قررت المحكمة الابتدائية بالدارالبيضاء، النطق بالحكم في قضية اتهام جريدة "أخبار اليوم" بإهانة العلم الوطني، يوم الجمعة المقبل 30 أكتوبر. وعرفت أطوار المحاكمة التي جرت مساء الاثنين الماضي، واستمرت لأزيد من ثلاث ساعات، سجالا بين القاضي ووكيل الملك من جهة، ودفاع كل من توفيق بوعشرين، مدير نشر "أخبار اليوم"، وخالد كدار، الكاريكاتريست بنفس الجريدة . وفي بداية الجلسة التي انطلقت على الساعة الخامسة مساء وجه القاضي أسئلة إلى خالد كدار حول العلم الوطني، وسأله عما إذا كان قد رسم العلم الوطني في الكاريكاتير، فكان الجواب، هو أنه رسم العلم المغربي بنجمته الخماسية، وهنا طلب القاضي من الرسام الساخر إكمال الرسم الذي يوجد على الكاريكاتير ليثبت أنه رسم العلم الوطني. وهنا تدخل الدفاع ممثلا في المحامي عبد اللطيف وهبي لينبه القاضي، إلى أن عليه أن يسأل المتهم حول ما هو مرسوم في الكاريكاتير، وليس ما ليس مرسوما، كما اعترض المحامي عبد الرحيم الجامعي على استشهاد وكيل الملك بمحضر للشرطة القضائية جاء فيه اعتراف لخالد كدار أمام الشرطة بأنه فعلا إذا أكمل الرسم فإن النجمة التي رسمها سيكون شكلها سداسيا وليس خماسيا، وهو التصريح الذي نفاه كدار، واتهم الجامعي جهاز المخابرات الديستي، بالإشراف على التحقيق مع المتهمين ضد القانون، وأن شخصا يدعى حامي الدين، هو الذي أشرف على التحقيق وهو لا علاقة له بالشرطة القضائية. ومن جهته، اتهم توفيق بوعشرين في كلمته أمام القاضي، وزير العدل، الذي هو في نفس الوقت الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي بالتدخل في هذه القضية، وقال "لقد أصدر الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي ووزير العدل، بيانا أداننا قبل أن تقول المحكمة كلمتها". وشدد بوعشرين على أنه ليس لديه أي مشكل مع العلم الوطني، معتبرا أنه "رمز الأمة". أما وكيل الملك، فأشار في مرافعته إلى أن مجرد وضع العلم الوطني في رسم كاريكاتوري، يعتبر في حد ذاته إهانه، وتساءل "كيف نسخر فنا يعتمد على النقد والسخرية لوضع العلم فيه؟" ومعتبرا أن ذلك "إهانة حقيقية للعلم الوطني". وذكر وكيل الملك بسياق وضع نص القانون الذي يعاقب على إهانة العلم، مشيرا إلى أن ذلك تم سنة 2005 عندما تعرض العلم الوطني للإحراق من طرف من وصفهم ب "الطلبة الصحراويين"، وأشار الوكيل إلى أن علم الملكة وشعارها "الله، الوطن، الملك" أصبح محميا بهذا القانون من الإهانة وأن من يسب الله يدخل تحت طائلة العقاب، لأن الله من شعار المملكة. والتمس المدعي العام، إدانة المتهمين وفق فصول المتابعة في القانون الجنائي. من جهته أشار المحامي عبد اللطيف وهبي، إلى أنه "لا أحد يستطيع أن يجزم بأن إكمال الرسم الكاريكاتوري يمكن أن يؤدي إلى نجمة سداسية" محذرا القاضي من مغبة "التخمين"، وأن عليه أن يشكل قناعة مطلقة قبل الإدانة". وبعد ذلك تساءل وهبي "هل النجمة السداسية تشكل إهانة للعلم الوطني؟ هل نجمة إسرائيل إهانة؟" وعلق قائلا: "من ضد السامية في هذه القضية؟. وأكد وهبي أن هذا الفعل لا يتضمن أي فعل جرمي، وأن الغرض من وراء تحريك هذه القضية هو "تدجين الصحافة بعد تدجين الأحزاب" محذرا من "فتح باب جهنم على حرية التعبير". وبدوره تساءل المحامي عمر الإسكرمي، عن وجه الإهانة التي تعرض لها العلم الوطني، حتى لو افترضنا أن النجمة المرسومة في كاريكاتير "أخبار اليوم" ذات أضلع سداسية، وقال الإسكرمي إن "النجمة السداسية تراث مشترك بين المغاربة اليهود والمسلمين، "وهي ليست نجمة إسرائيلية لأنها نجمة إسرائيل زرقاء". وقد الإسكرمي للقاضي معطيات تاريخية عن استعمال عدد من السلاطين العلويين للنجمة السداسية في أختام المملكة، كما وضعها المقاوم عبد الكريم الخطابي على علم الريف، خلال فترة مقاومته للمستعمر، وسكها على النقود، ليخلص إلى أن النجمة السداسية لا تهين علم المملكة، وأن من يدعي ذلك هو الذي يعادي السامية. أما المحامي عبد الرحيم الجامعي فأشار إلى أن محاكمة "أخبار اليوم"، تأتي في سياق هجمة عامة على الصحافة المستقلة، معتبرا أن من يحرك هذه المتابعات يفعل ذلك ب"منطق الانتقام"، ويسعى ل"خلق مناخ فاشستي قائم على التخويف". واتهم الجامعي وزير الداخلية بالتعسف على جريدة "أخبار اليوم"، بإغلاق مقرها وتساءل "كيف يقوم وزير الداخلية بكل هذه التجاوزات ولا يجد من يوقفه عند حده". أما المحامي مصطفى الرميد فحذر من "استعمال القضاء في الحملة ضد الصحافة"، ووصف هذه المتابعات بأنها تتصف ب"المزاجية" و"التسرع".