسيرة وطنية بالرباط    تقليل الألم وزيادة الفعالية.. تقنية البلورات الدوائية تبشر بعصر جديد للعلاجات طويلة الأمد    إشادة واسعة بخالد آيت الطالب خلال الأيام الإفريقية وتكريمه تقديراً لإسهاماته في القطاع الصحي (صور)    قيوح يتباحث بمراكش مع رئيس مجلس منظمة الطيران المدني الدولي        الوداد بلا هوية .. و"الوينرز" تدق ناقوس الخطر    الأخضر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    الجيش الملكي في اختبار صعب أمام بيراميدز    المغرب وتونس إلى مونديال قطر تحت 17 سنة ومصر في الملحق    درجات الحرارة تلامس مستويات قياسية في شهر مارس    ديربي البيضاء يُشعل الجولة 26 من البطولة الاحترافية    دراسة: أدوية الاكتئاب تزيد مخاطر الوفاة بالنوبات القلبية    بونو: أتمنى عدم مواجهة الوداد في كأس العالم للأندية    أرسنال يحلم بتكرار سيناريو 2006 أمام الريال    برنامج الأغذية العالمي يحذر من أن خفض التمويل الأمريكي يهدد حياة الملايين    انعقاد مجلس الحكومة يوم الخميس المقبل    بايتاس: الحكومة منسجمة وجميع مكوناتها تعمل على أن تبقى كذلك    قطاع غزة ينعى قتلى غارات ليلية    بنك المغرب يستهدف الشباب لتعزيز الكفاءات المالية في إطار للأسبوع الدولي للثقافة المالية    إيلون ماسك يرفض "رسوم ترامب"    "قمرة" يساند تطوير سينما قطر    ارتفاع ملحوظ في عدد الرحلات السياحية الداخلية بالصين خلال عطلة مهرجان تشينغمينغ    بين نور المعرفة وظلال الجهل    المغرب وجل الشعب غاضب / 1من5    ‬كيف ‬نفكر ‬في ‬مرحلة ‬ترامب ‬؟    هل يُقلق وضوح إدريس لشكر بعض «المحللين والإعلاميين»؟    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    تعرف على كيفية أداء صلاة العيد ووقتها الشرعي حسب الهدي النبوي    الكسوف الجزئي يحجب أشعة الشمس بنسبة تقل عن 18% في المغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجامعة عاجزة والسوريون ضحاياها
نشر في أخبارنا يوم 22 - 02 - 2012

الجامعة العربية تقرر ولكن هذه القرارات من النادر ان تدخل حيز التنفيذ، خاصة اذا تعلق الامر بالأوضاع في سورية، كل ما تستطيع الجامعة فعله هذه الايام هو تصدير الأزمات الى مجلس الامن الدولي، والطلب من امريكا وبريطانيا وفرنسا القيام بالواجب، تماما مثلما فعلت عندما حرضت للاطاحة بنظام الرئيس العراقي صدام حسين، والعقيد الليبي معمر القذافي.
الدول الغربية لا تريد التجاوب مع المقترح الاخير لوزراء الخارجية العرب بإرسال قوات حفظ سلام عربية ودولية الى سورية، لأنها تخشى على قواتها من مصير مماثل لما حصل في العراق وافغانستان، ووليم هيغ وزير خارجية بريطانيا قالها صريحة بأن بلاده، او اي دولة اوروبية اخرى، لن ترسل قوات الى سورية لوقف حمامات الدم هناك.
الزمن الذي كانت ترسل فيه امريكا قواتها الى هذه الدولة او تلك انقرض، والفضل في ذلك يعود الى المقاومتين العراقية والافغانية .
الشعوب الغربية لم تعد مستعدة لتأييد حروب جديدة تربحها في البداية وتخسرها في النهاية، ومعها آلاف الجنود من القتلى وعشرات الآلاف من الجرحى، وفوق كل خسارة آلاف المليارات من الدولارات.
من سخريات القدر ان سابقة ارسال قوات ردع عربية وقعت عام 1976 في لبنان، وباقتراح من سورية، وكانت معظم القوات المشاركة فيها من سورية ايضا، ولكن هناك فرقا رئيسيا بين الوضع في سورية الآن، وذلك الذي كان في لبنان عام 1976، حيث لا يوجد اي من الشروط اللازمة لوجود قوات حفظ سلام، فلا يوجد وقف لاطلاق النار، ولم توافق سورية ،الدولة المعنية، على وجود قوات اجنبية على اراضيها، ولا توجد معارضة موحدة تمثل الطرف الثاني في المفاوضات، واخيرا لا يوجد اي قرار من الامم المتحدة يدعم ويساند وجود هذه القوات، مما يعني عمليا ان قرار وزراء الخارجية العرب هو حبر على ورق، ومحاولة يائسة لتصدير الأزمة الى طرف آخر، بينما يتواصل نزيف الدم في مدن مثل حمص وحماة.
الأمر الآخر الذي يجب ان يتم التوقف عنده هو ان جامعة الدول العربية لا تملك جيشا، ولا حلفا عسكريا، وقوات قطر والامارات والاردن التي شاركت مع قوات حلف الناتو في ليبيا لاطاحة نظام القذافي كان دورها ثانويا، وكانت محمية في الاساس من قبل طائرات الحلف، وبعد ان دمرت كل القدرات الدفاعية والهجومية للنظام الليبي السابق، تماما مثل دورها وغيرها من القوات العربية في حرب عاصفة الصحراء التي اخرجت القوات العراقية من الكويت عام 1991.
الحديث عن ارسال قوات حفظ سلام عربية ودولية الى سورية خفت حدته، لان الحليف الامريكي الاوروبي لم يرحب بها ولم يتحمس لها، وفوق هذا وذاك انه لا يوجد هناك سلام في سورية لكي تحافظ عليه هذه القوات، وعلى وزراء الخارجية العرب ان يبحثوا عن مبادرة جديدة تضاف الى المبادرات الاخرى الموضوعة على ارفف الجامعة.
الذهاب الى موسكو وربما بكين بعد ذلك هو اعتراف صريح من قبل الجامعة بخطيئتها الكبرى في تجاهل الدولتين وتأثيرهما في الامم المتحدة والسياسة الدولية، مثلما هو دليل افلاس سياسي ودبلوماسي ايضا. صحيح ان سيرجي لافروف وزير الخارجية الروسي اعلن خلال لقائه مع نظيره الاماراتي الشيخ عبدالله بن زايد انه سيدرس المبادرة العربية المذكورة، ولكن الصحيح ايضا ان هذا الرد لا يعني شيئا على ارض الواقع، فالدراسة الروسية قد تستمر اشهرا او سنوات.
الجامعة العربية تبحث عن خيارات جديدة، ابرزها تشكيل تحالف جديد مع الولايات المتحدة واوروبا تحت اسم “اصدقاء سورية”، يعقد اول اجتماعاته في تونس، على غرار تحالف اصدقاء ليبيا، ولكن الفرق بين التحالفين ان الثاني كان مدعوما من حلف الناتو، والنظام الذي يستهدفه ضعيف ومهلهل، بلا جيش قوي او اصدقاء عرب او اجانب.
اقصى ما يستطيع فعله تحالف اصدقاء سورية هو تقديم الدعم المادي والسياسي للمعارضة السورية، ولكن على هؤلاء الاصدقاء توحيدها اولا، وتحقيق المصالحة، ليس بين اطيافها المتعددة في الداخل والخارج فقط، وانما بين اعضاء الفصيل الواحد نفسه، ووزراء الخارجية العرب، والخليجيين منهم على وجه الخصوص، يعرفون ما هو اكثر من ذلك من معلومات حول هذه الخلافات، بل والتنافس على الزعامة.
العمل العربي المشترك كانت زعامته في الماضي من دول ذات اسنان ومخالب، مثل العراق ومصر وسورية، الآن زعامته من دول ذات جيوب فقط، وهذا ما يفسر حالة الضياع التي يعيشها حاليا، والارتباك المتفاقم على صعيد كيفية التعاطي مع الأزمة السورية المتفاقمة.
التحالف بين المخالب والانياب والجيوب هو الذي اعطى هذا العمل القدرة على تحقيق بعض النجاحات، وابرزها وقف الحرب الاهلية اللبنانية بعد 17 عاما من القتل والدمار. ومن المفارقة ان القوات السورية هي التي لعبت الدور الابرز في هذا الصدد.
المنطقة العربية تتجه الآن الى حروب طائفية مدمرة، فالدول الاعضاء في تحالف اصدقاء سورية ليس من ابرز اولوياتها انقاذ الشعب السوري من القتل على ايدي نظام ديكتاتوري قمعي، يعتمد حلولا امنية دموية فاشلة، وانما كيفية اضعاف الهلال الشيعي الذي يمتد من حدود افغانستان الشرقية، مرورا بإيران والعراق وسورية، وينتهي بحزب الله في لبنان، ولكن لهذا الاستقطاب الطائفي الجديد اخطاره، فقد تستطيع الولايات المتحدة الانحياز الى العرب السنة والهجوم على ايران، ولكن ماذا سيحدث بعد ذلك، وخاصة اذا قررت امريكا الانسحاب من المنطقة، مثلما انسحبت من العراق والصومال وقريبا من افغانستان؟!
الحرب في المنطقة اذا اشتعلت لن تكون بسبب تنصيب السنة في الحكم في سورية، ولا من اجل احترام حقوق الناس وتكريس القيم الديمقراطية، وانما من اجل امرين، الاول الهيمنة على النفط، والثاني حماية اسرائيل، ويمكن اضافة امر ثالث وهو نهب الثروات والعوائد العربية الخليجية لانقاذ الاقتصادات الاوروبية والامريكية من الانهيار.
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة عما اذا كانت جامعة الدول العربية باغراقها المنطقة في الحرب الباردة، والاستقطاب الراهن الذي ربما يقود الى حرب اهلية طائفية في المنطقة بأسرها، قد فكرت بأنها قد تدفع بدخول الصين وروسيا الى الحلبة في الخندق الآخر المقابل لها. ثم ماذا سيكون حال سورية اذا ما تحولت الى دولة فاشلة مهددة بالتقسيم الفعلي، مثلما حدث ويحدث حاليا في العراق وقبلها في السودان؟
بعد دخول تنظيم القاعدة على الخط، وتكفير زعيمه الدكتور ايمن الظواهري للنظام السوري، وحث اتباعه للقتال الى جانب اخوانهم السوريين الثائرين، وتأكيد تقارير امريكية رسمية وجود جماعات اسلامية متشددة تقاتل النظام، الا يعني هذا ان الصراع في سورية والصراع عليها قد يستمر لسنوات ان لم يكن لعقود.
جامعة الدول العربية دمرت ما تبقى لها من مصداقية بإدارتها المرتبكة للأزمة الدموية في سورية، واذا كانت جادة فعلا في حماية السوريين ووقف اراقة الدماء، عليها ان ترسل قواتها لنصرة الشعب السوري، ولكنها لم تفعل، تماما مثلما هو الحال في فلسطين، والدول التي فعلت غائبة عن جامعة الدول العربية، وان وجدت، مثلما هو حال العراق ومصر فوجودها هامشي، ولذلك ننصح الشعب السوري بالاعتماد على نفسه، وليس على هذه الجامعة ودولها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.