خرجت صباح أمس جرافات السلطات المحلية بإنزكان لتسوي حيا عشوائيا بكامله، بضع ساعات كانت كافية لتحويل حي بوجديك إلى ركام من التراب المتناثر. واللافت للانتباه أن لا شيئ يعلو على صوت الجرافات وأزيز محركاتها، لا احتجاج ولا اعتراض على تدخل القوات العمومية ولا صراخ ولا حالة إغماء، لأن المسؤولين اختاروا الحلول قبل أن تقرر الجرافات الدخول. وكان هذا الحي طفى كالفطر بمباركة الطبقة السياسية لإنزكان التي اتخذته ورقة انتخابية رابحة، وأدت المدينة ومعها السكان الثمن غاليا. فقد توصلت السلطات الإقليمية بعد عشر سنوات من العيش وسط المذلة والمهانة إلى حل جذري تحت إشراف مباشر لعامل إقليم إنزكان أيت ملول حيث تم التوصل إلى صيغة تفاوضية تعويضية تمت بين السلطات الإقليمية ومختلف المسؤولين مع الساكنة. فبعد أزيد من سنة من التفاوض تم التوافق على هدم هذه الأبنية العشوائية التي نبتت في عز ما سمي ب" الربيع العربي" مقابل استفادتهم من مشروع اجتماعي بمنطقة تالعينت بالقليعة، مشروع سيضمن لأزيد من أربعمائة ساكنة الاستقرار والعيش في مكان نقي منظم يضمن الكرامة الانسانية. وقد لقيت عملية الهدم استحسان ساكنة إنزكان لأنها تمت بأسلوب حضاري بني على التوافق والإقناع عوض استعراض القوة العمومية وإخراج الاسر بالقوة من المساكين. وكان القاطنون بهذا المكان قضوا عشر سنوات في مكان تنعدم فيه كل شروط الإنسانية بدون ماء ولا كهرباء، وبدون وثائق هوية بعدما اقتنوا هذه البقع من اللوبي الذي استغل الوضع الأمني العالمي وعمد إلى بنائها تحت جنح الظلام مستغلين تهافت الطبقة السياسية المحلية على حصد الأصوات ومراكمة الثروات وانشغال السلطات بالوضع الأمني. فعانى السكان الأمرين من هذا الاختيار الخاطئ ونظموا خلال مدة إقامتهم المهينة احتجاجات يطالبون فيها بإدخال الماء والكهرباء وتمكينهم من وثائق هويتهم. وبتهديم حي بوجديك تكون السلطات الإقليمية أزاجت حزاما أسود يحيط بإنزكان من الجهة البحرية يتكون من 406 محل سكني.