.كوم: علي كراجي - تصوير : الجيلالي الخالدي. شكل موضوع " حقوق السجناء : أية وضعية وأية ضمانات ؟ " ، محور ندوة علمية نظمتها شبكة أكراو للتنمية المشتركة ، مساء السبت 24 يناير الجاري بمكتبة المركب الثقافي بالناظور ، بمشاركة متخصصين في القانون وبحضور فعاليات مدنية وسياسية ، فضلا عن ممثلي سفارة مملكة الأراضي المنخفضة بالرباط . الندوة التي تروم تسليط الضوء على ما تم تحقيقه في مجال تدبير قطاع السجون بالمغرب سواء ما يتعلق بجودة التشريعات و الأنظمة المعمول بها وبإنفاذها ، أو ما يتعلق بوضعية المعتقلين داخل المؤسسات السجنية من مختلف الجوانب ، عبر طرح محاور تهدف إلى دراسة الترسانة القانونية في المغرب على ضوء القواعد النموذجية لمعاملة السجناء ، ودور القضاء في الرقابة على تدبير السجون ووضعية السجناء ، ووضعية المؤسسات السجنية والسجناء و العقوبات البديلة ، تطرق خلالها – الندوة – الأستاذ مصطفى الفراخي ، لموضوع تدبير قطاع السجون في البلاد و المقاربة المنتهجة في هذا الإطار ، حيث أكد بأن إكتظاظ السجون يولد الإحتقان ، مما يجعل بعض المدانين يلجؤون إلى إرشاء الموظفين ونهج أساليب محضورة من قبيل الإتجار في المخدرات وإتباع بعض السلوكات المحضورة بغية تجاوز الوضع السيء الذي يؤديه هذا الإكتظاظ . وسجل الأستاذ سعيد أزدوفال ، نائب وكيل الملك لدى المحكمة الإبتدائية بالناظور ، أن مشروع المسطرة الجنائية المطروح حاليا للنقاش بين مختلف المتدخلين في المجال التشريعي بالمغرب ، يتضمن العديد من الجوانب المتعلقة بترشيد الإعتقال الإحتياطي من أجل معالجة ظاهرة الإكتظاظ بالسجون . وأضاف الأستاذ أزدوفال ، في عرض قدمه حول موضوع العقوبات البديلة على ضوء مشروع قانون المسطر الجنائية ، بأن هذا الأخير في حال تطبيقه سيمكن من وضع آليات للوقاية من التعذيب داخل أماكن الاعتقال واعتماد "آليات التجنيح القضائي" التي تخول للوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف صلاحية تغيير وصف الجناية إلى جنحة مع تقييد هيئة الحكم بهذه الإحالة ، وأكد المتدخل إقرار هذه الوثيقة القانونية لبعض المستجدات من ضمنها توسيع مؤسسة الصلح . كما أبرز السيد أزدوفال أن الوزارة وضعت أرضية لمشروع تعديل القانون الجنائي تتضمن عقوبات بديلة للعقوبات السالبة للحرية، موضحا أنه تم الاتفاق مبدئيا على 3 أنواع من هذه العقوبات البديلة ممثلة في "العمل من أجل المنفعة العامة" و"الغرامة اليومية" و"تدابير وقائية وعلاجي " ، فضلا عن مقترح المراقبة الإلكترونية للمتهمين التي تروم التقليص من نسبة الإعتقال الإحتياطي . وقدم الأستاذ بوطيبي الطيب ، محامي بهيئة المحامين بالناظور ، على هامش نفس الندوة ، ورقة إستحضر فيها التأطير التاريخي للسجون و العقوبات الحبسية ، كما تناول خلالها تطور الترسانة القانونية المتبعة في المغرب ضد السجناء ، وذلك منذ عهد الحماية إلى غاية دولة ما بعد الإستقلال . أستاذ العلوم السياسية بكلية الناضور ، الدكتور ميمون الطاهري ، قال في عرض قدمه تحت عنوان : " نحو أنسنة المؤسسات السجنية في المغرب : أية بدائل ؟ " ، بأن الإكراهات التي تعيشها سجون المغرب ، مرتبطة بغلبة الطابع الأمني في مواجهة السجناء و عدم تطبيق المفاهيم الحقوقية إزاء هذه الشريحة ، فضلا عن عدم إرساء المقاربة التقويمية والإصلاحية إثر التركيز على مبدأ العدالة العقابية . وإستطرد الطاهري " تفسير الظواهر التي تعيش على وقعها المؤسسات السجنية بالمغرب والبلدان العربية مرتبط بنوعية السياسات المتبعة وبطبيعة الأنظمة السياسية التي يحظر فيها الهاجس الأمني بقوة كبيرة ، عكس الدول الأروبية وخصوصا فرنسا التي تعتمد مقاربات أكثر نجاعة تهدف إلى أنسنة السجون " ، وهي الوضعية التي تؤدي مباشرة إلى ارتفاع نسبة حالات العود وبالتالي تعاظم آفة الاكتظاظ التي تعانيها أغلب السجون بالدول العربية، مؤكدا على أن أول خطوة يجب البدء بها في هذا المجال هي العمل على إرساء ثقافة العقوبات البديلة حتى يتقبلها المجتمع والسجين نفسه . وأوضح ذات المتدخل ، ان حالات العود وتكرار الجريمة جعل المجتمع الغربي يطرح تساؤلات عديدة ، كانت الإجابة عنها بإتباع مناهج علمية في بعض الدول لاسيما المتقدمة منها كفيلة بإيجاد الآليات البديلة لتحسين وضعية السجناء والمسجونين ، وذلك عبر إقرار العقاب التقويمي للتخفيف من نسبة عودة المدانين سابقا إلى إرتكاب أفعال جرمية مشابهة أو أكثر حدة من الاولى . و من جهة ثانية سلط الدكتور الطاهري الضوء على الجهات التي تتحمل المسؤولية لتغيير واقع المؤسسات السجنية في المغرب ، وشدد في هذا الإطار على ضرورة تحلي السلطة السياسية بالإرادة الكاملة لأنسنة السجون وإنفاق موارد مالية في هذا المجال ، وعلى مستوى المجتمع المدني دعا المحاضر إلى مواصلة المنظمات المدنية في مبادرات التجييش و تحسيس المواطنين بوضعية المساجين والمؤسسات السجنية و العمل على المدى المتوسط والبعيد للتفكير في جملة من البدائل لإنزالها على أرض الواقع ، وبالتالي تعويض العقوبات الحبسية السالبة للحرية . تجدر الإشارة ، أن هذه الندوة المندرجة ضمن برنامج ترقية حقوق السجناء بالمغرب نظمت بدعم من سفارة هولندا بالرباط ، و بتنسيق مع المنظمة المغربية لحقوق الإنسان ، و المنظمة المغربية لحقوق الإنسان وهيئة المحامين بالناظور - الحسيمة والكلية متعددة التخصصات بسلوان .