عرفت مدينة مراكش في الآونة الأخيرة ميلاد العديد من المشاريع الاستثمارية في مجال السياحة العلاجية، مما يؤكد مرة أخرى، مكانة وتوجه حاضرة مراكش نحو الصناعة السياحية الطبية العالمية العصرية، وتعزيز العرض السياحي الإستشفائي الراقي. ويبرز إنجاز هذه المشاريع الإستشفائية مدى التميز الذي تحظى به المدينة الحمراء كوجهة مفضلة للسياحة الطبية العالمية، حيث أصبحت تتوفر على منصات تقنية عصرية وأطباء من مستوى عال وبنيات تحتية طبية وشبه طبية متميزة، تتيح تقديم خدمات طبية للسياح والزبناء تجمع بين العلاجات الطبية والإقامة من أجل التماثل للشفاء بهذه المنشئات. ولعل المشروع الإماراتي -المغربي "مدينة مراكش الطبية"، الذي رصد له غلاف مالي إجمالي يقدر ب40 مليون دولار، يؤكد مرة أخرى، توجه مدينة مراكش نحو تبني هذه الصناعة السياحية الطبية العالمية المتطورة وتعزيز العرض السياحي الإستشفائي الراقي. وتقام هذه البنية العلاجية والسياحية، التي تنجزها الشركة الإماراتية "تسويق للتطوير والتسويق العقاري" المساهمة في الشركة المغربية "شمال جنوب للاستثمار " على مساحة تناهز 21 ألف متر مربع، والتي تزاوج بين الحداثة والتنمية المستدامة، من مستشفى خاص يسع ل160 سرير وفندق يضم 40 غرفة إلى جانب مجموعة من الشقق السكنية والمرافق والخدمات المتنوعة، وتوفر مختلف التخصصات الطبية، ضمنها مركز خاص بمعالجة وزرع الأسنان، بتجهيزات عصرية تعتمد على تكنولوجيا دقيقة وعلى فريق طبي وشبه طبي مؤهل، ومركز متخصص في جراحة العيون والجراحة الانكشارية تستخدم تكنولوجيا وأجهزة عالية الدقة، ومركز لمعالجة المصابين بالشلل النصفي. وأوضح مدير المركز الجهوي للاستثمار بمراكش -آسفي إبراهيم خير الدين، أن هذه البنيات التحتية الاستشفائية والسياحية الكبرى التي تشهدها مدينة مراكش من شأنها تعزيز مكانة المدينة الحمراء وتوجهها نحو الصناعة السياحية الطبية على المستوى الإفريقي والعربي والعالمي، وستحسن العرض الاستشفائي الراقي. وأبرز خير الدين أ ن تموقع مدينة مراكش كوجهة مفضلة ومتميزة في مجال السياحة الطبية وتحسين العرض الطبي بالمملكة والاستقرار السياسي الذي تنعم به من شأنه تعزيز دورها كقاطرة اقتصادية بالقارة الأفريقية وتشجيع الاستثمار وتنمية شبكات الفاعلين الدوليين في مجال السياحة الطبية. ومن جهته، أوضح المدير العام لشركة شمال -جنوب للاستثمار فؤاد المنتصر، أن اختيار الشركة لمراكش لتنفيذ هذا المشروع، يعود بالأساس إلى ما تتوفر عليه المملكة بشكل عام ومدينة مراكش بشكل خاص، من مؤهلات سياحية وطبيعية وأطر طبية عالية التدريب، مشيرا إلى أن الإصلاحات الاقتصادية والفرص الاستثمارية الواعدة بالمغرب تشكل عامل جذب أساسي لاستثمارات الشركة. ويقدم هذا المشروع الطبي الكبير، الذي من شأنه المساهمة في إشعاع مدينة مراكش كحاضرة عالمية للسياحة الطبية، إلى جانب الوحدات الطبية الدولية، يضيف المنتصر، خدمات صحية، توظف أحدث التقنيات الطبية لمواطني بعض البلدان العربية والإفريقية، عوض التنقل إلى المستشفيات الأوروبية، مذكرا في هذا السياق، بأن إدارة هذا المستشفى الدولي عقدت اتفاقيات شراكة مع مؤسسات اقتصادية وحكومية ب24 دولة إفريقية من أجل إيفاد المرضى إلى هذه البنية الإستشفائية. وحسب المدير الجهوي للصحة بمراكش، خالد الزنجاري، فإن مدينة مراكش أصبحت خلال السنوات الأخيرة، تتوفر على سلة من العلاجات الطبية أكثر تطورا من شأنها استقطاب المزيد من السياح والأشخاص المولعين بالسياحة الطبية، بفضل المنصات التقنية العصرية، وأطباء من مستوى عال وبنيات تحتية طبية وشبه طبية متميزة تتيح تقديم خدمات طبية للسياح والزبناء تجمع بين العلاجات الطبية والإقامة الاستشفائية. ويبقى تنوع العروض التي يقدمها المغرب في هذا المجال، من العوامل الرئيسية في استقطاب أكبر عدد من السياح عبر العالم للاستفادة من الكلفة المنخفضة للعلاجات، التي يمكن أن تصل إلى 50 في المائة في العمليات الطبية الخاصة بالأسنان أو إجراء عملية تجميلية بأقل تكلفة أو العلاجات الخاصة بأمراض السرطان أو القلب. وحسب تقرير لإحدى المجلات الرائدة في قطاع الطب السياحي "ميديكال توريزم أنديكس" لسنة 2016، فإن المملكة المغربية تصنف في المركز ال31 من بين أهم الوجهات السياحية ال41 المتخصصة في السياحة الطبية، وبالمرتبة الثالثة في هذا المجال على مستوى البلدان الفرنكفونية ، فيما تفيد المنظمة العربية للسياحة بأن البلدان العربية تنفق سنويا حوالي 27 مليار دولار في السياحة الطبية بالخارج . وحسب منظمة الصحة العالمية، فإن عدد السياح الراغبين في السياحة العلاجية عبر العالم قارب 38 مليون شخص سنويا في ظل سوق يعرف ارتفاعا مستمرا بمعدل يقدر ب15 في المائة سنويا وبمعدل إنفاق ب5000 دولار في كل زيارة، مع توفير مجموعة من العلاجات تجمع بين الطب التجميلي والعلاجات الوقائية، ونمط العيش والتمارين الجسدية.