Ahdath.info الصمت والآذان الصماء، هذا ما يواجهه العاملون بمجال الإعاقة وإدماج الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، الذين يسابقون الوقت لأجلتجاوز "ورطة" يعيشها المتدربون والمتدربات في مجال التكوين المهني، الذين يعانون تحديدا من الاضطرابات وصعوبات التعلم، والذينحرموا من ظروف التكييف بالمراكز. أيام معدودة تفصل هذه الفئة من المتدربين والمتدربات عن موعد الامتحانات الجهوية، لكنهم لن يستفيدوا من أي إجراءات تكييفية تراعيآوضاعهم الصحية بعد أن تم توقيف بشكل تام تفعيل المذكرة رقم 304-19 المتعلقة بتيسير ولوج المتدربين والمتدربات ذوي إعاقة إلى مراكزالتكوين، التي كان وجهها وزير التربية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي السابق، سعيد أمزازي، إلى مديرة المكتب الوطنيللتكوين المهني وإنعاش الشغل، لبنى طريشة، بتاريخ 4يونيو 2019. المذكرة تنص بوضوح على ضرورة تمكين الأشخاص في وضعية إعاقة من حقوقهم الدستورية، بما فيها الحق في التعليم الجيد والمييسرالولوج. وأقرت الوثيقة نفسها بأن نسبة نجاح التلاميذ في وضعية إعاقة في امتحانات الباكالوريا "تعرف ارتفاعا سنة بعد أخرى إذ بلغت 84فيالمائة برسم الموسم الدراسي 2019-2918 في الدورة العادية مما يفرض ضمان حق هذه الفئة من أبنائنا في إتمام تكوينهم على مستوىمابعد الباكالوريا" تقول المذكرة . ودعا أمزازي، حينها، مديرة مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل، لبنى طريشة، إلى إصدار تعليماتها إلى مدراء مراكز التكوين المهنيقصد " تسهيل عملية تسجيل هذه الفئة من المتدربين والمتدربات بمختلف مسالك التكوين"، وكذا، "اتخاذ كافة التدابير اللازمة لتيسير ولوجهملمراكز التكوين ومتابعة تكوينهم في أحسن الظروف". وشددت المذكرة على ضرورة إحداث مكتب خاص لاستقبال الوافدين من ذوي الإعاقات للتسجيل في مراكز التكوين المهني لدراسة وتتبعملفاتهم، ومع ضرورة الإدلاء من طرف المتدرب(ة) الراغب(ة) في التسجيل بشهادة الإعاقة مسلمة من طرف وزارة الأسرة والتضامن أو ملفطبي يثبت استفادته من تكييف الامتحانات خلال مساره الدراسي. كذلك، أكدت الوثيقة على ضرورة تكليف اللجنة البيداغوجية على مستوىمراكز التكوين المهني بدراسة طلبات التسجيل مهمتها توجيه المتدربين والمتدربات في وضعية إعاقة للشعب، التي تناسب قدراتهم. هذه المذكرة، وكل ما تحمله من تعليمات تتغيى تمكين الأشخاص ذوي الإعاقات من حقهم في مواصلة الدراسة والتكوين، والتي تؤطر، كذلك،حقهم في الاستفادة من تدابير استثنائية ضامنة لتيسير مسارهم الدراسي والتكويني، فقدت " الأثر الإداري الإلزامي" إثر الهيكلةالحكومية الجديدة، والتي استقل فيها المكتب الوطني للتكوين المهني عن وزارة التربية الوطنية ولم تعد لها وصاية عليه. ومنذ انطلاق الموسم الدراسي الحالي، وجد المتدربون والمتدربات في وضعية إعاقة بمراكز التكوين المهني أنفسهم شبه " مقصيين" منالمسار التكويني العادي، الذي يستفيد منه نظراءهم " السليمون". أشهر مرت من الدراسة دون أن يستفيد المتدربون والمتدربات ذوي الإعاقات المتسببة في الاضطرابات التعلمية، تحديدا، من أي تدبير تكييفيأو مساعدة في أقسامهم التكوينية ومرت الامتحانات العادية دون أن يحظوا بالتكييفات اللازمة والمتناسبة مع إعاقاتهم بسبب رفض إدارةهذه المراكز تمكينهم من ذلك . وهذه الفئة من المتدربين والمتدربات هي الآن على مشارف اجتياز الامتحانات الجهوية للتكوين المهني، التي من المقرر أن تجرى شهر يناير2022، مما يستلزم استفادتها من التكييف . لكنها لن تحظى به بعد أن تنصل مدراء المراكز مما تلزمهم به مذكرة أمزازي وتأكيدهم للمطالبينبتفعيل مضمون المذكرة بأنهم "لم يتلقوا تعليمات من المسؤولة المباشرة عن التكوين المهني بهذا الصدد" وفق ما تؤكده للجريدة رئيسة جمعية"البشرى" للاضطرابات وصعوبات التعلم والدسليكسيا، بشرى المير. وتؤكد بشرى المير، التي تنشط جمعيتها على مستوى سلا، أنها منذ انطلاق الموسم الدراسي الحالي وهي تطرق أبواب المسؤولين عن مراكزالتكوين المهني بالمدينة "دون جدوى، فهم يرفضون بشكل تام لقاء الجمعيات الفاعلة بالمجال ويرفضون مناقشة تفعيل هذه المذكرة معنابدعوى أنها لم تعد تلزمهم بشيء في ظل الهيكلة الحكومية الجديدة" . وبحرقة شديدة، تتساءل الفاعلة الجمعوية عن " مآل هذه المذكرة"، وهي تندد بأن أغلب مدراء مراكز التكوين، الذين تمكنت من لقائهم يبدونالرغبة في "التخلص من هذه الفئة من المتدربين والمتدربات" تقول بشرى وهي تستطرد منبهة :" يدفعون هذه الفئة إلى الحصول على نقطإقصائية تستوجب الطرد من مراكزالتكوين .. غايتهم واضحة لايريدون هذه الفئات داخل مراكز التكوين فهي تشكل عبئا عليهم، يريدونالتخلص منه والحال أنها غير ذلك، فهي لا تكلف المراكز شيئا أو تدابير استثنائية غير تلك المتعلقة بالتكييف ساعة الامتحانات" وتضيفالفاعلة الجمعوية بغضب :" البعض منهم طالب الآباء بإعادة تسجيل أبنائهم بالمراكز الوطنية محمد السادس للمعاقين ونحن نعلم أن الطاقةالاستيعابية لهذه المراكز جد محدودة. ثم، لماذا يتم حرمان هذه الفئة من متابعة تكوينها بالمراكز، التي اختارت الولوج إليها علما أنها تابعتمسارا دراسيا عاديا طلية المراحل الابتدائية والاعدادية والثانوية ؟ فلماذا هذا الإقصاء والتمييز في ما بعد الباكالوريا". ونددت الفاعلة الجمعوية ب"التناقض بين تعامل وزارة التربية الوطنية مع هذه الفئة ومراكز التكوين المهني التي ترفضها ولا تريد إدماجها فيمسالك التكوين"، كذلك نددت بما وصفته ب"سياسة الأبواب المغلقة"، التي ينهجها المسؤولون على مراكز التكوين المهني، الذين يرفضون،وفق تأكيداتها، استقبال ممثلي الجمعيات المشتغلة بمجال الإعاقة وإدماج ذوي الاحتياجات الخاصة ويرفضون التحاور معهم بشأن مآلهذه المذكرة. وأكدت بشرى المير أن هذه المذكرة "أضحت لاغية" بالنسبة لكافة مراكز التكوين المهني، الذين يتنصلون من تفعيلها بدعوى أنهم لم يتلقواتعليمات من مديرة مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل، لبنى طريشة، لأجل مواصلة العمل بها. وإلى ذلك، علمت الجريدة أن مجموع الجمعيات والتحالفات المشتغلة بمجال الإعاقة وإدماج ذوي الاحتياجات الخاصة تشتغل على توحيدمبادراتها بشأن مواصلة تفعيل مذكرة الوزير السابق، سعيد أمزازي، والمتصلة بتيسير ولوج المتدربين والمتدربات ذوي إعاقة إلى مراكزالتكوين. كما أنها تعتزم مراسلة مديرة المكتب الوطني للتكيون المهني وإنعاش الشغل، لبنى طريشة .