عندما اختار المجلس البريطاني للتدريب و الإستشاراتBritish Board For Training and Consulting ، الكائن مقره الرئيسي بعاصمة المملكة البريطانية: لندن، السيدة محفوظة العالم ليمنحها أول دكتوراه فخرية في سنة 2020 ، تتويجا لمسارها الكفاحي و المهني كرائدة من رائدات تسيير و تدبير الأعمال، تساءلت مع نفسي، من تكون هذه المرأة الآتية من تخوم الصحراء المغربية، التي أثارت إعجاب مؤسسة من المؤسسات البريطانية المشهود لها بالجدية و المصداقية في عالم التدبير و الإستشارات الدولية. لكن، عندما قمت بزيارة لمقر سكناها بإحدى أجمل الفيلات في أرقى أحياء عاصمة المملكة المغربية، (بمناسبة أول اجتماع للمنتدى الدولي للإعلام و التنمية الذي يعتبر ابنها البكر الحسن الدويهي أحد أعضاء مكتبه التنفيذي)، تراجع منسوب تساءلاتي، خاصة عندما وجدت امرأة جمعت بين حفاوة الاستقبال و كرم الضيافة. امرأة تربط، بعفوية المرأة الصحراوية الأصيلة، بين الابتسامة الصادقة و مرح الروح الأبدية. طيلة حياتي المهنية في عالم الإعلام و الاتصال و الصحافة التي تجاوزت العقدين و نصف من الزمن الدنيوي؛ زرت منازل و جالست نساء كثيرات. لكن لم يسبق لي أن جالست سيدة من سيدات مجتمع من مجتمعات الجنوب الصحراوي المغربي، الذي يتميز بطقوس و عادات خاصة تمتاز بالبساطة رغم الغنى و بالتواضع رغم الجاه، و بالكرم الذي تجاوز مداه. السيدة محفوظة العالم، التي ازدادت سنة 1976 بمدينة الداخلة، أي مباشرة بعد المسيرة الخضراء التي أبدعها و دعا إليها أحد أقوى و أذكى ملوك القارة الإفريقية، الراحل الحسن الثاني رحمه الله. محفوظة العالم، المبتسمة دوما و الصارمة أحيانا، تنحدر من أهم و و أقوى القبائل الصحراوية المغربية الأصيلة، قبيلة أولاد دليم ( إحدى القبائل الصحراوية العريقة و الشريفة الممتدة عبر الزمن و عبر التاريخ)، فضلا عن أنها ابنة أحد شيوخ القبيلة و وجهاءها، السيد " سيد المصطفى العالم"، الرجل الحكيم، العالم، الفقيه و الحامل لكتاب الله و سنة نبيه المصطفى. " كان أبي، تقول محفوظة، رغم مهامه الكثيرة و انشغالاته المتعددة بالقبيلة، حاضرا بقوة بيننا، منصتا، مساعدا و موجها. فهو رجل حوار و رجل توازن، و خاصة مع بناته باعتبار أن الفتاة و المرأة الصحراوية بصفة عامة لها مكانة متميزة، سواء داخل الأسرة الصغيرة أو في المجتمع الصحراوي الأصيل". إذا كانت محفوظة العالم، سليلة الحسب الرفيع و النسب الشريف، إبنة أحد شيوخ و أعيان قبيلة اولاد ادليم، فإن زوجها الراحل محمد رشيد الدويهي رحمه الله، من المخلصين للبلد ، بل يعتبر من الرموز الوحدويين الأوائل، شغل منصب عامل إقليم بوجدور( جنوب المملكة المغربية) لمدة تسع سنوات، كما شغل منصب والي بالإدارة المركزية لوزارة الداخلية بعاصمة الحكم المغربي، و يكفي ما قاله عنه جلالة الملك محمد السادس في برقية تعزية إلى أهله، واصفا إياه ب: " الوطني الغيور، وأحد خدام العرش الأوفياء، المشهود لهم بالسجايا الحميدة، والولاء المكين للعرش العلوي المجيد، والتشبث الراسخ بثوابت الأمة ومقدساتها، و أحد رجالات المغرب البررة، المشهود لهم بالإخلاص والتفاني، ونكران الذات في النهوض بمختلف المسؤوليات والمناصب السامية التي تقلدها". هذه هي محفوظة العالم، سيدة بين السادة، أب حنون و زوج مسؤول، و لا يمكن لمن تربى في هذه البيئة المباركة، إلا أن يكون مباركا في الأرض و السماء. هذه هي سيدة الصحراء المغربية التي ازدادت، درست و ترعرعت في أجمل مدينة بجنوب الصحراء المغربية: الداخلة. و بما أنها تحب التدبير و تتميز في التسيير و تطمح للريادة، فقد تعلمت الشابة محفوظة العالم أبجديات تدبير المقاولات و إدارة الأعمال و التجارة على يد أمها الفاضلة مريم بن موسى، التي تعتبر أول امرأة صحراوية نافست الرجال في مجال المال و الأعمال و خاصة في قطاع الصيد البحري، الذي يعتبر من أهم القطاعات الاقتصادية بالمملكة المغربية. أصبحت السيدة الفاضلة محفوظة العالم، امرأة أعمال بامتياز و راكمت تجارب كثيرة و متنوعة في ميدان التجارة و الاقتصاد. تجارب تسمح لها بالمشاركة في اللقاءات الوطنية و المؤتمرات الدولية التي تستضيف القياديات و الرائدات في مجال المال و الأعمال. و هكذا شاركت السيدة العالم، ابنة السيد سيد المصطفى العالم والسيدة مريم بن موسى، في المؤتمر الدولي الأول للقيادات النسائية العربية و الإفريقية الذي احتضنته المدينة الحمراء: مراكش ما بين السادس و الثامن من الشهر الجاري. و كما يقول المثل المغربي العامي " فاش تيجي الخير، تيجي فمرة"، ففضلا عن الإنتماء إلى أقوى القبائل الصحراوية المغربية و الانتماء إلى أسرة من الأعيان في مجال المال و الأعمال و الإدارة الترابية، السيدة محفوظة العالم، حصلت مؤخرا على شهادة الدكتوراه الفخرية من المجلس البريطاني للتدريب و الإستشارات بالعاصمة البريطانية: لندن، تتويجا لمسارها المهني، و اعترافا دوليا بمجهودات كبيرة لرائدة من رائدات الأعمال و التجارة. يمكن أن نسجل في ختام هذه الصورة القلمية، أن السيدة محفوظة تعتبر من السيدات الصحراويات المجتهدات في الحياة و في العمل، لذلك يمكن أن نعترف بدون كبير عناء، أن محفوظة اجتمع فيها ما تفرق في غيرها.