برعاية الأميرة للا حسناء رئيسة الجمعية المغربية للأركيولوجيا والتراث، ,الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة، وبمشاركة 16 دولة عربية وعدد من الخبراء الدوليين، بدأت في مدينة الصويرة العتيقة أعمال"الملتقى الدولي حول المدن والتراث في الدول العربية". الملتقى ينظمه المركز الإقليمي لحفظ التراث الثقافي في الوطن العربي إيكروم - الشارقة، والجمعية المغربية للأركيولوجيا والتراث، بالشراكة مع وزارة الثقافة والاتصال، وبمساهمة كل من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وأكاديمية المملكة المغربية، والمعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، والمجلسين الإقليمي والبلدي للصويرة، وجمعية الصويرة موكادور، والمديريتين الجهوية والإقليمية للثقافة. يتضمن هذا الملتقى، الذي سوف يستمر لمدة ثلاثة أيام (خلال الفترة من 26 نوفمبر وحتى 28 نوفمبر 2018) عدد من المحاضرات وجلسات النقاش الجماعية بهدف تحديد العوامل الفاعلة والمؤثرة التي تؤدي لحفظ التراث العمراني في المدن العربية وإبرازه، وتشجيع التنوع الاجتماعي بهدف تشارك التجارب والخبرات، وتبادل مقترحات حلولٍ للتحديات المشتركة، وعرض حالاتٍ دراسيةٍ من المنطقة العربية ترمي إلى الحفاظ على جودة الحياة في الأحياء والمدن التاريخية، باعتبارهما الطريق الأنسب للنهوض بهذا الموروث الثقافي وتحقيق التنمية المستدامة. وتضمن حفل الافتتاح الرسمي لهذا الملتقى مجموعة من الكلمات الافتتاحية التي ألقاها السادة ممثلي الجهات الراعية والمنظمة للملتقى. إذ تحدث أندري أزولاي، مستشار صاحب الجلالة ملك المغرب، والرئيس المؤسس لجمعية الصويرة موكادور في كلمته الافتتاحية عن اهمية هذا الملتقى وتوجه بالشكر إلى جميع الجهات المنظمة والمشاركة في فعالياته، مؤكداً على عراقة وأهمية المدينة المضيفة التي تبرز أهمية التراث وعلاقته بالمدينة وتاريخها العريق. وأضاف أندري أزولاي "نحن فخورون جداً أن التراث الثقافي في الصويرة صاغته مجموعة من الحضارات التي مرت على هذا البلد على مدى قرون، وقوتنا تكمن في جوهر تنوعنا". من جانبه أشار محمد الأعرج، وزير الثقافة والاتصال، إلى أهمية التراث الملموس في المغرب، مؤكداً على أهمية التراث الثقافي في المنطقة. واضاف محمد الأعرج: " إن اختيار الصويرة القديمة ذات القيمة الانسانية الاستثنائية لاستضافة هذا الملتقى يعكس أهمية هذه المدينة التي تعود إلى الاف السنين". أما وبر ندورو، المدير العام للمركز الدولي لدراسة صون وترميم الممتلكات الثقافية (إيكروم) فأكد على اهتمام المنظمة بالمنطقة العربية، وأضاف: "تشغل المنطقة العربية بالنسبة لنا درجة كبيرة من الأهمية، حيث تمثل الدول العربية 20% من مجموع الدول الأعضاء في المركز الدولي لدراسة صون وترميم الممتلكات الثقافية، إيكروم". وتأكيداً على ذلك ختم وبر ندورو كلمته قائلاً: "ايكروم – الشارقة، هو المركز الاقليمي الوحيد لايكروم في العالم، وهو مركز على درجة كبيرة من الأهمية، ليس فقط بالنسبة للدول العربية بل للعالم كله، إذ يمثل حالة ريادية تشجع على التكرار". من جهته تحدث زكي أصلان ، مدير مركز ايكروم – الشارقة، عن أهمية التعاون وتبادل المعلومات والخبرات بين الدول العربية. وأضاف قي كلمته الافتتاحية: "يناقش هذا المنتدى مواضيع مهمة تهدف إلى وضع خطة عمل جماعية تؤدي إلى تطوير استراتيجية متكاملة للتنمية المستدامة في الدول العربية تتجاوب مع أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة حتى عام 2030. كما تلقى أصلان درعاً فخرياً من الجمعية المغربية للآثار والتراث (SMAP) تقديراً لجهوده الكبيرة لدعم وتعزيز التراث الثقافي في العالم العربي. من جهته شكر عبد الواحد بن نصر، الكاتب العام للجمعية المغربية للأركيولوجيا والتراث، ممثلاً للجنة المنظمة، جميع المنظمين والرعاة والمشاركين في هذا الحدث العلمي الهام، داعياً إلى بذل جهود جماعية لمواجهة التحديات التي تواجه التراث الثقافي في العالم العربي، وختم قائلاً: "على بركة الله تنطلق فعاليات هذا الملتقى العلمي الدولي". وتضمن حفل الافتتاح ايضاً كلمات ترحيبية لكل من السيد علال الجرارعي، رئيس المجلس الإقليمي للصويرة والسيد هشام جباري، رئيس المجلس البلدي لمدينة الصويرة.
محاضرات حول الحفاظ على التراث العمراني بعد الجلسة الافتتاحية انطلقت أعمال الملتقى ضمن جلستين رئيستين شملت الأولى مجموعة من المحاضرات التمهيدية التي ركزت على التراث والمشاركة المجتمعية، وبدأها زكي أصلان، مدير مركز ايكروم - الشارقة، بالحديث عن تطور مقاربات الحفاظ على التراث العمراني. وتبعها بعد ذلك محاضرة لفؤاد ملكاوي حول أنشطة البنك الدولي في تحقيق التوازن بين التنمية والحفاظ على المدن التاريخية؛ ومحاضرة حول المناظر الحضرية التاريخية لكريستينا ايمندي؛ ومن ثم تحدثت فايقة بيجاوي حول المشاركة المجتمعية في الحفاظ على التراث العمراني؛ واختتمت الجلسة بمحاضرة عن الثقافة كمحفز على الاستدامة العمرانية لحسن رضوان. أما الجلسة الثانية فركزت على حالات دراسية من شمال أفريقيا، وبشكل خاص من المغرب، وتضمنت مجموعة من المحاضرات حول الأركيولوجيا الوقائية في المغرب والبحث في ذاكرة المدن، ومدن التراث العالمي، ومحاضرة خاصة حول مدينة مراكش تتضمن مقاربتين رئيستين تتعلقان بواجب الحفاظ والنقل، وتجربة المدينة القديمة في فاس. كما تضمنت الجلسة محاضرة بعنوان حفظ وتثمين تراث عمراني متميز: الملاح، ومحاضرة أخيرة بعنوان من مازيغن إلى الجديدة: مسار تراث عالمي.
معرض يوثق بالصورة مواقع ثقافية وتراثية هامة تعرضت للضرر أو دمرت بالكامل أعمال اليوم الأول للملتقى تضمنت ايضاً زيارة متحف سيدي محمد بن عبدالله في الصويرة، وافتتاح معرض للصور الفوتوغرافية بعنوان: "اليوم التالي للدمار: ظلال التراث"، الذي قام بتنظيمه المركز الإقليمي لحفظ التراث الثقافي في الوطن العربي إيكروم - الشارقة، ويتضمن مجموعة من الصور التي تستعرض التراث الثقافي المدمر في خمس دول في الشرق الأوسط،هي ليبيا، العراق، سورية، فلسطين واليمن، قبل وبعد تعرضه للدمار بهدف الكشف عن حجم الدمار الذي لحق بهذه المواقع. ويوثق المعرض بالصورة مواقع ثقافية وتراثية هامة تعرضت للضرر أو دمرت بالكامل، نتيجة للنزاعات المسلحة، أو بسبب قلة الإدراك وعدم احترام الآخر، أو نقص الوعي حول الأهمية المادية والأخلاقية لهذه المواقع والأمكنة، ليس فقط بالنسبة للدول المتأثرة وإنما للبشرية جمعاء. ويهدف المعرض إلى زيادة الوعي، من خلال عرض الدمار والضرر الكبير الذي لحق بهذه المواقع، وذلك بغية التأكيد على ضرورة التحرك السريع للمجتمع الدولي وبشكل جماعي لحماية وترميم والحفاظ على هذه الكنوز المعروضة من أجل الأجيال القادمة. وتابع الملتقى الدولي حول المدن والتراث في الدول العربية أعماله يومه الثلاثاء، على أن يختتم في يوم الأربعاء في تمام الساعة الثانية عشرة ظهراً بجلسة ختامية تلخص مجمل النتائج والتوصيات التي سوف يتوصل إليها المجتمعون بعد العديد من جلسات الحوار والنقاش والمحاضرات التي يتضمنها هذا الملتقى. ومن المنتظر أن يعمل المنظمون، مع نهاية الملتقى، على إصدار منشورٍ متكامل يضم جميع المشاركات بالإضافةِ للتوصيات التي سينتهي إليها هذا الملتقى، والتي ستأخذ شكل قواعد إرشادية محددة.