عجيب أمر هذا الرجل، فهو لا يكل ولا يمل... تجده في الوقفات والجلسات وحتى المسيرات الاحتجاجية. يتضامن مع الريف والغرب. يتضامن مع بوعشرين وبوخمسين، مع هاجر وسليمان والراضي وحتى غير الراضي بالانتماء لهذا البلد. يتضامن مع كل من رأى فيه فرصة لشيء ما. يتضامن مع مول الكاسكيطة ومول الحانوت ومول التلفزات. تجده أمام البرلمان وهو يرتدي معطفه العجيب، تجده أمام المحاكم وفي أسواق الخردة. تجده في الرباط والهرهورة وحتى بنسليمان. تجده في ندوات الأمنستي والجمعيات الحقوقية وجمعيات الرفق بالحيوان، وتجده أيضا في الندوات الرقمية عبر تقنية المباشر وبنفس المعطف. تجده في الإضرابات عن الطعام وإضرابات العزوف عن الزواج، وكل واحد كان مضربا عن شيء ما إلا وكان المعطي ثانيه وبجانبه. تجده في كل البيانات، وإن لم تكن صورته مرفقة بالبيان، تجد اسمه في موقع ما وبين أسطره، وإن لم يكن هناك أي بيان في قضية ما، تكفل هو شخصيا بتحرير واحد على مقاسه وبنفس الجمل والعبارات والكلمات، حتى أن بياناته أصبحت تتشابه والمتغير الوحيد بينها هو تاريخ التحرير واسم الشخص موضوع البيان. تجده في تكوين الصحافيين الكبار ممن يؤمن بمؤهلاتهم وقدراتهم الخارقة في صحافة تحقيق الأرباح أو ما يطلق عليه بالفرنسية "Journalisme d'investigation"، رغم أن هذا ليس تخصصه لكن تجده فيه. تلقاه عندما يتعلق الأمر بجمع أسماء المتضامين والتوقيع على عرائض، والجميل أن الكل في العريضة يكون في نفس التخصص، حتى لو كان ماسح أحذية، ومع كامل الاحترام لأصحاب هذه المهنة لأنهم فضلوا العمل، عوض انتظار الاستفادة من أموال الدعم والتحويلات الخارجية باسم حقوق الإنسان وحرية التعبير. تجده يجمع الصحافيين والنجارة والشناقة ويؤهلهم معنويا ليصبحوا صحافيين كبار من أجل الترافع عن حقوق الإنسان وحرية التعبير. هو الوحيد القادر على جمع 400 من أشباه الممثلين والممثلات والكومبارسات والدرابكية ويحثهم على توقيع عارضة أو طاولة ما وقول أنهم سئموا من الحكرة، وأنهم سيحاربون كل أشكال العنف والظلم، متأثرين ببعض مشاهد الفيلم "300"، لكن النسخة المغربية لا توجد فيها أجسام مفتولة، ولا أسماء مشهورة سيذكرها التاريخ، للأسف. كما تجده في عمليات الحريك وطلبات اللجوء السياسي والاستقرار... وتجده أيضا سندا يعول عليه إن أردت أن تنشر مقالا في أكبر الجرائد الدولية وإن لم تكن صحافيا... تجده في كل مكان...لكن بالتأكيد لن تجده في مدرجات الجامعة من أجل التدريس، رغم أنه يتقاضى أجرا عن ذلك ! إبحث عن الخلل إذن، وإذا لم تجده، فاعتبر الأمر فقط علامة من علامات الرجل الأخطبوطي المسمى المعطي وكفى...