ارتأيت من باب إبداء رأي في قضية معينة ، أن أتطرق هنا إلى ما سماه تنظيم نقابي بالناظور ب"بيان رقم "1 ثم تلاه ما اصطلح عليه "بلاغ 1″ والذي خلص إلى الدعوة لتنظيم ما سماها ب"وقفة احتجاجية إنذارية" أمام مقر الجمعية الخيرية في بداية الأسبوع القادم بحول الله وقوته. ولعل السؤال المطروح والذي لم أجد له جوابا شافيا ، هو لماذا بالضبط مقر الجمعية الخيرية ؟ والحال أن ما سماه التنظيم النقابي ببلاغ 1 يتحدث عن تفاقم المشاكل في عدد من القطاعات – حسب البلاغ – وذكر منها : الجماعات المحلية – الصحة – الأسواق – شركة افيردا –كازاتكينيك – بريتنسا – التعليم – قطاع مهني النقل وأخيرا الجمعية الخيرية . وغريب أن يختار هذا التنظيم وقفته الاحتجاجية التي لا تخيف أحدا ، أمام مقر يؤوي مجموعة من اليتامى والمحتاجين أصبحوا ينعمون بشروط حياتية مريحة أنستهم حنان الوالدين ، بدلا من مقر إحدى الجماعات المحلية ، أو أمام نيابة التعليم ، أو أمام مندوبية الصحة ، أو امام مقر شركة افيردا الخ… وفي انتظار أن يقنعنا أحد بصواب تنظيم الوقفة أمام الجمعية الخيرية بدلا من مقرات أخرى ، نستطيع أن نؤكد باأن توقيف مستخدمة واحدة كانت تعمل بالجمعية الخيرية ، يساوي عند هذا التنظيم النقابي أكثر من باقي مشاكل القطاعات التي تحدث عنها "بلاغهم". وحسب المعلومات المتوفرة لدي ، فالمستخدمة التي تم توقيفها عن عملها ، ارتكبت أخطاء جسيمة حسب تقرير أعدته ادارة الجمعية، ولا حاجة للدخول في التفاصيل التي قد لا تعجب البعض ، لكن ممكن في قادم الأيام أن اتطرق إلى بعض السلوكات المرفوضة التي قامت بها المعنية بالأمر ، وما كان على هذا التنظيم النقابي أن يورط نفسه في النازلة ويهدد بالوقفات الإنذارية.. ان تحريف العمل النقابي عن مساره الصحيح ، لا ينتج إلا الممارسة الانتهازية على مستوى تحمل المسؤولية القطاعية والمركزية ، وعلى مستوى التواجد في الأجهزة التنفيذية والتقريرية ، وعلى مستوى الانخراط في النقابة ، واتخاذ المواقف النقابية المسؤولة في محطات معينة، لأن الانتهازية مرض عضال يسري في جسد النقابة ، فيفشل قدرتها على الإبداع ويجعلها غير قادرة على التعاطي مع الشغيلة التي أصبحت تميز بين العمل النقابي المبدئي وبين العمل النقابي الانتهازي . أعرف جيدا بأن مسؤول هذا التنظيم النقابي الذي فضل مقر الجمعية الخيرية على باقي المقرات العملية الأخرى ، يتحرك هذه الأيام لتلميع نفسه لكنه تناسى أن الجمعية الخيرية باستقرارها وحسن تدبير شؤونها ، لن تكون صيدا ثمينا له ولأمثاله من الانتهازيين ، الذين يبحثون عن تحسين مستقبلهم الشخصي وبدون فعل وتراكمات نضالية ونقابية حقيقية تبرز عطاؤهم المناضل ، ويخطئ من يتوهم أنه يملك القدرة على القفز والركوب على تضحيات ونضالات المناضلين الحقيقيين من خلال التشويش على التسيير الصارم والجدي لمؤسسة خيرية عانت كل أوجه الفساد في مرحلة سابقة ، وأصبحت اليوم يضرب بها المثل في التسيير الجيد والتغيير المستمر والذي وقف عليه قبل أربعة أيام مجموعة من علماء المغرب الأجلاء من رؤساء مجالس علمية ومندوبين للشؤون الإسلامية من عدد من مدن وأقاليم اللملكة وأئمة وحفظة كتاب الله الحكيم وسلطات ومنتخبين وفاعلين سياسيين ونقابيين وجمعويين وإعلاميين وتجار ومن مختلف شرائح المجتمع الناظوري ، وهم يحضرون مراسيم حفل افتتاح معلمة دينية شيدت داخل فضاء هذه الجمعية الخيرية التي أراد مسؤولوها التصدي لمن يتلاعب بشرف وسمعة المؤسسة ويهدد صحة النزلاء ، فإذا بالتنظيم النقابي يتحرك ويهدد بقلب العالم … الجمعية الخيرية الإسلامية بالناظور أصبحت اليوم تعتبر رقما صعبا في المشهد الجمعوي الإحساني ، وأنه بالإمكان التشويش على مبادراتها التنظيمية والتدبيرية وأنشطتها الإشعاعية ، ويمكن الاستئناس بالذين أصبحوا اليوم خارجها ، والذين يعرفون أنهم أخطئوا الطريق وزاغوا عن المحجة البيضاء التي تجمع النزيلات والنزلاء والمستخدمين حولها … يكفي الانتهازيين استخلاص العبرة من القيم التي تتحكم في استمرار إشعاع الجمعية الخيرية الإسلامية وتوسعها العملي في أفق تحقيق كل طموحات المقيمين بها من نزيلات ونزلاء ، وحتى ذلك الحين ، إن لم تكن لهؤلاء الانتهازيين القدرة على الصبر ، فبإمكانهم الانصراف بدون ضجيج حتى لا يجدوا أنفسهم خارج المجتمع المدني بقوة إرادته ووعي جميع مكوناته .