أثار بلاغ وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي الكثير من التساؤلات وسط أسر التلاميذ والتلميذات وطرح غموضا حول الصيغة التربوية المعتمدة في بداية الموسم الدراسي المقبل ، خاصة حينما تحدث بلاغ وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني عن تعليم حضوري بالنسبة للراغبين من اولياء الامور ، مع قرار اعتماد التعليم عن بعد. ومما زاد في دائرة الالتباس أن البلاغ يشير الى وضع آلية تمكن الأسر الراغبة في التعليم الحضوري من التعبير عن هذا الاختيار،وهو ما اعتبره الكثير من الفاعلين التربويين بكونه قرار يرفع من الضبابية التي تميز طريقة الدخول المدرسي، ويثير أسئلة حول كيفية تدبير هذه الصيغة في حالة رغبة عدد كبير من الأسر والتلاميذ والتلميذات في التعليم الحضوري بعدما ضاقوا درعا من الدراسة عن بعد والمكوث في المنازل . عبد الرزاق بن شريج الخبير التربوي قال بأن البلاغ غامض وغير واضح ، يستلزم من الوزارة تقديم توضيحات أكثر. مضيفا ان الوزارة أعلنت تأجيل الامتحان الجهوي تخوفا من اثار الجائحة، فيما اعتمدت صيغة التعليم الحضوري إذا رغب فيه الآباء، بمعنى أن الدولة تتملص من مسؤولية حماية مواطنيها وتحمل الآباء مسؤولية التعليم الحضوري. وهو ما اعتبره عملية غير مقبولة، خاصة وأن المغرب لا يتوفر على صيغ تربوية أخرى ، تتيح للآباء دائرة أوسع للاختيار . مبرزا أن البلاغ اكتفى بتأجيل الامتحان الجهوي دون الحديث عن 25 في المائة التي لم تدرس في السنة الماضية . وفي نفس السياق، أكد الخبير التربوي أن المغرب "أمام جائحة تمنع اعتماد التعليم الحضوري، ومسألة التناوب بين التعليم الحضوري والدراسة عن بعد يمكن تطبيقه في أكثر من 60في المائة من المؤسسات لكنه يبقى صعب التحقيق في المؤسسات التي تتوفر على عدد قليل من الحجرات وتعاني من الاكتظاظ" . محملا "الدولة المغربية مسؤولية انهيار المنظومة التربوية بعدم وضعها استراتيجية توقعية قبل اللائحة، وعدم اشتغال وزارة التربية الوطنية خلال الجائحة على وضع تصور واقعي متكامل بما في ذلك البرامج والمناهج والنصوص القانونية الناظمة للتعليم عن بعد ". وبخصوص الزام الوزارة ارتداء الكمامة بالنسبة لتلاميذ وتلميذات المستوى الخامس ابتدائي، دون الرابع والثالث والأول ، والطفولة المبكرة، أشار بن شريج الى أن هذا الأمر غير واضح ويزيد من الالتباس . مشددا على أن التعليم عن بعد هو الحل في ظل الظرفية الوبائية المتفاقمة، رغم كونه غير ناجع، ولا يناسب مضمون الدروس ولا عدد الساعات والمنهاج، وأن الوزارة الوصية لم تكلف نفسها عناء أن يتناسب المضمون والمنهاج مع الدراسة عن بعد . فيما اعتبرت مصادر تربوية أن الوزارة تسعى من خلال تعديل الصيغة التربوية الى تجنب انهيار التعليم الخاص الذي يشغل عددا مهما من الأطر التربوية والإدارية والمستخدمين والأعوان ، وتفادي هجرة التلاميذ من التعليم الخاص الى المدرسة العمومية التي لا يمكنها في الظرف الحالي استعابها لتلاميذ القطاع الخاص . وتضيف نفس المصادر ان الهدف من هذه الصيغة المرتبكة والغامضة هو حل مشكل القطاع الخاص والبعثات الأجنبية، التي إذا ما منعت من التعليم الحضوري ، سيتكرر سيناريو السنة الماضية، التي رفض خلالها الآباء أداء مستحقات التمدرس . خاصة وأن مؤسسات التعليم الخصوصي للحفاظ على تلامذتها سوف تلجأ الى التعليم الحضوري، وأن العديد منها يتوفر على الإمكانيات واللوجستيك لتحقيق هذه الغاية سواء من حيث عدد التلاميذ الذي يظل منخفضا بالمقارنة مع التعليم العمومي، او على مستوى التباعد والتدابير الاحترازية. مؤكدة أن الأسر التي ستختار التعليم الحضوري عليها أن تجري اختبار الكشف عن كورونا وتوقع التزام بتحمل المسؤولية واحترام التدابير الاحترازية . ومباشرة بعد بلاغ وزارة التربية الوطنية انتشر وبشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي الفايسبوك هاشتاك الوزارة تبتكر صيغة التعليم عن # قربعد ، عبر من خلاله رواد التواصل الاجتماعي وبشكل سخري وتهكمي عن رفضهم البلاغ الذي وصفوه ب"بلاغ دبرو ريوسكم ". فيما اعلن بعض رواد الفضاء الأزرق استحالة تمكن الأستاذ من التوفيق بين التعليم عن بعد والتعليم الحضوري مادام الحضوري اختياريا حسب رغبة الآباء، داعين الى تأجيل الدخول المدرسي الذي كان مطلب العديد من الأسر، خوفا على أبنائهم من عدوى انتشار فيروس كورونا كوفيد 19 بسبب تطور الوضعية الوبائية الحرجة التي تتميز بتسجيل عدد كبير من الإصابات الى جانب ارتفاع نسبة الفتك . وكان استطلاع للرأي أنجزه "اتحاد آباء وأولياء التلاميذ بمؤسسات التعليم الخاص بالمغرب" قد كشف أن 76.84 في المائة من آباء وأولياء تلاميذ مؤسسات التعليم الخاص بالمغرب يرغبون في تأجيل الدخول المدرسي إلى غاية 4 يناير 2021، فيما عبر 13.45 في المائة من الآباء المشاركين في التصويت عن تأييدهم للدخول المدرسي في شتنبر المقبل مع اعتماد التعليم الحضوري. في المقابل، أكد 7.59 في المائة من الآباء المشاركين في التصويت، أنهم مع الدخول المدرسي في شتنبر مع اعتماد تعليم بالتناوب بين ماهو حضوري ودراسة عن بعد . وشمل استطلاع الرأي، 7448 من اباء وأولياء تلاميذ التعليم الخاص من أجل إبداء رأيهم في الصيغة التربوية للدخول المدرسي 2020/2021، اذ عبر 1.40 في المائة منهم "104"، عن كونهم يحبذون سنة بيضاء، و0.71 في المائة "104"، يختارون تأجيل الدخول المدرسي إلى غاية أكتوبر 2020. وفي انتظار أن تعلن الوزارة على تفاصيل العمليات المتعلقة بتدبير الموسم الدراسي 2020-2021 يبقى الغموض والالتباس مخيما على أذهان الفاعلين في الحقل التربوي والأسر على حد سواء .