قادني حظي العاثر للاستماع إلى إذاعة "إر إفي" يوم الثلاثاء الماضي ، لكي أجدني ملزما بالإنصات إلى أبو بكر الجامعي الأستاذ حاليا بجامعة إيكس أو بروفانس والصحافي سابقا في المغرب وهو يتحدث عن قضية هاجر الريسوني منذ البدء قلت في كل المقابلات التلفزيونية أو الإذاعية التي أجريتها عن هذا الموضوع إن هاجر عانت من الحظ العاثر في هاته القضية من البدء حتى المتم حظها العاثر هو الذي جعلها تلك الصبيحة تسقط خلال ترصد تلك العيادة التي تمارس الإجهاض السري والممنوع إلى حدود كتابة هاته الأسطر في المغرب بقوة القانون . حظها العاثر جعلها تعيش أزمة شخصية في حكاية وفاة والدها رحمه الله مما لاداعي للخوض فيه أو الحديث عنه طالما أنه موضوع شخصي يعنيها ويعني عائلتها لوحدها... حظها العاثر جعل رجلا مثل إبن كيران، كان بإمكانه تغيير القانون الظالم الذي حوكمت بموجبه يوم كان رئيس الحكومة، يكتفي بتبشيرها بأنه سيحضر عرسها إذا ما أقيم هذا العرس الحزين... حظها العاثر قادها إلى أن تحمل كنية تحكم عليها قبل أن يعرفها الإنسان، علما أن من عرفوا هاجر، سواء في العمل أو في الحياة العامة أو من خلال العلاقات الشخصية يعرفون علم اليقين ألا شيء يجمعها لا إنسانيا ولا أخلاقيا ولا فكريا مع آخرين ممن يحملون نفس الكنية... حظها العاثر جعلها تظهر في لحظة خاصة ضمن جريدة خاصة تعيش أوقاتا خاصة من نوعها جعلت هاته الجريدة تخلط في خطها التحريري بين ممارسة الصحافة وممارسة المعارضة وممارسة الابتزاز وممارسة مالارابط بينه إطلاقا ... ثم ولكي تكمل دورة الحظ العاثر هاته دورتها، حظ هاجر العاثر قادها إلى أن يدافع عنها منذ لحظة اعتقالها أناس لايتمنون البراءة لمن يدافعون عنه. هم بالعكس من ذلك يتمنون الإدانة ويحلمون بها ويجدون فيها لذتهم القصوى ويكادون يغضبون إذا ما أطلق سراح من يدعون الدفاع عنه لأنهم يتصورون أنهم لن يجدوا شيئا يقولونه بعدها لذلك حرص هؤلاء في إطار دورة الحظ العاثر على أن « يغرقوا الشقف » لهاجر منذ البدء. جعلوا من قضيتها، وهي قضية جنائية قانونية متكررة تقع ضحيتها نساء مغربيات عديدات يوميا، قضية سياسية مختلقة لكي يضمنوا عدم خروجها من السجن.. لذلك قالوا إن هاجر تؤدي ثمن حوارها مع والدي الزفزافي (!!)، وقالوا إنها تدفع ثمن كونها قلما حرا خطيرا في البلد، وقالوا إنها تدفع ثمن تحقيقاتها الجريئة التي هزت أركان كل شيء في المغرب، وقالوا إنها تؤدي ثمن تمسكها باستقلالية السياسة التحريرية للجريدة التي تتشغل فيها، وقالوا كلاما « عبيطا » كثيرا من هذا النوع لا يصدقه من يتابع المشهد الصحافي المغربي ومن يعرف المشهد الصحافي المغربي، ومن يعلم بمن يتحركون في هذا المشهد الصحافي المغربي. ولأن الحظ عندما يكون عاثرا لا يتوقف عن إبهارك بمقالبه، فإنه كان من الضروري أن يدخل رجل مثل أبو بكر الجامعي على الخط في مداخلته العجيبة على راديو فرانس أنترناسيونال لكي يخبرنا أن المغرب تأخر كثيرا في مجال الدفاع عن المرأة، وأن العدالة في المغرب لايمكنها أن تعارض الشرطة، وأن الخبرة الطبية غير مقبولة إطلاقا وإن أمرت بها النيابة العامة، وأن السيدة لم تخضع لإجهاض ولا لأي شيء، وأن الإجهاض الممنوع في فرنسا التي يدرس فيها أبو بكر هو أمر مسموح به في المغرب، وأن السيدة لم تقم بأي شيء إطلاقا لا هي ولا من اعتقلوا رفقتها بل هي تدفع ثمن كل الأشياء والسلام.. هذا الكلام الكبير والفارغ في الوقت ذاته الذي يقوله أناس خرجوا من المغرب أو هربوا منه لدواعي شتى، هو واحد من أوجه هذا الحظ العاثر الذي لايريد الارتفاع عن المسكينة هاجر، والذي كلفها هاته السنة الضائعة من العمر، وهي سنة غالية جدا بالنسبة لمن يقدر العمر حقا، وليس بالنسبة لمن يكتفي بالتدوين عبر الفيسبوك في أمور لا تمسه لا من قريب ولا من بعيد... حظ هاجر العاثر جعلها تسقط بين مجموعة من « غرارين عيشة » الذين لا يهمهم إلا أن يجدوا كل صباح أو كل مساء مايخطونه على مواقع التواصل الاجتماعي... لاتعنيهم نكبة شابة في مقتبل العمر في سنة من عمرها، ولا يعنيهم تغيير القانون الجائر والظالم الذي حكم عليها بالسجن لأنهم يختارون المعارك الأقل كلفة أو لنقل المعارك الأكثر جلبا للايكات، ولأنهم يعرفون طبيعة المجتمع الذي سينتفض في وجهك وسيصفك بالديوثي وعديم الغيرة والذي يجب قتله إذا ماقلت بكل هدوء الكون بأن هاته القوانين الظالمة يجب أن تتغير لأنه لايمكن في سنة 2019 أن تلقي القبض على شاب وشابة أحبا بعضيهما ومارسا الحب أو الجنس خارج مؤسسة الزواج، وقررا في لحظة من اللحظات أن يتخلصا من الحمل لأنهما لا يرغبان فيه القانون في المغرب اليوم يجرم هذا الأمر، لكن من قال إننا لسنا قادرين على تغيير القوانين؟ قالها الذين يرغبون لنا أن نبقى حبيسي الخوف من الحرية، أما نحن فقلنا منذ بدء البدء، وقبل أن يولد الحظ العاثر الذي يكبل هاجر اليوم إن الوقت قد حان لتغيير كثير من الأشياء الظالمة في هذا البلد لأن الظلم غير مقبول من رب العباد وهو ظلمات يوم القيامة... هاجر مظلومة الحظ العاثر الذي عددنا كل أوجهه والأمل اليوم، بل الرجاء، بل الحلم هو أن يكون ماوقع لها فرصة حقيقية لكل من يحب المغرب حقا لا لمن يدعي حبه عبر قنوات التلفزيون الأجنبية لكي نغير بعضا من حظنا العاثر من خلال تغيير هاته القوانين العاثرة فعلا .. ترانا نستطيع هاته الجرأة الحقيقية؟ أم ترانا نستطيع فقط الندب عبر الفيسبوك لأنه لا يكلف أي شيء؟ لننتظر وسنعرف الجواب بعد قليل أو بعد كثير من الوقت والزمان...