دعت "قافلة السلام الأمريكية"، اليوم الخميس بالرباط ، الديانات السماوية الثلاث إلى إقامة تحالف عالمي يقدم المنهج الصحيح واللغة المناسبة ويحث على إبراز أن الدين قوة سلام وليس قوة هدم. وأكد المشاركون في مؤتمر "قافلة السلام الأمريكية"، خلال ندوة صحفية انعقدت في ختام هذا المؤتمر الذي نظمته وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، أن هذه القافلة تشكل خطوة مهمة على طريق التعايش والتلاقي بين الأديان السماوية، ومد جسور التواصل وتعزيز قيم التسامح المشتركة بين هذه الأديان وإشاعة قيم السلام في العالم ومحاربة الكراهية والتطرف. وفي هذا السياق، قال رئيس "منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة"، الشيخ عبد الله بن بيه، "إننا وصلنا إلى اتفاق مع ممثلي الديانات السماوية الثلاث من أجل إيجاد صيغة مثلى لتشكيل حلف للتعاون؛ نبرز من خلاله القيم الدينية المثلى في تعزيز التلاقي والتعايش السعيد بين البشرية". وأوضح أن " هذا التحالف، الذي تعمل من أجله قافلة السلام الأمريكية، هو في الأصل تلاقي أفكار، وتعايش الإنسان مع أخيه الإنسان... ودورنا هو العمل على إظهار هذا التقارب وتحويله إلى سلوك يومي يمارسه المرء"، مضيفا "لذلك نحن نعمل على جبهتين لدحض الأفكار المضللة من جهة، وترويض وسائط التواصل الحديثة، من جهة ثانية، لأنها تشكل معيقات وهو ما يساهم في تشويش الأذهان، وتشتيت الجهود". واعتبر أن إعادة المنهج الدراسي، خاصة المادة الفلسفية، إلى أيادي عالمة وأمينة، سيساهم في تقديم مقاربات عقلانية تتصدى للفكر المتطرف الذي يصدر عن الجهل، مبرزا أن الفلسفة المؤمنة، أو الفلسفة الحقيقية، هي تلك التي تجيب عن الأسئلة، ولا تتناقض مع الوحي أو العقل. وسجل أن محطة الرباط لن تكون الأخيرة، "لأن نهر السلم يفترض أن يجري في العالم كله، ما يقتضي أن تكون المصالحة بين رجال الدين خطوة بالغة الأهمية، رغم أن هؤلاء ليست لديهم أجنحة إنما هم يتحركون بفضاءات محدودة سواء في معابدهم أو مجتمعاتهم، مما يستدعي بذل المزيد من الجهود في إطار تعزيز ثقافة المصالحة من أجل أن تسهم هذه المجهودات في حل جميع القضايا العالقة، ومن أجل تحقيق السلام على كل المستويات في العالم". من جانبه أبرز وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، السيد أحمد التوفيق، أن مسألة السلم لا يمكن أن تبرمج في سنتين أو ثلاث سنوات، بل هي مسألة مرافقة للبشرية، وهي الجهاد الحقيقي، موضحا أن اجتماع ممثلي الديانات السماوية في هذا الملتقى هو تعبير وانخراط والتزام قصد الوصول إلى تحقيق السلم العالمي. وأوضح الوزير أن هناك ثلاثة أنواع من العدوان التي ينبغي التصدي لها، هي الجهلة والمبطلين العدميين والغلاة الذين يحرفون الدين، مبرزا أن علماء المملكة المغربية لديهم وعي تام بمواجهة ومحاربة هذه الأنواع من العدوان، غير أن الأمر ليس بهذه السهولة في سياق عالمي فيه تداخل والتباس في شرح الأمور وانسياق لفهم عمقها. واعتبر أن "قافلة السلام الأمريكية" تشكل خطوة مهمة على درب التعايش، داعيا إلى "مواصلة العمل بهذا الزخم لتحقيق النتائج المأمولة في المحافظة على إنسانيتنا التي كرمنا الله بها". وذكر بتجربة المغرب العريقة في التعايش، وبدور مراكز البحث والعلوم والفقه المتخصصة في مواجهة فكر الإقصاء والانعزال والتطرف. وعرف هذا المؤتمر الذي نظم بشراكة مع "منتدى السلام في المجتمع الاسلامي" مشاركة ممثلي الديانات من حوالي 20 من كبريات المدن الأمريكية، بهدف بناء جسور تمكن من تشييد مجتمع متراص في الولاياتالمتحدة. وتضمن برنامج هذه التظاهرة مناقشات وتأملات حول ضرورة إرساء وحدة بين زعماء كافة الاديان السماوية لمواجهة التطرف والعنف الذي يستشري في العالم باسم الدين، عبر ورشات وجلسات تبحث سبل تعزيز العيش المشترك بين أتباع الديانات السماوية، مع تأكيد دور رجال الدين في النهوض بثقافة السلام. يذكر أن "إعلان مراكش لحقوق الأقليات الدينية في العالم الإسلامي"، الصادر في ختام مؤتمر "الأقليات الدينية في الديار الإسلامية..الإطار الشرعي والدعوة إلى المبادرة"، الذي احتضنته مدينة مراكش في يناير 2016، كان قد دعا ممثلي مختلف الملل والديانات والطوائف إلى التصدي لكافة أشكال ازدراء الأديان وإهانة المقدسات وكل خطابات التحريض على الكراهية والعنصرية، مع التأكيد على عدم جواز توظيف الدين في تبرير أي نيل من حقوق الأقليات الدينية في البلدان الإسلامية.