كان الموت ينتظر فقط أن يقترنا ببعضهما.. كان "جبانا" مرة أخرى هذا الغيبي، كما وصفه درويش في "الجدارية".. انتهى العرس في ساعات الصباح الأولى من يوم السبت الماضي، أصوات الزغاريد والطبول مازالت تسمع في أقاصي الناظور، وصور عقد القران البهيج ما زالت في حوزة مصور العرس.. وجها العروسين.. رقص الأقارب والجيران والأصدقاء.. وآخر الفلاشات قبل الدخلة، إلا أنه في بيتهما الصغير، وسط مدينة الناظور، كان الموت في انتظار فرحتهما وزواجهما بعد 48 ساعة فقط على دخولهما القفص الذهبي، واختار طريقة غير متوقعة ليلقي بهما إلى حتفهما المكتوب: تسرب غازي يخنق العروسين بعد يوم زواج واحد. تدخل رجال الشرطة القضائية بالناظور، أول أمس الاثنين، بعد أن توصلوا بإشعار حول اكتشاف جثتين بإحدى الشقق السكنية وسط الناظور، تعودان لذكر وأنثى، لقيا حتفهما بعد ثمان وأربعين ساعة من زواج حديث ومن اقتسام سرير نوم حديث ومن بداية تشكيل عائلة حديثة، ومن فرحة لم تدم طويلا... وجاء اكتشاف جثتي العروسين بعد تعذر الاتصال بهما منذ انتهاء حفل العرس العائلي، رغم وجود شقتهما في قلب مدينة الناظور، والتي بقيت أنوارها مضاءة لأزيد من أربع وعشرين ساعة. وكشف الفحص الأولي، الذي أجراه فريق مسرح الجريمة ببيت الضحيتين، غياب أية آثار تعنيف على جثي العروسين، ما ينفي حسب الفريق غياب أية عملية مقاومة من لدنهما لشخص معين أو لخطر ما، في حين رجح وجود مدفئة بالقرب من جثتي الفقيدين فرضية وقوف جهاز التدفئة وراء الحادث المميت، إذ أكد مصدر أمني ل"أخبار اليوم" أن "السبب الأكثر احتمالا لهذا الحادث هو تسرب للغاز أفضى إلى فقدان العريسين الاقتران لحياتهما". وبعد انتهاء الفحص الميداني، تم نقل الجثتين إلى مستودع الأموات بالمستشفى الحسني الإقليمي بالناظور، وذلك للخضوع لتشريح طبي دقيق بناء على أوامر النيابة العامة بالمدينة، وينتظر أن يحسم هذا التشريح، وفق خلاصة سيشملها تقرير الطب الشرعي، في سبب الوفاة، وهو نفس التقرير الذي قد يفند ما يروج من بين أبناء المدينة عن سبب الوفاة الحقيقي، والذي يربطه البعض بإمكانية وقوف عمل إجرامي وراء الحادثة.