تعيش مدينة الصويرة طيلة أربعة أيام على إيقاعات الفن الكناوي مع أشهر معلميه والانفتاح على تجارب موسيقية مغربية وعالمية أخرى، كما تستضيف في منتدى حول حركية المجتمعات وحرية الثقافات مجموعة من المثقفين والمفكرين، في إطار حوار ونقاش لصيق بالتحولات التي تعيشها المنطقة العربية والعالم بصفة عامة، وكل ذلك في أجواء احتفالية خاصة بمناسبة عيد الميلاد الخامس عشر لمهرجان كناوة وموسيقى العالم. الصويرة مدينة البحر والرياح والتاريخ في قلب المغرب وإفريقيا والعالم طيلة أربعة أيام وليال وأيضا خمس عشرة سنة, والمناسبة الموعد الفني السنوي القار, مهرجان كناوة وموسيقى العالم. مهرجان هذا العام يكتسي طابعا خاصا واستثنائيا, فدورة 2012 التي انطلقت ليلة الخميس الجمعة تأتي والمهرجان يكمل عقدا ونصف العقد من الزمن ومن الاستمرارية والمناسبة كانت تستدعي احتفالات خاصة وبرمجة استثنائية تليق بهذا العمر الذي ليس بالعادي في حياة مهرجان متميز بفنه وبقيم التسامح والانفتاح والحوار التي ينبني عليها, ومن حسن طالع مهرجان «كناوة» في دورته الخامسة عشرة أن يتصادف هذه السنة مع الاحتفال باليوم العالمي للموسيقى ومع بداية موسم الصيف بشكل رسمي. إذن فكل الظروف كانت مواتية لاحتفاء متميز بعيد ميلاد «كناوة» الخامس عشر, والبداية كانت بموكب «العادة» الذي ازدحم به باب دكالة لأكثر من الساعة ثم تلاه حفل الافتتاح بساحة مولاي الحسن والذي كان متميزا بحضوره الرسمي والنخبوي والشعبي أيضا, المستشار الملكي والرئيس المؤسس لجمعية الصويرة موكادور أندريه أزولاي, وزير السياحة لحسن حداد, ممثلة فلسطين في باريس ليلى شهيد, الكاتب المغربي محمد برادة, الفنانة لطيفة أحرار وجوه من بين أخرى من السلك الديبلوماسي ومن عالم المال والأعمال والإعلام أثثت فضاء ساحة مولاي الحسن وتابعت بحماس وتجاوب كبيرين الافتتاح من البداية حتى النهاية. وقد كانت ضربة البداية فنيا بعرض امتزجت فيه موسيقى وإيقاعات ورقصات «كناوة» من توقيع المعلم أخراز وفرقته والمعلم سعيد أوغاسال ومجموعته بنظيرتها الإفريقية من إبداع فرقة دجيمبي نيوستايل والتي تضم مجموعة من أمهر عازفي الدجيمبي في غرب إفريقيا, وقد استطاعت الفرق الثلاث أن تشد أنظار واهتمام الحضور بمختلف انتماءاته وجنسياته وتنال منه أكبر تجاوب عبر أحر التصفيقات وأيضا عبر الرقص و«الجدبة», وحسب ما أعلنت عنه إدارة المهرجان فإن هذا العرض الفني هو ثمرة إقامات فنية تجمع بين معلمين كناويين وعدد من الموسيقيين المغاربة والعالميين الذين يبدعون في مجالات موسيقية أخرى مثل الجاز والإلكترو روك والموسيقى اللاتينية والروحية . وقد تواصلت احتفالات الليلة الأولى بعرض فني في إطار المزج بين الفن الكناوي وبين الجاز من خلال لقاء فني على الخشبة بين المعلم عبد السلام عليكان وطيور الجنة وسلفيان لوك تريو - أوركانيك . وبعد ليلة الافتتاح كان لجمهور مهرجان «كناوة» ولرواد خشبة مولاي الحسن ليلة الجمعة السبت لقاء ثان مع النجمة المالية أومو سانكاري بعد مشاركتها في 2002 وهي المغنية التي تمتع بصوتها وغنائها وتنال التقدير والاحترام من أرفع المنظمات الدولية والأممية بفعل انخراطها في النضال من أجل حقوق المرأة في بلدها والقارة الإفريقية وبعد غنائها بشكل منفرد التقت أومو سانكاري في مزج فني مع المعلم مصطفى باقبو العضو السابق في مجموعة جيل جيلالة, بينما وعلى خشبة ميدتيل عزف وغنى المعلم محمود غينيا. وقد تميزت الليلة الثالثة من المهرجان بعروض لحميد القصري وهوبا هوبا سبيريت وغيرهم من نجوم الدورة الحالية من المهرجان سواء الذين قدموا إبداعاتهم الفنية بشكل منفرد أو في إطار المزج أو الإقامات الفنية . ولم ينس المهرجان المواهب الشابة والواعدة في «تكناويت» في مدينة الرياح بتخصيص خشبة خاصة بها في باب دكالة حملت اسم «أولاد موكادور» لتجريب إبداعها في هذا النوع الموسيقي ومزجه بالراب وباقي أشكال الموسيقى الشبابية التي تجد مكانا هاما ضمن الاهتمامات الفنية للجيل الصاعد. تجدر الإشارة إلى أن المهرجان هذه السنة لم يقتصر فقط على العروض الموسيقية والغنائية بل امتدت برمجته إلى خلق نقاش وحوار ثقافي مجتمعي من خلال منتدى ” حركية المجتمعات, حرية الثقافات ” توزعت محاوره بين مقاومة النكوص والانكفاء, والحداثة والقيم والصدام والتنوع ودور الثقافة في الحواروالتبادل والاحترام أبدى فيها الرأي مجموعة من أهل الثقافة والفكر من بينهم محمد الأشعري وأحمد عصيد ولطيفة أحرار وماحي بنبين وطارق عمارة ومحمد برادة وادريس كسيكس وياسين أحجام. أحمد ردسي تصوير: محمد العدلاني