مصطفى سلمى ولد سيدي مولود مسؤول أمني بارز بجبهة البوليساريو سابقا، من مواليد 1968 بمدينة السمارة المغربية، والتي تابع دراسته الإبتدائية بها. وبعد الحاقه قسرا بجبهة البوليساريو، تابع دروسه الإعدادية بالجماهيرية الليبية والثانوية والجامعية بالجزائر، فحصل على شهادة الدراسات العليا في الفيزياء من جامعة عنابة سنة 1990، وشهادة ضابط شرطة من المدرسة العليا للشرطة بالجزائر العاصمة سنة 1991. تولى عدة مناصب بقيادة البوليساريو منها: المدير المركزي لشرطة الأمن العمومي والتحقيقات، الأمين العام للشرطة فمفتش عام للشرطة. مصطفى المنحدر من قبيلة الركيبات، جاء منذ ست سنوات في إطار زيارة عائلية لوالده، أحد أعيان السمارة، وهناك اطلع على الوضع الحقيقي بالأقاليم المغربية الجنوبية وليعلن عودته لتندوف للدفاع عن المقترح المغربي للحكم الذاتي وشرحه للصحراويين هناك بعيدا عن المغالطات. طريق مصطفى لم يكن سالكا، فبمجرد عودته لتندوف تم إعتقاله وتوجيه تهم ثقيلة إليه عقابا له على تعبيره عن رأيه، وليتم سجنه وبعدها نفيه إلى موريتانيا وفصله عن أبنائه الخمسة. أخبارنا المغربية تواصلت مع مصطفى سلمى ولد سيدي مولود المتواجد بموريتانيا، وكان لها معه الحوار التالي: أخبارنا المغربية: أين وصل ملفكم مصطفى ولد سلمى منذ زيارتكم لأسرتكم بالمغرب وتصريحاتكم التي أدليتم بها وجرّت عليكم غضب الجهات المتحكمة في نظام البوليساريو؟ في الواقع لم يتغير شي رغم ان قضيتي تدخل سنتها السادسة. و هنا اريد التذكير بامر يعود الى فترة اعتقالي و اخفائي، فبسبب اني كنت معتقل لدى البوليساريو في مناطق صحراوية لا يعترف لها احد بالسيادة عليها، لم تستطع اية منظمة دولية الوصول الي حتى لا يكون دخولها لتلك المناطق اعترافا بنوع من السلطة لجبهة البوليساريو عليها. لذلك لم يكن هناك من امكانية لخروجي من الاعتقال غير عبر الاراضي الموريتانية، و تم ذلك بتوافق بيننا و بين مكتب مفوضية غوث اللاجئين بجنيف عبر الهاتف، و كان الاتفاق انهم سيُلْحقون عائلتي بي فور ولوجي التراب الموريتاني و ان وضعيتنا ستسوى في اجل قريب. لكن مضت لحد الساعة خمس سنوات كاملة و لم يتغير شيء. خلال هذه الفترة تقدمت بعدة طلبات للحصول على جواز سفر كي اتمكن من التنقل لِلَمّ شمل عائلتي، و لم اُوفق لحد الساعة في الحصول عليه، رغم اني لم اترك بابا الا و طرقته. أخبارنا المغربية: تقييمكم للوضع الإجتماعي والسياسي والإقتصادي بمخيمات تندوف، ولظروف العيش بهاته المخيمات؟ وهل فعلا هناك تنامي لغضب الساكنة وبوادر لإحتجاجات تتم مواجهتها بتدخلات قمعية واعتقالات؟ في المخيمات الحال يغني عن السؤال، فجبهة البوليساريو تنشد الدعم، و المنظمات الانسانية طالبت يوم امس في ندوة صحفية بالجزائر المانحين الدوليين بتوفير مبلغ 20 مليون دولار بشكل استعجالي للمخيمات 70% منها للتمدرس، فقد احدثت الامطار الطوفانية دمارا كبيرا في البنية التحتية الهشة في المخيمات. هذا طبعا مثال عن حال اليوم، لكن ما دامت المخيمات ستبقى الحاجة و تبقى المعاناة، فهي مناطق صحراوية معزولة عن العالم و حتى عن الجزائر نفسها تحت غطاء أن هناك دولة، و غاية الجزائر من ذلك هو التنصل من التزاماتها تجاه اللاجئين. فوجود دولة في المخيمات يسقط عن الجزائر الحاضنة للمخيمات مسؤولية توفير الايواء و الشغل و الوثائق و ما الى ذلك من الحقوق. و لان البوليساريو بالكاد يمكن وصفها بحكومة في المنفى، فهي عاجزة عن توفير الاحتياجات الاساسية لمجتمع تديره و يكبر كل عام في محيط ضيق لا حاضر و لا مستقبل فيه. هذا التهرب من المسؤولية بين الجزائر القادرة و البوليساريو العاجزة يدفع ثمنه سكان المخيمات، ولا مكان لهم يلجؤون اليه، فالجزائر لا تسمح لهم بالتنقل الى الداخل الجزائري الا لضرورة و برخصة محدد الزمن و الاتجاه. و الحصول على جواز السفر هو من اصعب الحاجات. و موريتانيا وضعها الاقتصادي صعب. اما المغرب الذي لا يمكن الذهاب اليه الا فرارا، بحكم ان البوليساريو تجرمه، فهو فوق ذلك بسبب تأثيرات الحرب و دعاية البوليساريو التي تصوره كمعتقل كبير، يعامل الصحراويين فيه كما تعامل بورما شعب الروهيفيا، و بسبب ضعف الإعلام المغربي الموجه للمخيمات يبقى المغرب هو آخر مكان يفكر سكان المخيمات بالذهاب اليه. لذلك رغم عدم الرضى و السخط لدى سكان المخيمات فالخيارات امامهم محدودة، فالانسان العادي في الاصل يعاني من سلطة واحدة فما بال من يعيش في دولة صغيرة شمولية داخل دولة كبيرة يحكمها العسكر. كل هذه المعطيات، تلزمنا جميعا كإعلاميين و حقوقيين بمد يد العون لسكان المخيمات، كي يتحرروا من الهيمنة، و نحن في ذلك لا نريد استنساخ ما تقوم به البوليساريو من إكراه، بل نرمي الى تحرير الانسان و تمتيعه بكافة حقوقه حتى يكون قادرا على اتخاذ القرار الصائب في حياته، فوضع الحرمان الذي يعيشونه هو نوع من الأسر لا يتناقض حتى مع مطلب البوليساريو بتقرير المصير، فالاسير لا ينشد غير الحرية المسلوبة منه. أخبارنا المغربية: منذ أيام إحتفل المغرب بالذكرى الأربعينية للمسيرة الخضراء، وأكد تمسكه بصحرائه واستمرار مواقفه الداعية لإيجاد حل للمشكل على أرضية مقترحه للحكم الذاتي.. فكيف يرى ذ مصطفى هذا المقترح؟ وما فرص نجاح أي حوار مع حركة البوليساريو؟ منذ زيارتي للمغرب ووقوفي على الحقائق على الارض، تأكدت من زيف كثير مما كان يُسَوّق لنا في المخيمات عن وحشية المغرب، ولاحظت مستوى المعيشة المقبول للصحراويين في المغرب، و الاهم عرفت طينة المغاربة، فقد اكتشفت شعبا مسالما متسامحا متعايشا رغم الفروقات. حينها اعلنت عن رأيي المؤيد لمقترح الحكم الذاتي كحل لنزاع الصحراء، و عدت كي افتح نقاشا داخل المخيمات حول الموضوع، لكن قوى الممانعة في الجزائر و البوليساريو حالت دون وصولي الى اهلي في المخيمات، و اثبتت للعالم بهذا السلوك انها تأسر الصحراويين، و انها تفرض عليها ارادتها، و الا فما الضير في حوار صحراوي صحراوي حول اي مقترح من شأنه ان ينهي معاناتهم؟ و ما دامت البوليساريو و الجزائر لا تسمح لنا بالتعبير عن رأينا في تأييد اي حل غير صادر عنها، فلا امل في الحوار مع الحركة حول مقترح الحكم الذاتي. المطلوب اولا هو تهيئة الاجواء للحل و من اولها احترام حقوق الإنسان، و ضمان ان لا يتعرض للإضطهاد اذا ما عبر عن رأي مخالف. عندها فقط سيفرض الشعب على السلطة الانخراط في الحل، فالصمت عن وصاية البوليساريو على الصحراويين هو ما يعيق الحل، و يطيل عمر الحركة و النزاع. أخبارنا المغربية: رسالة يود مصطفى توجيهها لكل الصحراويين ولكل المعنيين بملف الصحراء؟ اليوم هناك ساحتان يعيش فيهما الصحراويون، و اقول ساحتان بما تفيد الكلمة من معنى، فلا شيء خاف فيهما، و يلاحظ القاصي و الداني الفرق بين العيش في المغرب و المخيمات، و ما يهم الانسان العادي هو ان يعيش حياة كريمة في جو من الاستقرار. و هذا يفند كل ما كان يُسوَّق عن نية المغرب في إفناء الصحراويين، أضف الى ذلك تقدم المغرب في احترام حقوق الانسان و وضعه الآليات الكفيلة بذلك، ثم اخيرا المشروع التنموي الذي اعطيت شارة انطلاقه الشهر الفائت، في مقابل الحرمان و العيش في ظروف قاسية في المخيمات. لكن هذا غير كاف لتحل كل المشاكل، فآثار 40 سنة من الصراع ليست بسيطة على الانسان، و ما دام هناك من يعيش في المخيمات فستبقى الامور معلقة، و لأن هناك اطراف يخدمهما استمرار النزاع، على المتضررين و اقصد المملكة المغربية و الصحراويين ان يبحثوا عن الحلول المحلية الملائمة و على رأسها بناء ثقة متبادلة و فتح قنوات التواصل مع الجميع و بين الجميع دون اقصاء حتى نصل الى تفاهمات تكون بكل تاكيد اقل كلفة من الماضي في المسارات الحالية سواء مع الاممالمتحدة او مع غيرها. و في الاخير اتمنى ان يعي الجميع ان النزاع بلغ مرحلة النضج 40 سنة، و النضج هو تمام العقل الموصل للحكمة.