تراهن مختلف الأحزاب السياسية، في خضم استعدادها لخوض الانتخابات الجماعية والجهوية المقررة يوم 4 شتنبر المقبل، على الرفع من تمثيلية النساء التي شكلت أحد العناوين البارزة في برامجها الانتخابية، مما يضعها أمام مسؤولية تفعيل التزاماتها بهذا الخصوص في أفق ترسيخ المشاركة السياسية للنساء كخيار استراتيجي وليس كمجرد شعار رنان يروم استقطاب الأصوات. فقد تعهدت جل الأحزاب السياسية بتعزيز حضور النساء في المشهد السياسي وتقوية دورهن في تدبير الشأن العام الجماعي والجهوي وترسيخ مشاركتهن السياسية من خلال الرفع من تمثيليتهن، عبر تقديم لوائح تضم نسبا مهمة من المترشحات، وترشيح شابات على رأس اللوائح، انخراطا منها في تفعيل الإصلاحات الدستورية والقانونية الأخيرة التي باشرها المغرب. وبمناسبة هذه الاستحقاقات، انخرطت بعض الأحزاب في عقد لقاءات تنظيمية ودورات تكوينية من أجل تعزيز قدرات المنتخبات والراغبات في الترشح واطلاعهن على مستجدات القوانين التنظيمية والتعبئة الاجتماعية من أجل ضمان مشاركة أوسع لهن. ويأتي حرص الأحزاب على تعزيز التمكين السياسي للنساء في ظل النقلة النوعية التي سجلها المغرب في مجال التمثيلية النسائية من خلال مجموعة من التدابير والإجراءات القانونية، وفي مقدمتها دستور 2011 الذي ينص في فصله 19 على مبدأ المناصفة والمساواة بين الرجال والنساء في الحريات والحقوق، وفي فصليه 30 و 146 على الولوج المتساوي للنساء، والرجال إلى الوظائف الانتخابية، على المستوى الوطني، وعلى مستوى الجهة. وتشمل هذه التدابير أيضا إدراج آلية تشريعية تسمح بتحسين مستوى التمثيلية النسائية داخل المؤسسة النيابية من خلال تخصيص 60 مقعدا للنساء، وهو ما مكن 67 امرأة من الولوج إلى مجلس النواب. ونص القانون التنظيمي لمجلس المستشارين أيضا على أنه يجب أن لا تتضمن كل لائحة من لوائح الترشيح اسمين متتابعين لمرشحين اثنين من نفس الجنس. ومن بين الآليات الكفيلة بالرفع من تمثيلية النساء داخل مجلس المستشارين ، مصادقة البرلمان مؤخرا على قانون يتعلق بالمجالس المنتخبة يسمح بالرفع من تمثيلية النساء ضمن هذه المجالس من 12 في المائة إلى 27 في المائة. وفضلا عن هذه الإجراءات، أصبحت الأحزاب مدعوة الى تعزيز المشاركة السياسية للنساء، بمقتضى القانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب السياسية الذي ينص في المادة 26 منه على أن "يعمل كل حزب سياسي على توسيع و تعميم مشاركة النساء والشباب في التنمية السياسية للبلاد". ولتحقيق هذه الغاية، يسعى كل حزب سياسي لبلوغ نسبة الثلث لفائدة النساء داخل أجهزته المسيرة وطنيا وجهويا، في أفق التحقيق التدريجي لمبدأ المناصفة بين النساء والرجال الذي نص عليه الدستور. وفي هذا السياق، أكدت رئيسة لجنة المناصفة وتكافؤ الفرص داخل حزب العدالة والتنمية، السيدة سمية بنخلدون، في تصريح لوكالة المغرب للأنباء، أن الحزب حقق "حضورا وازنا للنساء" سواء في الجزء الأول من اللوائح أو الجزء الثاني المخصص للنساء. وأعربت السيدة بنخلدون عن ارتياحها للحضور النسائي في الجزء الأول من اللوائح، لاسيما وأن "الحزب لم يحدد أو يقرر أنه من الضروري أن يقدم نساء في الجزء الأول، وبخاصة أن يكن وكيلات للوائح"، مستطردة " لكن قواعد الحزب، وبشكل ديمقراطي وشفاف، اختارت على رأس مجموعة من اللوائح، ومنها لوائح بالدار البيضاء وطنجة، أن تكون الوكيلات من النساء". من جانبه، سجل حزب الأصالة والمعاصرة سابقة خلال هذه الانتخابات بتقديمه لائحة انتخابية جماعية وجهوية نسائية شابة مائة بالمائة حيث زكى مرشحة تبلغ من العمر 34 سنة وكيلة للائحته ببلدية العيون، كما زكى مرشحة ثانية (38 سنة) وكيلة للائحة بجهة العيون بوجدور الساقية الحمراء. وأكد رئيس اللجنة المركزية للانتخابات بالحزب، عبد الحق العربي، في تصريح مماثل، أنه فضلا عن "الكوطا" المخصصة للنساء، يقدم الحزب مجموعة من مناضلاته في مراتب متقدمة ضمن الجزء الأول من اللوائح الخاصة بالأقاليم والجهات. ومن المؤكد أن الانتخابات الجماعية والجهوية تشكل محكا حقيقيا للأحزاب للدفع بالنساء في معترك الحياة السياسية وتسيير الشأن المحلي والجهوي، وفي نفس الوقت فهي مطالبة بتكوينهن وتأهيلهن ضمن هياكلها السياسية من أجل ضمان وصولهن إلى مراكزها التقريرية والقيادية.