تواجه قوات الدرك والأمن والبحرية الملكية في المناطق الجنوبية موجة تهريب مطردة للمخدرات، وإصرار إحدى المافيات على تحويل المنطقة الجنوبية إلى بوابة مفتوحة في الاتجاهين لنقل أطنان من المخدرات، وفتح الطريق لمافيا دولية تنشط على طول الحدود المغربية الموريتانية، قبل أن تتولى عناصر تابعة للبوليساريو تذويب مسارات هذه السموم. ومكنت عمليتان متفرقتان قامت بهما عناصر الدرك والبحرية الملكية من إيقاف عناصر خطيرة بمنطقة عين بيضة جنوب مدينة الداخلة، نهاية الأسبوع الماضي، وبدا من المحجوزات وطريقة تعامل المهربين مع رجال الدرك الملكي أن الأمر يتعلق بمافيا خطيرة. خلال العملية الأولى تم إيقاف سيارة رباعية الدفع من نوع نيسان أرقامها مزورة وكان على متنها شخصان يحملان حوالي طن ونصف من مادة الشيرا، بالإضافة إلى بندقية من نوع «كلاشينكوف» وشاحنين للرصاص إحداهما فارغ والثاني به 15 خرطوشة. العملية الثانية، والتي كانت في العاشر من رمضان الحالي، تمكنت فيها البحرية الملكية من حجز ثلاثة أطنان و100 كيلوغرام من مخدر الشيرا، كانت معبأة داخل براميل بلاستيكية على متن زورق للصيد، كما تم حجز 600 لتر من البنزين، ومحركين من فئة 40 حصانا و60 حصانا بسواحل مدينة الداخلة. الزورق كان متجها نوح المياه الموريتانية مرورا بسواحل مدينة الداخلة، التي تمتد لحوالي 410 كلم، وهي محاولة جريئة لاختراق المراقبة داخل السواحل، ما يطرح تساؤلات عن هذا التنشيط القوي والمفاجئ لتهريب الخدرات في هذه المرحلة، وعن الوجهة التي تستقطب وتحرك هذا النشاط الإجرامي. العمليتان كشفتا عن تحركات لافتة لهذه «المافيا» النشطة اليوم في الجنوب من المملكة، والتي وصفتها مصادر متابعة بالمتعددة الجنسيات، إذ تضم مغاربة وموريتانيين وصحراويين، وأصبحت تتخذ من السواحل الجنوبية ممرا لها في اتجاه السواحل الموريتانية، وخصوصا السواحل التي تقع شمال منطقة «لكويرة» من أجل تفريغ حمولته، وتمريرها عبر المنطقة العازلة «قندهار» مرورا بشمال «سكة» القطار التابع لشركة الحديد الموريتانية، وذلك لتفادي حواجز المرور بالأراضي الموريتانية. وجهة المخدرات تطرح علامات استفهام بعد دخولها لقلب الصحراء، حيث تذوب مساراتها، وتبقى العناصر التابعة للبوليساريو المتحكمة في مصيرها. وقد فتحت الصحف الموريتانية قبل مدة ملف التهريب في اتجاه مخيمات تندوف، وتورط عناصر قيادية من البوليساريو فيه. نقل المخدرات لا يقتصر على الحشيش، بل تحولت هذه السواحل لقبلة مافيا دولية للمخدرات الصلبة، والتي تحاول منذ مدة اختراق المناطق الجنوبية، بعد تضييق الخناق عليها في المطارات والأقاليم الشمالية، وتحولت الصحراء الشاسعة لحاضنة أنشطة تهريب تحدثت عنها مراكز دراسات وأبحاث دولية، وترتبط بالأنشطة الإجرامية بالساحل والصحراء. السلطات الجزائرية، التي ظلت تهاجم المغرب وتتهم الحدود الشرقية له، أوقفت كميات من المخدرات بمناطق داخل الجزائر وبعضها قريب من تندوف والحدود الليبية والتونسية، وهو ما يفتح أسئلة حول المسارات الجديدة لتهريب هذه المخدرات. المتابعون لعائدات هذه الكميات المهمة من المخدرات يتحدثون عن ملايير المداخيل التي تسيل لعاب المتواطئين، وتبدو مخيمات تندوف الوجهة المحتملة لكميات مخدرات تدخل الأراضي الموريتانية، قبل أن تختفي في دهاليز الصحراء. طبيعة المعدات المستعملة من قبل المهربين، ومنها وسائل تواصل تحملها عناصر قادمة من المخيمات، منها هاتف «الحراك»، وهو جهاز مجهول الهوية ويستخدم من طرف الذين يساعدون ويساهمون في تبديد الصعاب أمام المهربين ما بين 24 إلى 48 ساعة ويقومون بإتلافه بعد كل عملية، تنضاف إليه نوعية الأسلحة والسيارات المحجوزة، والتي تقود لوجود جهات نافذة في قيادة البوليساريو، تساهم في تنشيط عمليات تهريب المخدرات لجني أرباح طائلة تفسر احتجاجات المخيمات على إثراء مسؤولين.