مع وجوه الخير، ووجوه التفاؤل ووجوه الرغبة في المقاومة الذين امتلأ بهم البلد هاته الأيام، والعالم يواجه وباء كورونا، اكتشفنا وجود قلة قليلة من محترفي الكآبة الذين كنا نعرف قبل هذا الوقت بكثير إنهم لا يحلمون لنا إلا بالجنازة التي سيشبعون فيها لطما، وهانحن نتأكد من الأمر مجددا... أولئك الذين لا يرون حالات الشفاء بل يعدون لنا أرقام الموتى ويتمنون المزيد لا قدر الله أولئك الذين يجدون الوقت الكافي في أيام المحنة هاته لكي يلوموا الجميع ولكي ينسوا أنفسهم من عملية اللوم هاته أولئك الذين يريدون تحويل أنظارنا عن المعركة الأهم، المعركة من أجل الحياة، ويقترحون علينا يوميا من قلب احترافهم للكآبة معارك هامشية تهمهم لوحدهم لكي يسمعونا صوتهم بعد أن تأكدوا أن المغربيات والمغاربة قد أشاحوا عنهم النظر أولئك الذين يستلون لنا من العدم أقوالا سابقة لهم على سبيل النبوءة السوداوية ويقولون لنا « ياك قلناها ليكم » لكأنهم لا ينتمون لهذا البلد أو لكأنهم نزلوا من الفضاء أو لكأنهم يتمنون لنا جميعا أسوأ المآل ولامصير أولئك الذين يغتاظون حين يسمعون كلمة طيبة تقال عن المغرب في قناة أجنبية، والذين يغضبون حين يقول لهم البعيد قبل القريب إن بلدكم يسير أموره بطريقة حكيمة تستحق الاحترام والتقدير أولئك الذين كانوا يقدمون لنا أنفسهم في الوقت السابق باعتبارهم من سينقذوننا قبل أن نكتشف في أيام المحنة هاته أنهم غير قادرين حتى على إنقاذ أنفسهم باختصار أولئك الذين يمثلون الضد والنقيض والعكس للروح المغربية الأصيلة، لتمغربيت التي تملأ المكان، والتي تنبع من التربة، ومن الارتباط الأول والأصلي بالتربة لدى « ولاد البلاد ». ولاد البلاد ليسوا بالضرورة المستفيدين منها، وليسوا بالضرورة أغنياء الأزمة، وليسوا بالضرورة نافذين ولا منتفعين ولا أي شيء من هذا الهراء الذي يقوله الكئيبون دوما وأبدا. ولاد البلاد قد يكونون فقراء ومهمشين وعاطلين وغير مستفيدين من شيء لكنهم يظلون على الأمل الكبير والحلم الأكبر أن وطنهم سيتحسن بهم هم لوجه وطنهم، وأن أي سوء يصيبه يصيبهم هم أولا، وأن أي خير يمسه يفرحون به وإن لم ير القاصرون والكئيبون فيه الاستفادة اللحظية المباشرة منذ قديم القديم نقولها: هذا البلد سيعبر إلى الأمان في كل الميادين بالصادقين من محبيه وأبنائه الأصليين، لا بمن يغيرون كتف البندقية في اليوم الواحد آلاف المرات والذين يكون المغرب جميلا حين يستفيدون ويصبح قبيحا حين لا ينالهم من الفتات شيء ... اللقطاء هؤلاء، وهم قلة قليلة، وهذه هي تسميتهم، لن يقدموا لنا إلا النبوءات الكاذبة وعلامات عدم قدرتهم على رؤيتنا أحياء مغاربة مواصلين بالأمس، واليوم وغدا بكل تأكيد وإلى آخر كل الأيام