سروال جينز سعره عشرة دولارات وتي شيرت بثلاثة دولارات وحذاء رياضي بعشرة دولارات، وهكذا تذهب أنيقاً لموعدك المهم بمبلغ زهيد. لكن من أين تأتي هذه الملابس؟ وكيف تسد كلفتها الرخيصة تكاليف العاملين والتاجر ومحل البيع؟ نحن نشتري أرخص الملابس أحياناً ونندم بعدها لأن البضاعة رديئة. لكن كثيرين لا يملكون إلا أن يشتروا هذه البضاعة. وهناك جدل متزايد حول منشأ هذه الملابس وكيفية استغلال أصحاب بعض الشركات للأيدي العاملة الرخيصة في بعض الدول النامية. إنه اقتصاد صناعة الملابس، الذي تغذيه بالدرجة الأولى أيدي عاملة فيتنامية وهندية وبنغالية وصينية وكمبودية وهايتية وسلفادورية. وأصابت الفضيحة هذا القطاع حين احترق وسقط مبنى رانا بلازا، الذي كان يضم ورشة لصناعة الملابس في بنغلادش عام 2013، ما أدى إلى مقتل أكثر من ألف شخص. المستهلك الألماني والأوروبي بشكل عام بات يتحسس بشكل كبير فيما يتعلق بظروف عمل الكادحين المنتجين للملابس الرخيصة. وهكذا أطلقت مبادرة" ملابس أخلاقية" في إشارة إلى مراعاة ظروف العاملين على إنتاجها في بنغلادش بشكل خاص. داخل أحد المقاهي النسوية في دكا عاصمة بنغلادش، احتشدت مجموعة من النسوة الناجيات من حريق وانهيار مصنع رانا بلازا. كلهنّ ينتظرنّ وزير التنمية والتعاون الإنمائي الألماني، غيرد مولر، ليسمعوا منه ما يسرهن عن حقوقهن وعن المبادرة الأخلاقية الجديدة "لشراكة الأنسجة" مع ألمانيا. ما لا تقوله الأخبار عن عمال النسيج وعلى خلفية المبادرة الألمانية، نشر موقع "ليبر بيهايند ذي ليبل" المتخصص في الدفاع عن حقوق العمالة في ظروف أسواق العولمة الجبارة، تقريراً منتصف شهر أغسطس/ آب 2015 كشف فيه عما يلي: * يحصل العاملون في مصانع النسيج بكمبوديا على ما يعادل 1598 سعرة حرارية في اليوم، وهو ما يعادل نصف الكمية التي يحتاجها الإنسان العامل في الظروف الطبيعية. * أكثر من 33 في المائة من عمال النسيج يعانون من النحول ونقص الوزن بمعدل يصل إلى 25 في المائة من الوزن الطبيعي للإنسان. * يحصل العاملون على أجر شهري يصل أحياناً إلى نحو 85 دولاراً في الشهر، وهو لا يؤمن بالكاد غذاءاً يمدّ الجسم ب3000 سعرة حرارية في اليوم. وهكذا لا يبقى للعامل أي مبلغ إضافي، فيضطر إلى تقليص غذائه لتأمين باقي مستلزماته. * الحد الأدنى الذي يمكن أن يقيم أود العائلة في كمبوديا هو 450 دولاراً في الشهر حسب التقرير، وهذا يكشف الفارق الكبير بين الأجر الحقيقي والأجر الافتراضي. * ينهار نحو 300 عامل في العام في معامل النسيج بكمبوديا ويفقدون الوعي. * لا يملك أغلب العاملين في صناعة النسيج الكمبودية سوى بيوت من القصب محمولة على زوارق. هذه الحقائق المخيفة تدفع الإنسان إلى التفكير ملياً في ظروف صناعة الملابس قبل أن يشتريها. وتكاد الدراسات تجمع على أن شروط حياة عمال صناعات النسيج هي واحدة من أسوأ قصص عبودية العمالة عبر التاريخ. وباتت كثير من المنظمات الأوروبية والعالمية تنظر بجدية إلى مراجعة أساليب التعامل مع هذه الأسواق.