أكدت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أمينة بوعياش، أن المغرب انطلق في طريق إلغاء عقوبة الإعدام، وأن بلوغ هذه الغاية المحتومة "ليس ببعيد". وجددت أمينة بوعياش، خلال ندوة صحافية نظمها مجلسها بمناسبة اليوم العالمي التاسع عشر لمناهضة عقوبة الإعدام الخميس 14أكتوبر 2021، التأكيد على ماوصفته بالقناعة الراسخة لدى المجلس الوطني لحقوق الإنسان بضرورة إلغاء المغرب بشكل رسمي لهذه العقوبة السالبة للحياة. و شددت على أن "عقوبة الإعدام المنصوص عليها في التشريع المغربي هي عقوبة تتعارض والمقتضى الدستوري الواضح حسب ما جاء في الفصل 20". وفي هذا السياق، قالت بوعياش :"أجدد قناعتنا بإلغاء عقوبة الإعدام لكني لن أفصل في حيثيات مطلبنا وإلغاء عقوبة الإعدام، لقد انطلقنا في طريق الإلغاء منذ سنوات وراكمنا معارف وأحدثنا شبكات لفاعلين من مختلف المجالات، سيجددون اليوم التزامهم، وعملنا على نشر ثقافة حقوق الإنسان وحماية حقوق السجناء المحكوم عليهم بالإعدام وإبداء الرأي والتوصيات الرامية إلى إصلاح التشريع الجنائي بدعوة المشرع إلى إلغاء عقوبة الإعدام رسميا وتعبئة قطاعات متزايدة من المجتمع المدني لصالح إلغاء عقوبة الإعدام". وتكتسي مناسبة تخليد اليوم العالمي ضد عقوبة الإعدام، الذي يصادف العاشر من أكتوبر، طابعا خاصا بما أن الائتلاف الدولي لمناهضة عقوبة الإعدام اختار لهذا التخليد شعار : " النساء المحكومات بالإعدام : حقيقة غير مرئية". وأوضحت بوعياش في هذا الصدد أن "اختيار هذا الشعار راجع بالأساس إلى أن البيانات نادرة عندما يتعلق الأمر بالنساء المحكوم عليهن يالإعدام أو المعدمات أو المبرآت أو المعقى عنهن" . وزادت بوعياش مبرزة "إذ لا تزال النساء يعانين من التمييز القائم على النوع الاجتماعي حتى في إصدار الأحكام وظروف الاحتجاز وحسب المعطيات المتوفرة في 2020، تم إعدام 16 امرأة في جميع أنحاء العام و7 دول لديها امرأة واحدة على الأقل محكوم عليها بالإعدام" . وأما في ما يهم الوضع بالمغرب، فقالت بوعياش إنه "حسب معطيات المجلس الوطني لحقوق الإنسان، فهناك سيدتان محكومتان بعقوبة الإعدام [بطنجة وتطوان] يتواصل معهما معهما المجلس معهما من خلال زيارتهما كما يتواصل مع السيدة التي استفادت من العفو الملكي خلال السنة الماضية ". وبهذا الصدد، ومن جهته، نبه المرصد المغربي للسجون إلى أن الصكوك القانونية الدولية " لا تعالج حالات التمييز القائم على النوع الاجتماعي، التي تواجهها النساء على المستوى القانوني والاجتماعي، والتي ترتبط غالبا بعناصر أخرى من عناصر الهوية مثل السن والتوجه الجنسي والعرق، هذه الالأحكام المسبقة تزن بثقل كبير عند تحديد العقوبة " ويضيف المرصد :" فبالرغم من أن عدد النساء المحكومات بالإعدام في بلادنا حاليا لا يتجاوز امرأتين من مجموع 82 أي ما يعادل نسبة 2.44 في المائة حسب المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، إلا أنه من المهم جدا أن ندق ناقوس الخطر بشأن حالات التمييز التي تقع النساء ضحايا لها وعواقبها على العقوبة التي يتم إصدارها ". وفي معرض كلمتها، شددت بوعياش على أن المسار الترافعي للمجلس بمعية مختلف الشبكات المدنية والمجتمعية المناهضة لعقوبة الإعدام " في حاجة إلى تجديد وتعميم الإجابات حول العديد من الافتراضات والأسئلة التي ترتكز على سوء فهم مفاده أن عقوبة الإعدام خي الرادع الوحيد للجرائم الخطيرة ". وذكرت بوعياش أن المجلس كان أكد على إلغاء عقوبة الإعدام في مذكرته لمراجعة القانون الجنائي سنة 2019، ودعا السلطات العمومية لتخطو نحو الإلغاء بالتصويت على الوقف العالمي لتنفيذ عقوبة الإعدام السنة الماضية. وجددت بوعياش طرح ذات التساؤلات حول جدوى عقوبة الإعدام ودستوريتها . إذ تساءلت :" هل التشريع الدي ينص على عقوبة الإعدام لا ينص على انتهاك خطير لحقوق الإنسان؟ وهل عملت عقوبة الإعدام على التقليص من الجرائم الخطيرة ؟ الجواب هو لا ". وزادت بوعياش متسائلة :"وهل المشرع لا يعاكس المقتضى الدستوري، باعتبار أن الواجب الدستوري الملقى على عاتقه يتمثل في حماية الحق في الحياة من أي مس أو انتهاك أو خرق". وخلصت بوعياش إلى القول :"طريق الإلغاء، الذي انطلقنا فيه منذ سنوات يتطلب منا تجميع إمكانياتنا من جدي وتطوير عناصر رؤيتنا لمواجهة الافتراضات المغلوطة وتنويع أدواتنا وخاصة توسيع قاعدة المناهضين لعقوبة الإعدام فوجهتنا للإلغاء واضحة وليست بالبعيدة لأننا إذ ننتصر للحق في الحياة فلأننا مقتنعون بأن كل الصعوبات وحتى الجرائم الخطيرة يمكن أن تحل ويتم استدراك ما فات من معالجتها أو تجنب أسبابها أو الوقاية من تداعياتها إلا إلغاء الحياة. وهذا هو المغزى من إلغاء عقوبة الإعدام ". وفي إطار الاحتفال باليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام، وبالنظر إلى الأهمية التي يوليها المجلس الوطني لحقوق الإنسان للنقاش والتداول المجتمعي لترسيخ قيم الحياة وحقوق الإنسان، يحتضن مقر المجلس معرضا فنيا تتويجا للنسخة الرابعة لمسابقة الملصقات الدولية "أرسم الإلغاء"، المنظمة لفائدة الشباب من طرف الشبكة الدولية للتربية على إلغاءعقوبة الإعدام وجمعية "معا ضد عقوبة الإعدام"، والذي سيعرض في العديد من المؤسسات التعليمية والتربوية بجهات المملكة . كما ستنعقد أيام 14و16و 25و26و28 أكتوبر الجاري مجموعة من الورشات للتوعية والرسم بالرباط والدارالبيضاء، تروم إفساح المجال للشباب للتعبير عن مواقفهم وانطباعاتهم إزاء هذه العقوبة القاسية من خلال أعمال تشكيلية تعتمد التعبير بالرسم واللون والشكل . كما سيتم تنظيم حلقة نقاش ضمن مقهى فلسفي حول موضوع :" هل يمكننا النجاة من عقوبة الإعدام " بتأطير من جمعية " فن الحياة والعيش معا".