يوم الخميس 21 يونيو 2018، وتحت شمس تلفح شوارع العاصمة الجزائرية، ترجل كمال البوشي، المتهم الرئيسي في قضية استيراد 701 كيلوغرام من مادة الكوكايين من البرازيل، من سيارة الدرك الوطني ودخل محكمة « عبان رمضان »، ليخضع لمزيد من التحقيق. كمال شيخي المدعو البوشي (الجزار)، صاحب إمبراطورية استيراد اللحوم والعقار بالعاصمة، ليس المتورط الوحيد في قضية الكوكايين المحجوز بميناء وهران، في شهر رمضان الماضي، حيث جر معه إلى التحقيق شخصيات نافذة، منهم قضاة، وأبناء مسؤولين حكوميين وأمنيين، والقائمة ما زالت مفتوحة. كما أعلنت الرئاسة الجزائرية الثلاثاء 26 يونيو 2018، أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة أقال المدير العام للأمن الوطني، عبد الغاني هامل، من منصبه، وعيّن مصطفى لهبيري على رأس المديرية، وذلك بعد ساعات قليلة من تصريحات لهامل حول قضية تهريب كوكايين. وللوهلة الأولى، حسب عربي بوست، تبدو القضية، التي هزت الرأي العام الجزائري مسألة مرتبطة بحرب على الجريمة المنظمة والفساد، لكن من الصعب إقناع المهتمين بالشأن السياسي الداخلي، بانتفاء علاقاتها برئاسيات 2019 والصراع داخل الحزب الذي يحكم الجزائر بقبضة حديدية منذ الاستقلال. لم تُحدث دعوة الأمين العام لحزب التجمع الوطني الديمقراطي، أحمد أويحيى، الذي يشغل الوزير الأول، الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، لمواصلة مهمته في قيادة البلاد لعهدة أخرى، خلال دورة المجلس الوطني للحزب المنعقدة يوم 21 يونيو 2018– صدى إعلامياً كبيراً، ربما لأن غالبية الجزائريين يرون أن مونديال روسيا 2018، وإقالة النجم رابح ماجر من تدريب المنتخب الوطني لكرة القدم أهم من خطاب سياسي متوقَّع ومنتظر من زعيم ثاني أكبر حزب في البلاد. دعوة أويحيى الرئيسَ بوتفليقة للترشح لعهدة خامسة، سبقتها دعوة الحزب الحاكم (جبهة التحرير الوطني المعروف بالأفلان)، وسار في دربهما رئيس حزب « تجمُّع أمل الجزائر » عمار غول، وكلها لم تجلب الاهتمام الشعبي المتوقع. وفي ثنايا هذا الجمود السياسي، تترقب البلاد نتائج التحقيق في أكبر قضية حجز للمخدرات في تاريخها، فالأمر يتعلق بمحاولة إدخال 701 كيلوغرام من الكوكايين، غُلِّفت في عُلَب اللحم الحلال المستورد من البرازيل، وأَسقطت رؤوساً كثيرة من أصحاب النفوذ والسلطة. ومنذ 30 ماي 2018 -تاريخ حجز الكمية الضخمة- إلى 25 يونيو 2018، لم تعقد أي جهة رسمية ندوة صحفية للكشف عن ملابسات القضية، وسُرِّبت للصحافة معلومات تفيد باستدعاء « ابن الوزير الأول السابق عبد المجيد تبون، والسائق الشخصي للقائد العام للشرطة الجزائرية عبد الغاني هامل، وعدد من رجال القضاء وأسماء أخرى من عالم والمال والأعمال، إلى القضاء؛ للاستماع لهم، إلى جانب المتهم الرئيسي كمال شيخي ». وأصدرت في الأيام الأخيرة، مصالح الشرطة والنقابة الوطنية للقضاة، بيانين، تتهمان فيهما الصحافة بنقل معلومات تشهيرية مغلوطة، ويتعلق الأمر بحسبها، بذكر سائق شخصي للواء عبد الغاني هامل، مع أنه «فعل معزول لسائق ينتمي إلى حظيرة سيارات الشرطة، ومحاولة الإساءة إلى القضاة وتلطيخ سمعتهم ». وبعد الجدل الكبير الذي أُثير حول المتورطين في الفضيحة، كسر وزير العدل، الطيب لوح، جدار الصمت وتحدث للإعلام، الإثنين 25 يونيو 2018، كاشفاً بعض تفاصيل القضية، ومتأسفاً في الوقت ذاته « من ذكر أسماء والتشهير بها دون دليل أو قرينة »، معتبراً أن التحقيقات ما زالت مستمرة.