الأميرة للا أسماء والسيدة الاولى لجمهورية السلفادور.. تعزيز التعاون في رعاية الأطفال ذوي الإعاقة السمعية        وصول الصحافي المغربي محمد البقالي إلى العاصمة الفرنسية باريس بعد إطلاق إسرائيل سراحه    الاكتظاظ في مراكز الاستقبال يدفع إسبانيا لتوزيع القاصرين المغاربة    المحليون يجرون أول حصة في نيروبي    اخنوش يترأس الاجتماع الأول لمجلس إدارة المجموعة الصحية الترابية لجهة الشمال    المخيم التربوي المغربي..    السيد البرلماني عبد الرحيم بوعزة يهنئ صاحب الجلالة الملك محمد السادس بمناسبة عيد العرش    أمرابط ينفي تدخله في صفقة بوطيب إلى الوداد    عيد العرش المجيد.. القوات المسلحة الملكية تنظم عروضا جوية وقفزات استعراضية بالمظلات    هكذا ودع لبنان زياد الرحباني.. لم تبكِ فيروز وحدها.. بكت بيروت والحارات والمسارح التي غنى فيها        مكتب الفوسفاط يتجاوز 5 ملايين طن من إنتاج سماد ثلاثي سوبر فوسفاط        المغرب ينادي ب"صندوق غذائي" بإفريقيا    تحطم طائرة تدريب يودي بحياة ضابطين من القوات الملكية الجوية    النيابة العامة بالبيضاء توضح بخصوص فيديوهات وفاة "هشام منداري"    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    حادث خطير يهز شاطئ كلابونيطا بالحسيمة: دراجة مائية تصدم سبّاحاً واستنفار أمني لتعقب الجاني    إسبانيا تعلن إنزال 12 طنا من المساعدات الغذائية جوا فوق غزة    غانا تسجل أول حالة وفاة بفيروس جدري القردة "إمبوكس"    تطوان تحتفي بحافظات للقرآن الكريم    تداولات بورصة البيضاء تنتهي بانخفاض    تصفيات كأس العالم 2026.. فيفا يحدد تاريخ مباراة الأسود وزامبيا    دراكانوف وقاسمي يختتمان المهرجان المتوسطي بالناظور    تشابي ألونسو يحسم مستقبل إبراهيم دياز مع ريال مدريد    بالصدى .. قوافل ل «تكريس» العوز و«الهشاشة»    درَكي و4 متهمين أمام ابتدائية إيمنتانوت في ملف تهريب دولي لأزيد من 4 أطنان من "الشيرا    الملك محمد السادس يرحب بتعزيز التعاون مع البيرو    السفير الصيني يختتم مهامه بلقاء وداعي مع رشيد الطالبي العلمي    المال والسياسة: زواج المصلحة أو طلاق القيم    الرئيس الأمريكي يعلن التوصل إلى اتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي    حركة التوحيد والإصلاح تعلن تضامنها مع نشطاء سفينة "حنظلة"    مسؤول في مجموعة هيونداي روتيم: المغرب يتموقع كقطب مهم لجذب الاستثمارات الصناعية الأجنبية    منظمتان عبريتان: إسرائيل ترتكب إبادة بغزة وتستنسخها في الضفة    تايلاند وكمبوديا توقفان إطلاق النار    احتفال بنهاية الموسم الدراسي بنكهة إفريقيا على شاطئ كابونيكر بمدينة المضيق.    "فانتاستك فور" يلقى الإقبال في أمريكا الشمالية    المصباحي يدعو إلى التنوير الرقمي    فرقة "ناس الغيوان" تمتع التونسيين    القوات المسلحة الملكية تنعى ضابطين    رياض محرز يمتدح ملاعب المغرب ويؤكد: سنقاتل من أجل اللقب    ما علاقة السكري من النوع الثاني بالكبد الدهني؟        انطلاق فعاليات الدورة ال13 لمهرجان "صيف الأوداية" بسهرات جماهيرية وإشادة بتجربة حياة الإدريسي    انخفاض سعر الذهب إلى أدنى مستوى في نحو أسبوعين    حقيقة احتراق غرفة كريستيانو في النمسا    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين    الإبادة مستمرة… إسرائيل تقتل 38 فلسطينيا في أنحاء غزة منذ فجر الاثنين    سليم كرافاطة يكشف عن أغنيته الجديدة"مادار فيا"    هل الكاف تستهدف المغرب؟ زعامة كروية تُقلق صُنّاع القرار في القارة السمراء    أنفوغرافيك | بخصوص تكاليف المعيشة.. ماذا نعرف عن أغلى المدن المغربية؟    على ‬بعد ‬أمتار ‬من ‬المسجد ‬النبوي‮…‬ خيال ‬يشتغل ‬على ‬المدينة ‬الأولى‮!‬    الدكتور سعيد عفيف ل «الاتحاد الاشتراكي»: اليوم العالمي يجب أن يكون مناسبة للتحسيس وتعزيز الوقاية    صحة: اكتشاف "نظام عصبي" يربط الصحة النفسية بميكروبات الأمعاء لدى الإنسان    الوصول إلى مطار المدينة المنورة‮:‬‮ على متن طائر عملاق مثل منام ابن بطوطة!    اكتشافات أثرية غير مسبوقة بسجلماسة تكشف عن 10 قرون من تاريخ المغرب    الحج ‬إلى ‬أقاليم ‬الله ‬المباركة‮! .. منعطف المشاعر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإرهاب و الإرهاب !
نشر في أخبارنا يوم 08 - 12 - 2015

هل تحقق مراد مناوئي الإسلام في النيل منه ومن سمعته المتمثلة في سموه ورفعته وسماحته ؟ هل تراجع المسلمون إلى مستوى أدنى من المتصور..؟ هل انتصر الإرهاب "الذكي" بأن وضع المسلمين في موضع التهمة البذيئة..؟؟؟ ! هل صحيح - كما قال أحدهم - " انتصرت الهزيمة في النفوس، وانهزم النصر في الأداء" ؟
لا شك أن المنعطف الذي نعيشه اليوم هو أسوأ معيش في التاريخ المعاصر بفعل تقاطع الأحداث وتضاربها، وبفعل التعقيدات المحيطة به والمواكبة له إن على مستوى الدول وتعاطيها مع ظاهرة الإرهاب الوحشي أو على مستوى الوعي العام بالنصوص كما تنزلت والقيم كما سرت دائما وشاعت.
فمعلوم أن رسول الإسلام عليه الصلاة والسلام وردت في شأنه الآية الكريمة: "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين"، والآية الكريمة: "وإنك لعلى خلق عظيم"، بمعنى أن نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم جاء يدعو لرسالة ربه ويبني أسس النظام الجديد الذي تعزز فيما بعد، بالمحبة واللين والكلمة الطيبة ومكارم الأخلاق، ولم يدع قط إلى العدوان أو سفك الدماء أو الإكراه..، حتى أنه كان الأنموذج في الكمال الإنساني، في سمو القول ونبل الفعل وطيب العمل بإطلاق.
ومعلوم أيضا أن خطاب الوحدة جمع العلماء على الدوام بجميع اتجاهاتهم واختياراتهم، وتعايشت بينهم الأفكار والآراء فساد الاجتماع و الوحدة وانتشرت الثقة وعم السلام، لذلك قيل:
العِلمُ يُحْيِي قُلوبَ المَيّتينَ كما *** تَحْيى البلادُ إذا ما مسها المطرُ
والعِلْمُ يَجْلو العَمى عن قلبِ صاحبه *** كما يُجَلّي سَوادَ الظُّلمة القمرُ
بينما التمزق والفرقة والتشرذم الذي يعانيه العالم الإسلامي اليوم عموما يعود أساسا إلى التشدد في الأفكار والآراء واستبعاد التعايش في الرؤى والمواقف، ومن ثم انطلقت الاختيارات العقدية الفاسدة والشاذة في حالات عديدة لتعمم على الجميع على أنها العقيدة الصحيحة وما سواها هو الباطل ( !)
ولعل غياب منطق العلم الحق أو تراجعه فسح المجال للمتطفلين والغلاة لاستغلال فسحة الدين باعتبارها "أبسط" الطرق وأسهلها للعبث بالعقول وعقول البسطاء والعوام أساساً..، فالذي يستغيث بالموتى من خلال المقابر والأضرحة مثلا قابل لتصديق أي فتوى من أي .. "شيخ" وقابل للإيمان بأي "نبوءة"...
وإنه لمنتهى الظلم أن ينسب العدوان والقتل والرغبة الشاذة في إقصاء الغير واجتثاثه بثقافة الدمار والإصرار على سفك دماء الأبرياء للإسلام والمسلمين، فإما أن الأمر يتعلق بجهل مطبق للإسلام ونصوصه وأحكامه وإما هو الكيد للإسلام والحقد و.. التآمر على المسلمين.
لكن هذا لا يعني أن أطرافا ممن ينتسبون للإسلام غير معنيين بهذا الجهل "البارز" المتمثل في التشدد لما يعتقدون وبما يتشبثون بكل أسف، شأنهم شأن المنتسبين لجميع العقائد والمحل، فأي مسوغ لقتل الناس هكذا ونشر الرعب والفزع في قلوب الآمنين من الأطفال وعموم الأبرياء غير الجهل..؟ ! إن الجاهل عدو نفسه - إذن - ، فكيف يكون صديقا لغيره؟ كما قال أرسطو.
وهنا تبرز ظاهرة الإرهاب المضاد المتمثل في عقلية الانتقام العشوائي، وهذا خطير على المجتمعات وحرب مختلطة عمياء متصلة بالجهل قطعا ومتصلة بالفكر الإرهابي حتما، فالانتقام من المسجد فقط لأنه يمثل هوية المسلمين (كافة المسلمين) خطأ فادح، والانتقام من المسلمين أو من جنسيات معينة خطأ جسيم لا ينسجم مع منطق الحضارة ومنطق الرقي، فالفرق شاسع بين الانتقام وبين العقاب..
فإذا كان العقاب مطلوب، لا بل واجب قطعا ضد الظلم وضد العدوان - أي عدوان - على اعتبار أنه قصاص ورد للاعتبار لمن مسه الظلم أو الضرر، وفق نصوص وتبعا لمساطر قانونية واضحة يرتضيها الجميع، فإن المآل يكون السلام وينتهي بالرضا ليسود الصفاء ويعود التوافق حول سيادة القانون وسيادة هيبة الدولة، ولا شك هنا أن التعاون في ما بين المؤسسات الرسمية للدول تحكمها الخلفيات النصية المتصلة بالسيادة الوطنية والسياسية، والمنسجمة مع المعاهدات والمواثيق البينية والإقليمية والأممية أيضا.
ومنطق العقاب ينبغي أن يسود تلقائيا كما كان دائما عبر كل مراحل التاريخ وفق النصوص والقوانين الدالة كما سلف الذكر مواكبة لسريان الجريمة التي عرفها الإنسان مذ وُجد على وجه الأرض، ولا يجوز بحال ربطها بدين معين أو عقيدة بعينها، وبالتالي لا يُقبل الانتقام من معتقد ما لمجرد انتماء الجاني أو الجناة الظاهري له، فالشذوذ الفكري وُجد مذ وُجِد الإنسان، والإرهاب لم تخل منه فترة زمنية عبر تاريخ الإنسانية.
أما الانتقام فهو في حد ذاته جريمة، وهو في جوهره إرهاب لا ينبغي السكوت عنه أو الرضوخ له، والبريء يظل بريئا ولا يجوز التغاضي عن حمايته وصون كرامته، وإلا فلا مجال للحديث عن القانون أو عن المؤسسات !
إن ما يجري ببعض البلدان - التي لطالما احترمت لسريان القانون بها وسيادة فضاء الحرية بين أبنائها (أصليون أو بالتبني..) - من اعتداءات وخروقات لفظية وجسدية متكررة في حق جزء من أبنائها أو قاطنيها يضع ما تروج له بشأن سمو القوانين لديها وريادة المؤسسات بها في الميزان، ويضع مسألة تراجع الحريات في الواجهة حقوقيا وإعلاميا..
والحقيقة أن موضوع تراجع الحريات بات هاجسا مقلقاً على مستويات أوسع، مما فسح المجال لاتساع الظاهرة الإرهابية على نطاق يكاد يكون شاملا، ومرد ذلك يعود إلى عوامل مختلفة أهمها وأبرزها العامل النفسي، فاجتياح البلدان سببه في الأصل عامل نفسي/ شخصي دفع بصاحبه إلى شن العدوان المعلوم (...) الذي انكشفت خلفياته لاحقا للخاص والعام على حد سواء، فتولد عنه الحقد وحب الانتقام وكان الحصاد إرهاب وإرهاب مضاد، واتسعت الرقعة لتمتد إلى ما نعيشه اليوم جميعا.. من رغبة في التغيير، إلى التدخل الأجنبي، إلى استهداف الأبرياء، إلى زرع الحقد، وصولا إلى جني الرغبة في الانتقام، إلى امتهان الإرهاب وممارسة الإرهاب، ثم زرع الكراهية، فحب الانتقام، فإنتاج الإرهاب مجدداً... !
إن الظاهرة الإرهابية كالتي نحياها اليوم مردها في الأصل إلى العدوان الناتج عن الاستعلاء وحب الهيمنة والتي لا تولد إلا الحقد وحب الانتقام واحتراف الجريمة..، ولا شك أن غزو بعض الدول وممارسة القتل وإشاعة الظلم فيها على أوسع نطاق، والذي تبين فيما بعد أنه نتج عن أخطاء في التقدير، تولدت عنه كراهية مفرطة لم يعد بالإمكان علاجها، فكان الحصاد ما لم يكن متوقعا.. كان القتل المضاد والتنكيل والاختطاف والاغتصاب والظلم بشتى الأنواع.. !!!
ثم إن هناك من عمد إلى صناعة الإرهاب عن قصد وسوء نية - في نطاق احترافه صناعة "الكائن" من الوهم - لتشويه سمعة الخصم والغريم لديه في إطار الصراع على السلطة والهيمنة السياسية و "حب الذات"(...)، فوقع الانفلات وبرز الإرهاب واستشرى الشر واتسع.. !
ولا ريب أن الظاهرة الإرهابية آفة اجتماعية خطيرة تتطلب العلاج المناسب، غير أن الوقاية تظل خير علاج وأنجعه كما هو معلوم ، خصوصاً حين تكون هذه الوقاية في وقتها ولا تتضارب مع النصوص التشريعية السائدة، ويبدو لي أن تفعيل القوانين كما هي منصوص عليها وتطعيمها بما يلائم من إشاعة للأخلاق للتأسيس لمجتمع متماسك متضامن ملتف حول قيمه الخاصة وثوابته، وتنزيلها ليخضع لها الجميع سواء أكان الشخص ذاتيا أو معنويا... أعتقد حينها سنكون – على نحو ما تحقق من خلال برنامج محو الأمية بالمساجد على سبيل المثال الذي أعطى في المجمل نتائج متقدمة جداً ببلادنا – قد أغلقنا بابا بما يناسب ليكون مغلقاً بإحكام، لكن على أساس انخراط الجميع، فالمشروع مجتمعي والفرض عيني، خصوصا وأننا أمة حقيقية لها امتداد في التاريخ، ولها جذور متصلة بقيم لها اعتبارها بالنظر إلى الدين والمعتقد والحضارة والتراث والثقافة...، فالأخلاق بنيان مجتمعي أساسه الإنسان وعماده المؤسسات، و من الحكمة كما من الجد وضعُه موازياً لكل قضية ذات أولوية أو برنامج ذا أسبقية سياسيا كان أواقتصاديا أواجتماعيا أوثقافيا...، وقد ورد عن نابليون بونابرت القول: "تفسد المؤسسات حين لا تكون قاعدتها الأخلاق"، بينما جاء على لسان أحمد شوقي:
وإذا أصيب القوم في أخلاقهم *** فأقم عليهم مأتماً وعويلا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.