كسرت جمعية دروب الفن بأكادير، مساء أمس السبت، حاجز الصمت من خلال عرضها المسرحي التجريبي "حبر العين"؛ العرض الذي حاول من خلاله مخرجها السيناريست محمد جلال أعراب، رفع التحدي وكسر واحد من الطابوهات التي تؤرق المجتمع، من خلال التعامل مع موضوع الاعتداءات الجنسية ضد الأطفال. وتدور حبكة مسرحية"حبر العين" حول أربع شخوص،كنماذج من المجتمع، تعرضن لاعتداءات جنسية بأشكال عدة، نتج عنها أضرار نفسية وجسدية، تجلت تداعياتها في فقدان الشعور بالأمان والثقة في المجتمع؛ بطلات المسرحية قررن كسر حاجز الصمت، وسردن بكل جرأة وبلغات عدة؛ الأمازيغية العربية والفرنسية، وبألم كبير ما تعرضن له من سلب للطفولة، واصفات المعاناة الدائمة التي ترافق كلا منهن، والتي أثرت وما زالت تؤثر على حياتهن، عندما تعشن اللحظة مرارا وتكرارا، خلال المعيش اليومي لكل منهن، وأبرز العرض مصير هن بين التورط في الدعارة والانتحار ومحاولة تجاوز الواقع بالموسيقى والإبداع. واستند كاتب المسرحية وواضع تصور السينوغرافيا والإخراج، الأستاذ محمد جلال أعراب، في عرضه الذي يعتبر جريئا من نوعه على مستوى التناول فوق الخشبة، في تصاعد درامي مدروس شكلاً ومضموناً؛ على مجموعة من الشهادات الحية التي استقاها، وعاشها بمعية مجموعته المسرحية على أرض الواقع لاأطفال تعرضوا للتحرش الجنسي والاغتصاب، مؤكدا في تصريح له على أن العرض يحمل بعدا تحسيسيا، ويوجه مجموعة من الرسائل لكافة فئات للمجتمع، اتجاه الطفل الذي يعتبر مستقبل المجتمع، وحول القراءة السيميولوجية لعنوان العرض، أبرز أعراب أن الحبر له مرجعية الكتابة حينما تدمع العين ألما وحزنا؛ لهول ما يصيب الأطفال من اعتداءات، منوها بأداء الممثلين الذين نجحوا إلى حد كبير في تقمص الأدوار المنوطة بهم. كما كشفت نجاة أنوار، رئيسة جمعية متقيسش ولدي، شريكة العرض المسرحي، فوق خشبة المسرح عقب نهاية العرض، بأن المشوار لا زال طويلا، في ظل وضعية معاناة أطفال يعيشون غيابا على مستوى الدعم النفسي، مبدية دعوتها للمسؤوولين للتدخل والعمل على الدعم والتتبع النفسي؛ لأطفال يبكون في صمت، من ضحايا الاعتداءات والتحرشات الجنسية، ليعيش هؤلاء أسوة بأمثالهم في مغرب جدير بأطفاله، معتبرة في حديثها "المسرح أب الفنون" من الوسائل التي تساعد على إيصال القضية، التي تتبناها الجمعية للآباء والأمهات والأطفال بدون صدمة؛ في ظل تستر أغلب الضحايا، لاقترانها بثقافة العيب أو التستر على الفضيحة، مناشدة الجميع للتحلي بالجرأة وكشف مختلف الاعتداءات التي يتعرض لها الأطفال. وقامت بإنجاز سنوغرافيا مسرحية "حبر العين" لجمعية دروب الفن أكادير صفية زنزوني، وإضاءة سعيد عادل، وقام بتلحين أغنية العرض خالد الباز، وبالمحافظة العامة صفاء رمضاني، وشخص هذه المسرحية كل من كبيرة البردوز، صفية زنزوني، دينا أنوار، بدر نزار، وتنتظر المسرحية سلسلة من العروض في عدد من القاعات والمسارح بالمدن المغربية من بينها مسرح محمد الخامس بالرباط،كما تمت برمجة عروض على المستوى الدولي؛ بهدف نشر التوعية وتسليط الضوء على موضوع هام، يمس الأطفال وما يتعرضون له من اعتداءات جنسية شتى. وجدير بالذكر إلى أن طلبة الإجازة المهنية في التنشيط الثقافي والمسرحي، بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة ابن زهر، أبوا إلا أن يستغلوا المناسبة ويقوموا بمفاجئة، منسق المسلك الأستاذ محمد جلال أعراب، بتكريمه عقب نهاية عرضه، الذي شاركت في أدائه خريجة الفوج الثاني، وذلك شكرا وعرفانا له بالجهود التي يقوم بها في الرفع من قيمة التكوين بالكلية، ولجهوده أيضا على مستوى الفعل المسرحي الهادف المتطرق لقضايا المجتمع. كما أكد الحضور على نجاح هذا العمل، وأهميته في طرحه لقضية هامة تمس مجتمعنا، وضرورة التوعية بها، وتشجيع هذه الشريحة من المجتمع للحديث عن الموضوع، والمطالبة بمحاكمة مرتكبي هذه الاعتداءات؛ عبر كسر حاجز الصمت والتحدث علنا عن هذا الطابو.