وفاة السفير منور عالم خسارة كبيرة للديبلوماسية المغربية. لقد كان ديبلوماسيا مجربا من الطراز الرفيع، منخرطا بشكل كامل في وظيفته في خدمة عاهل البلاد وفي خدمة وطنه، ويحظى باحترام الجميع لخصاله الإنسانية والمهنية. كان منور عالم رجل حوار والتزام، قريبا من الناس، يولي كل الاهتمام اللازم لمحاوريه ومقربيه. كان وطنيا استثنائيا، وضع الدفاع على مصالح المغرب ووحدته الترابية، في جوهر مهامه المهنية وعمله، المتسم دائنا بقوة الإقناع والاستماع. تابع بشغف كبير الرهانات والتحديات الكبرى التي قطعها المغرب في كل المجالات (السياسية والديبلوماسية والاقتصادية ...) وحضر كل أطوار المفاوضات مع الهيئات الأوروبية، فكان بحق فاعلا مؤثرا في العلاقات المغربية الأوروبية، ساهرا على تعزيزها وتقويتها بصورة مستديمة. لم يكن فقط فاعلا مباشرا، بل شخصية حظيت بالإجماع في كل المؤسسات الأوروبية في بروكسيل، وتحديدا المجلس الأوروبي والمفوضية الأوروبية والبرلمان الأوروبي والأمانة العامة لحلف شمال الأطلسي (ناتو). كان مرجعا معرفيا لا محيد عنه، خبر بدقة شديدة أساليب اشتغال هياكل الموسسات الأوروبية، مع فهم عميق وإلمام شامل بالقضايا المشتركة بين المغرب والاتحاد الأوروبي (اتفاقية التبادل الحر، الصيد، الفلاحة، الوضع المتقدم ...) حيث كان من أبرز الوجوه التي أسهمت في إخراجها لحيز التنفيذ. كان ديبلوماسيا محنكا خلال المفاوضات، من خلال معرفته السياسية المرجعية، ما فتح أمامه المجال لقيادة كل المفاوضات التي شارك فيها، باحترافية عالية وصبر وحذر. دافع عن بلاده في إنكار كامل للذات. حماسه وروحه الدينامية النشيطة وصراحته وتواضعه، ستضاحب ذكراه إلى الأبد. تعازينا ومواساتنا نقدمها أيضا لزوجته السيدة مريم التي واكبته على امتداد مساره الديبلوماسي المتميز، ولأبنائه جميعا. يوسف العمراني