وسائل الإعلام الإسبانية تعلنها حربا مفتوحة ضد المغرب.. وموراتينوس يبعث إشارة سياسية سلبية هذا هو حال الأزمات الدبلوماسية بين المغرب وإسبانيا، دائما تبدأ حدثا عابرا قبل أن تنفجر في وجه الجميع ويضطر السفراء إلى جمع حقائبهم والرحيل مرة أخرى.. ففي قضية أميناتو حيدر، بدأت تتجمع بوادر الأزمة، لكن المرجل الدبلوماسي لم يغل بعد بالشكل المطلوب رغم أن هناك من يزيد درجة الحرارة. وأزمة المغرب وإسبانيا الحالية هي في العمق أزمة صنعتها وسائل الإعلام الإسبانية أكثر مما صنعها الساسة أنفسهم، فالمحللون في الجارة الشمالية أعجبهم الموضوع منذ عدة أيام، ذلك أن المحلل الشهير في إذاعة "كادينا كوبي"، فيديريكو خيمينيث دي سانتوس، خصص فقرته الصباحية ليوم الأمس للهجوم على المغرب ووزير الخارجية الإسبانية ميغيل أنخيل موراتينوس، ولم يفته أن يذكر بالطريقة التي خرج بها الإسبان من الصحراء بعيد وفاة الجنرال فرانكو والتي تفسر لنا كل شيء الآن، فهم لم ينسوا أبدا كيف خرجوا من الصحراء قبل أزيد من ثلاثة عقود دون أن يطلقوا رصاصة واحدة، وفي كل توتر يستحضرون ذلك، فالعلاقات بين ضفتي المضيق مكبلة دائما بالتاريخ الذي يمنعها من رؤية أي مستقبل. تحليلات أخرى نشرتها صحيفة "إيل باييس" خصوصا تطالب بتدخل وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون، سيرا على ما فعله كاتب الدولة في الخارجية الأمريكية كولن باول إبان أزمة جزيرة ليلى، متناسية أن باول نفسه سخر من إقحامه في أزمة جزيرة ليلى بعد تركه لمنصبه، وقال إنه أضاع يومين من الاتصالات بين البلدين بسبب نزاعهما على حجرة تافهة بدون أية أهمية استراتيجية. بعض الإسبان يعتقدون أن موراتينوس لن يتصل بهيلاري نظرا لعدم رغبته في التصعيد، كما أنها معروفة بصداقاتها المتينة مع المغرب الذي زارته قبل مدة قصيرة، وربما هذا الأمر سيجر على دبلوماسية موراتينوس سخرية أخرى آنية أو مستقبلية من طرف الأمريكيين. التصعيد الإعلامي توازيه محاولة لضبط التوازنات من طرف قصر المونكلوا (قصر الحكومة) بمدريد، الذي سرب معطيات تشير إلى أن الحكومة الإسبانية لن تتخذ أية إجراءات من شأنها التصعيد أو استدعاء السفير الإسباني بالرباط، لويس بلاناس، للتشاور، فالمغرب لا يوجد على بعد 5 آلاف كيلومتر، كما أن حقيقة المشكل جليّة: هناك من يستغل رقم أميناتو حيدر، الذي يبقى صغيرا، في معادلات البلدين الكبرى من أجل إشعال فتيل أزمة. الرباط لم تخنع لضغوطات مدريد، وأميناتو أعجبها لعب دور البطولة على مسرح الكبار، وهي المرأة التي عاشت حياة مغمورة في السابق وتحمل في جواز سفرها، الذي نزع منها، أمام كلمة مهنة: "بدون"، فيما فضل موراتينوس لعب دور الكرسي الفارغ في اجتماعات وزراء الخارجية التي عقدت صباح أمس ببروكسيل من أجل مناقشة محتوى الوضع المتقدم الذي منحه الاتحاد الأوروبي للمغرب، ولم تعط أية تفسيرات عن غياب موراتينوس، مما جعل التخمينات تتجه بسهولة إلى الأزمة المندلعة بين البلدين.