فاز الفيلم المغربي “جوق العميين” لمخرجه محمد مفتكر، بالجائزة الكبرى للدورة الثامنة عشرة لمهرجان السينما الإفريقية بخريبكة المنظمة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله والتي امتدت على مدى أسبوع وذلك عقب الإعلان عن نتائج الدورة في حفل الاختتام بالمركب الثقافي. حيث حصد الفيلم الجائزة الكبرى (جائزة عثمان صامبين ) للتظاهرة، ضمن قائمة ضمت 14 فيلما متباريا في المسابقة الرسمية يمثلون 13 دولة وهي المغرب، السنغال، الكاميرون،الكوت ديفوار، تونس، الجزائر، غينيا-كوناكري، إثيوبيا، مالي، النيجر، بوركينافاسو، موريتانيا ومصر. ويحكي الفيلم المغربي “جوق العميين” لمخرجه محمد مفتكر والذي مدته "110 دقيقة" سيرة عائلة متواضعة من رجال موسيقيين ونساء راقصات شعبيات "شيخات" ، يشكلون جوقا شعبيا يحيي الأعراس والحفلات. وهي قصة الحسين، قائد الجوق، الذي يعيش مع زوجته حليمة في منزل عائلة هذه الأخيرة، منزل يتخلله صخب كثير مصدره ألوان وإيقاعات الفرقة الموسيقية. يستمد “جوق العميين” تسميته من اضطرار أعضاء الفرقة، من الذكور، إلى تقمص دور العمي حتى يمكنهم العمل في الأوساط العائلية المحافظة. ويتوزع مسرح الأحداث بين الحسين (يونس ميكري ) العازف الذي عاش اليتم مبكرا، ويريد أن يصنع من ابنه رجلا ناضجا وناجحا، و(حليمة) منى فتو، زوجته المحبة التي تعاني أحيانا من قساوته المرتبطة بتنشئته القاسية، الأخ (عبد الله ) فهد بنشمسي، الشاب المتعلم ذو الانتماء اليساري الماركسي الناقم على الأوضاع، والذي يشكل النموذج المثالي الذي يغري الطفل ميمو، مصطفى، رفيق الحسين في الفرقة (محمد بصطاوي) الذي يمارس الموسيقى سرا بالنظر إلى إطاره الوظيفي.
كما عادت جائزة لجنة التحكيم إلى فيلم “بتوقيت القاهرة” لمخرجه أمير رمسيس من دولة مصر، وجائزة أحسن إخراج للمخرج عبد الرحمان سيساكو من موريتانيا عن فيلم “طمبوكتو /جشن الطيور”، أما جائزة السيناريو فكانت من نصيب محمد مفتكر عن فيلمه “جوق العميين”. وفازت ميمونة نديياي من بوركينا فاسو بجائزة أحسن أول دور نسائي عن فيلم “عين الإعصار” لمخرجه تراوري سيكو، وحصل الممثل اسكندير تاميرو تودي من اثيوبيا على جائزة أول دور رجالي عن فيلم “ثمن الحب”. وآلت جائزة أحسن ثاني دور نسائي لأيتن عامر في فيلم “بتوقيت القاهرة” للمخرج أمير رمسيس ، بينما حاز الممثل أكسيل أبيسولو من الكاميرون على جائزة أحسن ثاني دور رجالي عن فيلم “طفل الحب”.” كما منحت لجنة التحكيم تنويها خاصا للممثل الطفل إلياس الجيهاني عن دوره في فيلم “جوق العميين” ، وتنويها آخر لفيلم “موربايسا/ سيرمون دو كومبا” للمخرج الشيخ فانتمادي كامارا من غينيا كوناكري، وفيلم ” ثمن الحب ” للمخرجة الاثيوبية هيرمون هيلاي. ومنحت هذه الجوائز لجنة تحكيم ترأسها السينمائي الفرنسي جاك دورفمان والمتكونة من السينمائي عيسى سيرج كويلو (التشاد) والسينمائية سلمى بركاش (المغرب) والسينمائي سليمان رمضان (جنوب إفريقيا) والناقدة السينمائية صالي شافتو كاتولي (أمريكا) والناقد السينمائي علي أبو شادي (مصر). وبالموازاة مع المسابقة الرسمية، عادت جائزة السينيفيليا (دون كيشوط) التي منحتها الجامعة الوطنية للأندية السينمائية بالمغرب إلى فيلم “ثمن الحب” للمخرجة هيرمون هيلاي من إثيوبيا. ومنحت هذه الجائزة لجنة تحكيم تتكون من أمينة الصيباري وعزيز الحنبالي ومحمد المدني الأعضاء بالمكتب الوطني للجامعة الوطنية للأندية السينمائية بالمغرب . يذكر أن التظاهرة التي استمرت من (12- 19شتنبر)، التي كرمت السينما السنغالية والمخرج المغربي كمال كمال والسينمائي البوركينابي ميشال ويدراغو المندوب العام لمهرجان واغادوغو البوركينابي ، نظمت من طرف مؤسسة المهرجان السينما الإفريقية وبدعم من المجمع الشريف للفوسفاط والمركز السينمائي المغربي. يشار إلى أن برنامج هذه الدورة تضمن تنظيم العديد من الأنشطة ومنها الندوة الرئيسية التي حملت موضوع “أي جدوى لمهرجانات السينما الإفريقية ؟” بمشاركة ممثلي مهرجانات تهتم بالسينما الإفريقية من تونس (أيام قرطاج السينمائية) وبوركينافاسو (الفيسباكو) وكندا (نظرات حول السينما الإفريقية) ومصر (مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية)، وتكريم سينمائيين مغاربة وأجانب. كما تضمن البرنامج تقديم، ضمن فقرة منتصف الليل، كتابين حول السينما “من أجل سينما متعددة” للباحث بوشتى فرقزيد، و”أجمل مهنة في العالم .. ناقد سينمائي” لمحمد باكريم، وشريط حول “مهرجان السينما الإفريقية بخريبكة .. أنفاس وعشق وكبرياء”. بالإضافة إلى ندوات فكرية وورشات تكوينية في مهن السينما كالإخراج وكتابة السيناريو و الفوتوغرافيا والتحليل الفلمي والمونتاج استفاد خلالها حوالي 66 مهتم مغربي وإفريقي ضمنهم فئة المعاقين. وأسدل الستار على الدورة الثامنة عشرة للمهرجان الذي يعد أفقر مهرجان على الصعيد الوطني حيث لاتتعدى تكلفته الإجمالية 350 مليون سنتيم حسب تصريح لرئيس مؤسسة المهرجان السناريست والفيلسوف نور الدين الصايل خلال الندوة الرسمية للمهرجان أمام شح وندرة الإمدادات والمساعدات المقدمة والتي لاتكفي لسد تذاكر سفر الممثلين المكلفة والباهضة الثمن وأمام تنصل المجلس البلدي للمدينة عن الوفاء بوعوده والتزاماته وعدم رصده لمبلغ 40 مليون سنتيم قرابة ثلاث دورات متتالية وتنصل جهات إقليمية وجهوية ومحتضنين حيث يبقى الدعم مشكل فقط من فتات يقدمه المجمع الشريف للفوسفاط والمركز السينمائي المغربي في الوقت الذي يلعب فيه المهرجان دورا ديبلوماسيا للعلاقات المغربية الإفريقية منذ سبعينيات القرن الماضي وحتى في أحلك الفترات التي كانت خلالها العلاقات المغربية الإفريقية مجمدة بعد انسحاب المغرب من قمة نيروبي وانسحابه من الوحدة الإفريقية بعد الاعتراف بالجمهورية الصحراوية " البوليزايو" من قبل بعض الدول الإفريقية كانت خريبكة وفية لعلاقاتها وهو ماجعل المغرب يعمل على تعميق أواصر العلاقة بينه وبين جل الدول الإفريقية وهذا يظهر جليا من خلال الزيارات المتكررة التي أصبح يقوم بها عاهل البلاد الملك الشاب محمد السادس خلال السنوات الأخيرة لدول إفريقية وسحب أكثر من 30 دولة اعترافها بالجمهورية الوهمية، إذن مؤسسة المهرجان لها حمل تقيل فإفريقيا تتجسد في خريبكة، وخريبكة هي جدور إفريقيا، وعلى المسؤولين المغاربة والقائمين على تدبير الشأن العمومي والثقافي بالبلاد أن يكتفوا دعمهم للمهرجان، وأن يعوا بالدور الدبلوماسي الموازي الذي يلعبه المهرجان في أدغال إفريقيا وأن ينال حظه من الدعم الذي يرصد لباقي المهرجانات وعلى رأسهم مهرجان مراكش الدولي التي تقدر تكلفته المالية بحوالي "9 ملايير و200 مليون سنتيم" وأن يولى مهرجان خريبكة السينمائي الإفريقي أولا بالدعم لكونه يوجد على أرض أغنى مدينة في العالم والعاصمة العالمية من حيث أكبر احتياطي من الفوسفاط الخام بالرغم أن الحقيقة تفند كل هذه الأحلام على أرض الواقع.