صيف آخر يطل بحرارة أيامه الحارقة ليزيد من عمر معاناته، متشردا بعيدا عن الأهل، تستبد حرقة فراق زوجته وأبنائه، هكذا تمر أيام المناضل الصحراوي مصطفى سلمى ولد سيدي مولود، الذي حكمت عليه قيادة البوليساريو بإيعاز من المخابرات العسكرية الجزائرية بأن يبقى معلقا لا هو لاجيء سياسي يتمتع بحماية المفوضية السامية لشؤون اللجئين، و لا هو معارض له الحق في التعبير عن رأيه حيث قرر أن يعيش . لكن وقد شارفت رحلة الصيف و الشتاء، التي دخلها المفتش العام السابق لشرطة البوليساريو مرغما على عامها الثاني، لم يجد إبن قبيلة الركيبات لبيهات بدا من الإقدام على كل أشكال التصعيد مها كانت خطورتها . من منفاه بالعاصمة الموريتانية أعلن مصطفى سلمى أنه قرر الدخول في إضراب عن الطعام بدءا من الساعة العاشرة صباحا من يومه الثلاثاء وذلك في مكان اعتصامه أمام مكتب المفوضية السامية لغوث اللاجئين بالعاصمة الموريتانية نواكشط. ولد سلمى ذكر في بيان موجه إلى الرأي العام الدولي و المحلي و الإقليمي بمعاناته الممتدة «لأزيد من سنة ونصف جراء ترحيل قسري و إجراءات ظالمة» اتخذتها في حقه جبهة البوليساريو والجزائر . طريق العذاب و التيه، الذي سطرت معالمه المخابرات الجزائرية، وبوحشية نفذته ميليشيات البوليساريو، بدأ باختطاف مصطفى من مكان قرب بلدة « امهيريز» الصحراوية مساء ليلة ال 21 من شنتبر 2010، وهو في طريق العودة إلى المخيمات حيث تقيم أسرته الصغيرة، آتيا إليها من مدينة السمارة المغربية حيث أعلن عن تأييده للمقترح المغربي بمنح حكم ذاتي للأقاليم الصحراوية. بعد محاولات عديدة من قيادة البوليساريو لإلباسه توب « الخيانة العضمى» و الحكم عليه تبعا لذلك بالإعدام، ارغم زعيم الجبهة عبد العزيز ومن معه إلى نهج أسبوب العصابات لإخراص صوته، لا لشيء سوى لأنه تجرأ على الجهر برأيه، فكان الإخفاء القسري لأكثر من 70 يوما في ظروف قاسية، قبل أن تسفر الضغوط الدولية على إخراج مشهد الإبعاد والتسليم للمفوضية السامية لغوث اللاجئين في الخلاء على الحدود الشمالية لموريتانيا صبيحة ال 31 من نونبر من نفس السنة . لكن المفوضية، التي كانت قد اقترحت خروجه إلى موريتانيا كحل مؤقت في انتظار تسوية وضعيته بشكل نهائي، تخلت عن كل التزاماتها و« تنصلت من مسؤوليتها في البحث عن تسوية لوضعيتنا، وهو ما يدفع ضريبته أبناؤنا القصر» يؤكد البيان الذي تتوفر الجريدة على نسخة منه. قرار الإضراب عن الطعام يأتي نتيجة مماطلة المفوضية في الإجابة عن طلب تقدم به ولد سلمى للمفوضية السامية لغوث اللاجئين قصد إيجاد طريقة للحصول على جواز، و كذلك بسبب الشروط « المجحفة التي وافقنا عليها عند دخولنا التراب الموريتاني بأن نحد من نشاطنا الاعلامي والسياسي تسوية وضعيتنا» يقول البيان موضحا أنه « التزام لم يعد ممكنا الالتزام به بسبب نكث المفوضية لوعودها». البيان ذاته أوضح بأنه في حالة ما إذا لم يجد المناضل الصحراوي آذانا صاغية، فسيسعى إلى ا تخاذ إجراءات « أكثر تشددا» بداية من يوم الإثنين المقبل محملا المفوضية « المسؤولية عن أية مضاعفات سلبية قد يتعرض لها».